العراق يتعهد باستعادة الإيزيديات المختطفات في سوريا

فؤاد حسين يؤكد أن الحكومة العراقية تواصل جهودها الاستخبارية والإنسانية في سبيل تحرير من تبقى من النساء المختطفات، خاصة في ضوء المتغيرات التي تشهدها الساحة السورية.

بغداد - في مشهد يعكس حجم المأساة التي خلفها تنظيم داعش، جدد العراق على لسان مسؤوليه التزامه الإنساني والوطني بإغلاق ملف المختطفات الإيزيديات، عبر جهود حثيثة تبذلها الحكومة الاتحادية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان، وبالتوازي مع تحركات إقليمية ودولية تهدف إلى معالجة أوضاع المخيمات التي تأوي آلاف النساء والأطفال في شمال شرق سوريا.
وجاء ذلك خلال المؤتمر الإقليمي للخبراء حول الأشخاص المفقودين، الذي انعقد مؤخرًا في العاصمة بغداد، بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية ووفد رسمي من إقليم كردستان. وفي المؤتمر، أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن غالبية الإيزيديات اللواتي اختطفهن تنظيم داعش عقب اجتياحه لقضاء سنجار في صيف عام 2014، نُقلن إلى داخل الأراضي السورية، لا سيما في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.
وأوضح حسين أن الحكومة العراقية تواصل جهودها الاستخبارية والإنسانية في سبيل تحرير من تبقى من النساء المختطفات، خاصة في ضوء المتغيرات التي تشهدها الساحة السورية، مشيرًا إلى وجود تعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين في هذا الملف المعقد. وقال الوزير: "نعمل مع جميع الجهات المعنية لجمع المعلومات حول مصير المختطفات، وننسق مع شركائنا داخل سوريا وخارجها للإفراج عنهن وإعادتهن إلى أسرهن".
من جانبه، أشار زيدان خلف، مستشار رئيس الوزراء لشؤون حقوق الإنسان، إلى أن ملف المفقودين لا يزال يمثل واحدة من أكثر القضايا المؤلمة في الذاكرة العراقية الحديثة، مضيفًا أن "الحكومة العراقية، إدراكًا منها لثقل هذا الملف، وضعت قضية المغيبين، خصوصًا من ضحايا الإبادة الإيزيدية، على رأس أولوياتها".

الحكومة وضعت قضية المغيبين على رأس أولوياتها

وأشار خلف إلى التنسيق الوثيق بين الحكومة ومؤسسات أمنية وإنسانية، مثل دائرة شؤون الناجيات الإيزيديات، حيث تمكنت الدولة من إعادة عدد من المختطفات إلى ذويهن، بالتعاون مع جهاز الأمن الوطني وجهاز الاستخبارات. كما كشف عن تخصيص مكافآت مالية لأي شخص يدلي بمعلومات تسهم في العثور على ناجيات، مؤكداً وجود تعاون متواصل مع الطب العدلي لتحديد هويات الضحايا من خلال فحوصات الحمض النووي.
وشهد قضاء سنجار ذي الغالبية الإيزيدية واحدة من أبشع الجرائم التي ارتكبها التنظيم المتطرف، عندما اجتاح المنطقة في أغسطس/آب 2014، مرتكبًا مجازر جماعية وعمليات اختطاف واغتصاب ممنهجة. وتمكنت قوات البيشمركة، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، من استعادة السيطرة على سنجار في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، قبل أن تعلن الحكومة العراقية القضاء على وجود داعش في محافظة نينوى في 2017.
ومع ذلك، ما زال مصير الآلاف من النساء والأطفال الإيزيديين مجهولًا. وتقدر الإحصائيات الرسمية أن نحو 2592 شخصًا – معظمهم من النساء والأطفال – ما زالوا في عداد المفقودين من أصل 6417 إيزيديًا تعرضوا للاختطاف. وتشير تقارير النائب الإيزيدي في البرلمان، محما خليل، إلى أن من بين المختطفين 600 طفل اختطفوا في سن مبكرة.
ووفقاً لوزارة الخارجية الأميركية، لا تزال أكثر من 2600 فتاة وامرأة إيزيدية مفقودة حتى أغسطس/اب 2024، في حين تواصل الفرق العراقية والدولية أعمالها في فتح المقابر الجماعية التي خلفها داعش، حيث تم توثيق أكثر من 93 مقبرة جماعية في المناطق المحررة، بينما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود أكثر من 200 مقبرة قد تضم ما لا يقل عن 12 ألف جثة.
وسط هذه المعطيات، يؤكد المسؤولون العراقيون أن حل ملف المخيمات في سوريا – خصوصاً تلك التي تضم أسرًا لعناصر التنظيم – بات ضرورة إنسانية وأمنية. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن هناك حوارات مستمرة بين العراق ودول الجوار والمنظمات الدولية لإنهاء معاناة المحتجزين في تلك المخيمات، وإغلاق هذا الملف المؤلم الذي طبع الذاكرة العراقية والعالمية بمرارات لا تُنسى.