سوريا تراهن على خطة لتحسين الواقع المعيشي مع ضعف القدرة الشرائية

إلغاء عدد من الرسوم والضرائب مع التوجّه نحو فرض ضرائب أقل وأكثر شمولاً في ظل مساعي لأن تكون سوريا من بين أكثر الدول تنافسية في نظامها الضريبي.

دمشق - أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية، أن الحكومة تعمل على تحسين الواقع المعيشي للمواطنين من خلال برامج تشمل زيادة الرواتب، وتقديم إعفاءات ضريبية، وتشجيع الاستثمار، في ظل تزايد شكاوى المواطنين من صعوبة تأمين الاحتياجات الأساسية.

ويعيش الشعب السوري أوضاعا اقتصادية صعبة، إذ يعاني لتأمين الوجبة الأساسية للأسرة، والتي قد تكون شديدة الارتفاع، بسبب الغلاء وتدني مستوى المعيشة.

وعلى الرغم من تعهد الإدارة السورية الجديدة ومساعيها من أجل تحسين المستوى المعيشي للمواطن إلا أن التدهور الاقتصادي مستمر مع تزايد شكاوى المواطنين من الغلاء بسبب رفع الدعم عن العديد من السلع الأساسية.

وقال برنية خلال اجتماع عقده السبت مع عدد من التجار والصناعيين في محافظة درعا،على أهمية العلاقة الشفافة مع القطاع الخاص، والعمل على خلق بيئة مواتية للاستثمار، مشيراً إلى سعي الوزارة لإقرار نظام ضريبي جديد يتسم بالعدالة والشفافية، ويعتمد على إجراءات مبسطة ورسوم مخفّضة.

وأثارت زيارة بعثة صندوق النقد الدولي الأخيرة إلى سوريا تساؤلات حول ما إذا كانت تمهد الطريق أمام برنامج دعم اقتصادي تشارك فيه المؤسسات الدولية لإنقاذ الاقتصاد السوري من أزمته المستمرة منذ أكثر من عقد.

وحدد تقرير صندوق النقد الدولي الأخير مجموعة من التحديات قصيرة الأمد التي يتوجب معالجتها فوراً، وتشمل إقرار موازنة عام 2025 وتعزيز الإيرادات الحكومية عبر الضرائب والجمارك وتقوية مؤسسات الدولة وتفعيل دور البنك المركزي في ضبط السياسات النقدية، إضافة إلى بنود أخرى.

وأشار الصندوق إلى أن التعافي يتطلب إصلاحات مالية ونقدية عاجلة، وتفعيل دور القطاع الخاص، وإعادة بناء الثقة بالعملة والنظام المصرفي.

وبيّن برنية أن الوزارة تسعى إلى إعادة بناء الثقة من خلال تقديم إعفاءات ضريبية تشمل مختلف القطاعات، بما فيها الزراعة، مع منح مدن الأطراف والمناطق المنكوبة إعفاءات وتسهيلات إضافية لإعادة الإعمار، بهدف توفير فرص عمل جديدة، بحسب ما نقلت وكالة "سانا".

وأكد الوزير أن النظام المالي يشهد تحسناً تدريجياً رغم التحديات، لافتاً إلى وجود خطط وبرامج لتحسين الواقع المعيشي للمواطنين، وإطلاق استثمارات كبرى تؤثر إيجاباً في القطاعين العام والخاص. مضيفا أن المرحلة المقبلة ستشهد شراكة جديدة مع القطاع الخاص ودعماً متزايداً للمشاريع الصغيرة والتمويل الأصغر.

من جانبهم، طالب التجار والصناعيون بمنح إعفاءات ضريبية للمستثمرين في درعا، لإطلاق حملة إعادة إعمار شاملة، وإلغاء الاستعلام الضريبي، وإعادة النظر في إشراك عمال القطاع الخاص بمؤسسة التأمينات الاجتماعية.

واقترح المشاركون في اللقاء فتح باب القروض للمشاريع الصغيرة، ورفع الحجز المالي عن بعض التجار المتضررين من النظام السابق، واعتماد برنامج تصديري، وتشجيع شركات التطوير العقاري، وسن تشريعات لتطوير النظامين المالي والضريبي، ورفع الحد الأدنى المعفى من ضريبة الرواتب والأجور.

وأطلقت وزارة المالية أولى جلسات لجنة الإصلاح الضريبي، مساء الخميس الماضي، لمناقشة المحاور الأساسية لعملية الإصلاح الضريبي في البلاد.

وناقش المشاركون أبرز التحديات المالية والاقتصادية التي تواجه سوريا حالياً، مشيرين إلى أن النظام الضريبي المعمول به حالياً لا يحقق العدالة الاقتصادية ولا يخدم مصالح القطاع الخاص، كما لا يسهم في تحريك عجلة الصناعة.

واتفق أعضاء اللجنة على حزمة من الإجراءات الإصلاحية، من بينها تبسيط الإجراءات، وتخفيض الشرائح الضريبية، وتوحيد أنواع الضرائب، وفقاً لما نقلته وكالة "سانا".

وأوضح الوزير أن العمل جارٍ على وضع نظام ضريبي حديث يهدف إلى تعزيز النمو والتنافسية، مؤكداً أهمية التوافق مع القطاع الخاص، واعتبار الدولة شريكاً في العملية الاقتصادية لا مجرد جهة جباية.

كما دعا برنية إلى التريث في تنفيذ الإصلاحات، مشدداً على ضرورة صياغة نظام متوازن يخدم البلاد على المدى البعيد، مشيراً إلى أن الإصلاحات لن تقتصر على فترة قصيرة، بل ستكون طويلة الأمد.

وخلال الجلسة، أعلن الوزير عن إلغاء عدد من الرسوم والضرائب، مع التوجّه نحو فرض ضرائب أقل وأكثر شمولاً، لافتاً إلى أن سوريا تسعى لأن تكون من بين أكثر الدول تنافسية في نظامها الضريبي.

ويقول خبراء في الاقتصاد إن ثمة عاملا وحيدا يمثل بوابة الاستثمار ومفتاح الاستقرار في سوريا، وهو الأمن الذي يمهد الطريق لعودة سوريا إلى ما كانت عليه.