حرب إيران تختبر صمود إسرائيل

العديد من الإسرائيليين يدعمون قرار نتنياهو بالهجوم على إيران، معتبرين أن الصراع سيصب في نهاية المطاف في مصلحة الدولة العبرية.

القدس - بعد مرور أربعة أيام على اندلاع الحرب مع إيران يشعر الإسرائيليون بالارتباك والقلق، ومع ذلك لا يزالون صامدين ويدعمون قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمواجهة عدو لدود.

وأمر نتنياهو بشن هجوم مفاجئ على إيران في الساعات الأولى من يوم الجمعة متعهدا بإنهاء طموحات طهران النووية التي يقول إنها تمثل تهديدا وجوديا لإسرائيل.

وردا على ذلك أطلقت إيران وابلا من الصواريخ الباليستية التي أحدثت دمارا وأثارت أيضا مشاعر التحدي بين بعض ممن طالتهم تداعيات الغارات.

وقال سوكي يورام وهو يقف أمام بناية سكنية مدمرة جزئيا في منطقة بتاح تكفا إلى الشرق مباشرة من تل أبيب، والتي أصيبت بصاروخ خلال الليل أسفر عن مقتل أربعة أشخاص "نثق بالرب وببيبي (بنيامين) نتنياهو"، مضيفا "نحن معك حتى النهاية، لا تتوقف، استمر ... لا يوجد خيار آخر".

ودُمرت عشرات من المباني السكنية والمباني الأخرى في وسط وشمال إسرائيل بسبب موجات الصواريخ منذ يوم الجمعة، مما أسفر عن مقتل 24 شخصا وإصابة المئات.

وفاقت شدة الدمار ما تمكن مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" في قطاع غزة أو مسلحو حزب الله في لبنان المجاور من إلحاقه بإسرائيل خلال عقود من المواجهة.

وقال آدي شيندلر (71 عاما)، وهو من سكان القدس "إنه أمر محزن للغاية. ونحن لا نريد أن نفقد أي شخص. ولكن ماذا يمكننا أن نفعل".

وحذر نتنياهو مرارا من أن إيران تسعى إلى تطوير أسلحة نووية وتريد توجيهها إلى إسرائيل، وهي دولة صغيرة يعيش فيها نصف يهود العالم تقريبا.

وقالت طهران إن برنامجها النووي مخصص لأغراض مدنية فقط، لكن الإسرائيليين، الذين تشكل مجتمعهم على ذكرى المحرقة النازية، يرون خلاف ذلك. وقال شيندلر "ليس لدينا خيار. هذا أفضل من أن تأتي الصواريخ إلينا، صواريخ نووية. ومن ثم نموت جميعا".

وطالت الغارات الجوية الإسرائيلية قيادات إيرانية في المجالين النووي والعسكري. وقال مسؤول إيراني إن عدد القتلى في إيران وصل إلى 224 قتيلا على الأقل، ويمثل المدنيون 90 بالمئة منهم. ويفر الآلاف من سكان طهران من منازلهم ويخزنون الإمدادات الأساسية خوفا من تصعيد الحملة الإسرائيلية في الأيام المقبلة.

ويُعتبر نتنياهو شخصية مثيرة للانقسام في إسرائيل. يلومه الكثيرون على فشله في منع هجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 على جنوب إسرائيل، والتي أسفرت عن مقتل نحو 1200 شخص واندلاع حرب ضارية لا تزال مستمرة في غزة.

نحن معك حتى النهاية، لا تتوقف، استمر.. لا يوجد خيار آخر

واتهمه سياسيون معارضون بإطالة أمد هذا الصراع لتجنب المحاسبة على الإخفاقات الأمنية في عام 2023. إلا أنهم وحدوا صفوفهم منذ أن شنت القوات الجوية الإسرائيلية هجومها الشامل على إيران في 13 يونيو/حزيران.

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد "عندما يتعلق الأمر بأمن شعب إسرائيل في مواجهة أعدائنا، فنحن شعب واحد، بمهمة واحدة. لن يعيش أطفالنا في خوف من القنبلة النووية الإيرانية. لا اليوم، ولا لاحقا".

وأظهر استطلاع رأي نُشر اليوم الاثنين، أجراه باحثو مختبرات "أغام"، أن 70 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون الهجوم العسكري على إيران، وهي نسبة ارتفعت إلى 83 بالمئة بين السكان اليهود في البلاد.. مقابل 16 بالمئة فقط من المشاركين في الاستطلاع يعارضون العملية.

وعندما يضرب صاروخ إيراني، يحمل عادة ما بين 300 إلى 700 كيلوغرام من المتفجرات، هدفه بشكل مباشر بالقرب من الساحل المكتظ بالسكان، فإنه يتسنى سماع دويه بوضوح على بعد 55 كيلومترا في القدس.

وفي تل أبيب، وقف الشيف جايدو تيتلبون (31 عاما) على الزجاج المهشم وأنقاض شقته المدمرة. وقال في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين "إنه أمر مرعب لأنه مجهول تماما. قد تكون هذه بداية فترة طويلة كهذه، أو قد تسوء.. نأمل أن تتحسن، لكن المجهول هو الأكثر رعبا".

وقال بن كيلر، وهو إسرائيلي يدرس الدكتوراه في بريطانيا، لدى عودته وطنه لرؤية عائلته "لا أعتقد أن هذا سيجلب أي خير"، مضيفا "لم أتوقع قط أن تستخدم إيران سلاحا نوويا. إنه مجرد سلاح تود الدول امتلاكه لتوجيه التهديدات، لكنها لن تستخدمه فعليا".

ولكن المستثمرين بدا أنهم يتبنون وجهة النظر في أن الصراع سيصب في نهاية المطاف في مصلحة إسرائيل، إذ راهنوا على أن نتنياهو سوف يفوز في رهانه العسكري ويتمكن من تدمير طموحات إيران النووية، مما يزيح ظلا طويلا كان يخيم على البلاد واقتصادها.

وارتفع الشيقل بأكثر من ثلاثة بالمئة مقابل الدولار اليوم الاثنين، في أكبر مكسب يومي بالنسبة المئوية منذ عام 2008 على الأقل، وارتفعت سوق الأسهم في تل أبيب اثنين بالمئة.

وقال جوناثان كاتز، كبير الاقتصاديين لدى شركة ليدر كابيتال ماركتس "خفض المخاطر الجيوسياسية في إسرائيل بشكل كبير من المرجح أن يقلل من علاوة المخاطر المحسوبة في سوق السندات ويوفر لها توقعات نمو أكثر إيجابية".