'الموروث' تتناول التراث الحكائي الموريتاني

المجلة الصادرة عن معهد الشارقة للتراث تضيء في عددها الجديد على التراث الإنساني وقضاياه.

صدر في الإمارات العربية المتحدة أخيرا العدد رقم 38 من مجلة "الموروث" الفصلية المحكمة المعنية بالتراث العربي والإنساني، والتي تصدر عن معهد الشارقة للتراث.

وقد احتوى العدد على مجموعة من الموضوعات التي تدور في فلك التراث وقضاياه وحاضره ومستقبله، والتي تناولها الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس التحرير بالنقاش في مقاله الافتتاحي الذي تصدر صفحات المجلة.

وعلى صفحات العدد: قدّمت الباحثة رؤى قدّاح دراسة ثقافية معمقة بعنوان "الفلسفة السياسية والأنساق الثقافية في حكايات مرايا الأمراء الموريتانية"، حيث تناولت قدّاح الموروث الحكائي الموريتاني، وتحديداً "مرايا الأمراء" في كتاب "حكايات الحيوان". وأكدت على أن هذه الحكايات تتبع نسقاً عربياً قديماً، يستهدف وعظ السلاطين والحكام، ويكشف عن نسق السلطة الثقافي، سواء رمزياً عبر الحيوان أو من خلال اللاوعي الجمعي الذي يهدف إلى شيطنة الأنوثة أو تجسيد "الأنا القاتلة".

وضمن دراسات العدد، نقرأ للباحث عبدالسلام الجعماطي مشاركة بحثية بعنوان "كتب الأموال والتجارة والأحجار الكريمة في التراث العربي". سلّط خلالها الضوء على جانب من الموروث العربي الإسلامي، متمثلاً في النظام المالي والخدماتي ووكالات الأعمال التجارية في مجال المعادن النفيسة. وكشف الجعماطي عن أصالة النظام الاقتصادي في "دار الإسلام"، القائم على "دعامتي التعاقد والتثمير الاقتصاديين"، مشيراً إلى أنه نظام مالي مصرفي وتجاري لا ربوي، سبق به الغرب في أنظمته الاقتصادية.

وفي قسم الدراسات أيضا: تناول الباحث والأكاديمي فاضل عبود التميمي الموروث الحكائي للجاحظ المبثوث في "كتاب الحيوان"، مستخدماً منهج الدراسات الثقافية. وسعى عبود لتحليل وتصنيف الحكايات من خلال ارتباطها بسلوك البشر وعاداتهم وتقاليدهم، مبيناً رؤية الجاحظ للحياة عبر ثنائية الإنسان والحيوان، وتجليات الصياغة السردية للحكايات.

وفي الدراسات كذلك نُطالع دراسة للباحث خالد صالح بريك إلى دراسته حول "الزخارف الحضرمية بين الاندثار والإحياء .. رؤية جديدة"، حيث أبرز بريك أن حضرموت تعد معلماً غنياً بتراثها المعماري والزخرفي ذي الأبعاد الاجتماعية والدينية والجمالية، والذي استلهم رموزاً آسيوية وأفريقية وهندية. وعكف الباحث على قراءة نماذج من هذا التراث للإجابة عن سؤال كيفية الحفاظ عليه وتأصيل هويته.

وفي مبحث الحكاية الشعبية والشخصية الروائية، قدّم الباحث الأكاديمي عبده منصور المحمودي دراسة سعى من خلالها إلى الكشف عن تماهي الشخصية مع كائنات العالم الخفي.

وجال بنا الباحث محمد الجزيراوي في واحة نفزاوة، الواقعة في الجنوب الغربي من تونس، مستعرضاً ما حوته من خصائص ميزتها، والخيرات التي أفاضت بها على سكان القرى. وكشف الجزيراوي عن المعارف والمهارات التقليدية لدى السكان المرتبطة بالنخلة، والتي ميزت طريقة عيشهم، لاسيما في تلبية احتياجاتهم من مسكن ومأكل وملبس، فبرزت صناعة الأواني من سعف النخيل، وتحولت أجزاء النخلة إلى أدوات وحرف، فضلاً عن تسرب مفردات النخيل إلى مباهجهم واحتفالاتهم في شكل أهازيج وأغانٍ.

