ذكاء ميتا الاصطناعي ينشر الغسيل الداخلي للمحادثات!

فضيحة خصوصية تواجه الشركة المالكة لفيسبوك بعد اكتشاف أن آلاف المستخدمين ينشرون محادثاتهم الحساسة علنًا دون علمهم، ما سمح بتتبع هوياتهم وربط استفساراتهم المحرجة بحساباتهم على وسائل التواصل.

واشنطن - تخيّل أن سجلّ بحثك على الإنترنت قد نُشر علنًا دون علمك! هذا ليس مشهدًا من فيلم رعب في القرن الحادي والعشرين، بل ما يحدث حاليًا لمستخدمي تطبيق "ميتا امي أي" الجديد، حيث يتفاجأ عدد متزايد من الأشخاص بأن محادثاتهم مع روبوت الذكاء الاصطناعي قد أصبحت متاحة للعلن عبر موجز عام في التطبيق، يمكن لأي شخص تصفحه.

التطبيق، الذي أطلقته شركة "ميتا" في أبريل/نيسان، يتيح للمستخدمين التفاعل مع الذكاء الاصطناعي عبر "فيسبوك" و"إنستغرام" و"واتساب"، أو عبر تطبيق مستقل يحتوي على موجز عام يُدعى "Discover" يُفترض أنه يَعرض فقط المحتوى الذي يختار المستخدم مشاركته.

غير أن الواقع يبيّن أن كثيرين ينشرون دون إدراك محادثات نصية وتسجيلات صوتية وصورًا، قد تحتوي على معلومات حساسة أو مُحرجة — بدءًا من أسئلة شخصية عن الهوية الجندرية، مرورًا بمساعدة على الغش في الاختبارات، وانتهاءً بطلبات لتوليد صور لشخصيات شبه عارية.

وقد رصدت بي بي سي وتِك كرانش أمثلة مقلقة، من بينها مستخدم سأل: "Hey Meta, why do some farts stink more than others?"، وآخر يطلب من الذكاء الاصطناعي مساعدته في التهرّب الضريبي أو كتابة رسالة تزكية لصديق يواجه مشاكل قانونية، مع ذكر اسمه الكامل.

وفي حالات أخرى، ظهرت استفسارات تحمل عناوين سكنية وتفاصيل قضايا قضائية حساسة، أو حتى طلبات توليد صور مثيرة يمكن تتبعها إلى حسابات على إنستغرام بسبب الاسم المستعار أو صورة الملف الشخصي.

الطلبات التي تنشرها ستكون علنية ومرئية للجميع...

رغم أن ميتا تؤكد أن المحادثات خاصة بشكل افتراضي، إلا أن خيار "النشر العام" قد يكون مُضللًا، ولا يتضح للمستخدمين دائمًا ما إذا كانت منشوراتهم ستظهر علنًا، أو إن كانت سترتبط بحساباتهم الاجتماعية. وعند مشاركة منشور، تظهر رسالة تحذيرية تقول: "الطلبات التي تنشرها ستكون علنية ومرئية للجميع... تجنب مشاركة معلومات شخصية أو حساسة." لكن هذا التحذير لم يمنع حصول كوارث خصوصية.

وقالت رايتشل توباك، المديرة التنفيذية لشركة "SocialProof Security"، إن ما يحدث يمثل "مشكلة ضخمة في تجربة المستخدم والأمان"، مشيرة إلى أن الناس لا يتوقعون أن تظهر محادثاتهم مع روبوت الذكاء الاصطناعي ضمن موجز عام مرتبط بهويتهم. وأضافت: "إذا لم تتوافق توقعات المستخدم مع الواقع، فلدينا مشكلة خطيرة."

المثير للسخرية، أن التطبيق، الذي لم يحقق سوى 6.5 مليون تحميل منذ إطلاقه، رغم كونه منتجًا لشركة استثمرت مليارات في الذكاء الاصطناعي، بدأ يتحوّل إلى ساحة للفوضى والتصيد، حيث بدأ البعض في نشر سيرهم الذاتية وطلب وظائف في الأمن السيبراني، أو استفسارات غريبة من حسابات تحمل رموزًا مثل "Pepe the Frog".

وبينما يبدو أن ميتا كانت تهدف إلى خلق مساحة للمشاركة والاستكشاف الجماعي، فإن ما تحقق فعليًا هو تعرّض المستخدمين لما يشبه الكابوس الرقمي، حيث تتحول الاستفسارات العفوية إلى مادة للفضيحة والتتبع. وقد يتطلب الأمر وقتًا طويلًا لإصلاح الأضرار، إذا أمكن أصلًا إصلاحها.