الدكتور هيثم الزبيدي.. الغائب الحاضر بيننا على الدوام

رحل الدكتور هيثم الزبيدي ليبقى الغائب الحاضر بيننا على الدوام.. بيننا كفريق غرس فيه روح المودة والألفة ورسخ فيه معنى أن نكون أسرة واحدة.

الغائب الحاضر بيننا على الدوام.. كلمات قد لا تفي الرجل حقه لكنها أقرب تعبير عن جوهر الخلود والتأثير الدائم.. إنها حالة حيث الغياب الجسدي أو الظاهري لا يُقلل من قوة الوجود الروحي والفكري أو العاطفي، بل قد يعززه ويجعله أكثر رسوخا في الوعي الجماعي أو الفردي. وهذا هو حال غياب الدكتور هيثم الزبيدي مؤسس موقع ميدل ايست اونلاين ورئيس تحريره ورئيس مجلس إدارة دار 'العرب'.

 رحل ولم يرحل بما تركه من ارث ثقافي ومعرفي وبما خطه في الصحافة المكتوبة والالكترونية وبما زرعه فينا من مثابرة وحبا للمهنة وثقة في النفس... ليبقى دائم الحضور حتى وان غاب عنا.

رحل الدكتور هيثم رحمه الله لكن أثره وتأثيره باق فينا وبيننا كأسرة تحرير وكعائلات اعتادت على مدار سنوات حضوره بيننا بالكلمة الطيبة وبالسؤال عن أحوالنا وأحوال عائلاتنا.

كان المياسترو الذي يتقن فن التحرير والتوجيه والتواصل.. كان قائد الأوركسترا في تشكيل الأداء العام للفريق بين السياسة والاقتصاد والمنوعات والتكنولوجيا والرياضة.. كان رحمه الله يمقت الجمود والرخاوة في الشغل ويستحث الهمم بتدخلات رشيقة يراوح فيها بين الشدة والمزاح.

كان القريب منا انسانيا ومهنيا في كل دقائق الأمور.. كان ليّنا وشديدا.. كان حضوره دائم لا يتزعزع حتى إن غاب عنا لانشغالات مهنية أو شخصية... كان استثنائيا في كل شيء.

رحيل الدكتور هيثم الزبيدي مؤلم وقاس، لكن غيابه الجسدي تحول فينا إلى حضور عاطفي ونفسي.. كلماته ورسائله اليومية التوجيهية لشخصي أو لفريق العمل جعلته الحاضر بيننا على الدوام.. رحل، لكنه ترك بصمة لا تُمحى في وعينا.. غاب عنا جسدا وبقي فينا ومعنا قيمة وقامة.

"أنا بابي مفتوح لكم.. أنا جندي من جنود الفريق.. إذا احتجتم المساعدة أنا موجود، فقط أبلغوني".. بتواضع قلّ نظيره كان يردد تلك الكلمات في محادثات خاصة ونحن نعد خطط عمل لتطوير الأداء في التحرير وفي منصات التواصل الاجتماعي لموقعي ميدل ايست أونلان والعرب أون لاين.. كان أحرص ما يكون على ترسيخ فكرة أننا فريق واحد كل منا يكمل الآخر.

كان الحاضر بيننا في أدق التفاصيل حتى في ذروة أزمته الصحية التي لم نكن نعلم عنها الكثير.. كان حضوره الدائم يجعلنا نراها أزمة عابرة.. لم يشعرنا حتى وهو يقترب من الرحيل أنه على أعتاب الرحيل.

رحم الله هيثم الزبيدي.. عزاؤنا أنك باق بيننا حتى وان استعجلت الرحيل.