ومن بين دراسات العدد، دراسة للباحث درويش الأسيوطي بعنوان "من فنون الأداء الحركي في التراث الشعبي المصري"، والتي قدمت دراسة تأصيلية لمفهوم الفن الأدائي. تناول الأسيوطي الفن الآدائي ضمن بعديه الشعبي والاستعراضي، والفردي والجماعي، متوقفاً عند أشكاله الطقسية الصوفية والاحتفالية والجنائزية، خصوصاً في مصر حيث كان الرقص جزءاً لا يتجزأ من طقوس العبادة. وقام الباحث بتصحيح بعض التصورات السائدة حول ضروب الرقص الشعبي.

ووقف الأكاديمي عبدالحكيم خليل على دراسته الإثنولوجية لمجتمع الصعيد في مصر، من خلال تسليط الضوء على علم الأنساب وأبعاده الاجتماعية. وأوضح خليل أن الصعيد يتمتع بخصوصية في علاقاته الاجتماعية، وأنظمة وأعراف تحكمه، وتتبوأ فيه الأنساب قيمة اجتماعية كبرى تقترب من التقديس داخل العائلة التي تتولى مسؤولية نقلها جيلاً بعد آخر.

وفي قسم المقاربات، قدّم هاني هياجنة قراءة وافية في كتاب جانيت بليك "صون التراث الثقافي غير المادي: تفسير عملي لاتفاقية اليونسكو العام 2003". هدفت القراءة إلى استجلاء أهمية كتاب أستاذة القانون والمستشارة الدولية لليونسكو منذ عام 1999، في مجال التراث الثقافي غير المادي وتنفيذ الاتفاقية التي سبق لها صياغة دراستها الأولية القانونية والفنية. وسعت القراءة أيضاً إلى بيان التدابير المتبعة في الاتفاقية وتفسيرها العملي، مستندة إلى تجارب الدول والجهات ذات الصلة، ما يكشف عن قيمة الجهد الكبير للمؤلفة التي اعتمدت على عدد غير قليل من دراسات الحالة، وحددت الحلول والاستراتيجيات العملية لصون التراث، واستشرفت التطورات المحتملة لتطبيق الاتفاقية.

وفي حقل "عروض الكتب"، قدّم الباحث هشام عدرة عرضاً لكتاب "التراث الشعبي في منطقة سلمية بسوريا". أوضح عدرة أن سلمية معروفة بتنوعها السكاني وبتراثها الذي يجمع بين تراث البادية والتراث الساحلي، والذي ظل حاضراً في الذاكرة الجمعية، سواء في التراث العمراني والمنزلي أو ما اتصل بالتقاليد والألبسة والأطعمة والألعاب والأغاني الشعبية وغيرها. وكشف العرض عن الجهد المبذول من مؤلف الكتاب وأهميته.

يذكر أن مجلة "الموروث" هي مجلة فصلية تعنى بالموروث الثقافي، وتصدر عن معهد الشارقة للتراث، ويرأس تحريرها الدكتور عبدالعزيز المسلم، ومدير التحرير الدكتور صالح هويدي، وتضم الهيئة الاستشارية للمجلة الدكاترة: حمد بن صراي، وخزعل الماجدي، وسعيد يقطين، وضياء الكعبي، وعبدالحميد بو رايو، ومحمد الجويلي، ومحمد حسن عبدالحافظ.. فيما تضم هيئة التحرير الدكاترة: راشد المزروعي، عبدالله المغني، عبدالله يتيم، مبروك بو طقوقة.. فيما تتولى لطيفة المطروشي السكرتارية التنفيذية، والتصميم والإخراج لمنير حمود، والتدقيق اللغوي لبسام الحفل.