دور الهجرة في الإثراء الثقافي على طاولة النقاش بمهرجان كناوة

منتدى حقوق الإنسان ينظم ضمن فعاليات الدورة السادسة والعشرين للمهرجان ندوة تشكل فرصة للاعتراف بمساهمات المهاجرين الثقافية في مجتمعاتهم المضيفة.

الصويرة (المغرب) - سلط أكاديميون وسياسيون ومثقفون، الجمعة، الضوء على القضايا المرتبطة بالهجرات في علاقتها مع الديناميات الثقافية، وذلك خلال ندوة لمنتدى حقوق الإنسان انتظمت ضمن فعاليات الدورة السادسة والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة.

وأكد المشاركون في الندوة أن التعبيرات الفنية والتمثلات الثقافية تعد أداة قوية لمواجهة الوصم المرتبط بالحركية والهجرة، وتطرقوا في هذا اللقاء الذي التأم في إطار الدورة الـ12 للمنتدى المنظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج حول موضوع "الحركيات البشرية والديناميات الثقافية"، إلى التباينات العميقة بين نماذج الدول في تعاملها مع الهوية والهجرة.

ولفتوا إلى أن الهجرة البشرية لا تختزل فقط في المعطيات الجيوسياسية والاقتصادية، بل تتجلى أيضا في السرديات الفنية والتمثلات الثقافية التي تسهم في تشكيل نظرة المجتمعات إلى الحركيات البشرية وروايتها.

وأوضحوا في الندوة التي حملت عنوان "الحركية.. طبيعة ثانية للإنسان؟" أن قضايا الهجرة تتقاطع مع التحولات الديمغرافية، والمصالح الاقتصادية، والتوترات الهوياتية، مبرزين أن الهجرة لم تعد قضية هامشية، بل صارت جزءا بنيويا من الاقتصاد العالمي.

ووفق وكالة المغرب العربي للأنباء، اعتبر المتدخلون أن الهجرة أصبحت محورا للقلق، حيث غالبا ما يكون الخوف من المهاجرين وهما فعالا أكثر منه واقعا، مبرزين في السياق ذاته ضرورة بناء سرديات مستقلة وقوية تعبر عن الذات، وتظهر مساهمة الحركيات البشرية والديناميات المرتبطة بها في بناء المجتمعات وتعزيز التبادل الإنساني.

وشددوا على أهمية الهجرة جنوب-جنوب، والهجرة النسائية والطلابية، بوصفها ظواهر غير مرئية بالقدر الكافي رغم تأثيرها الكبير، مؤكدين أهمية تغيير النظرة إليها وإلى تعزيز البحث في هذا المجال.

وأبرزوا كذلك مسؤولية الأجيال الناشئة في بلدان الاستقبال في استثمار التنوع كقوة وطنية، داعين إلى تغيير جذري في السياسات والنظرة إلى النخب الجديدة، مشيرين إلى أن الجاليات الأفريقية على الخصوص قد أثرت في العالم بشكل إيجابي يستحق الاعتراف والاحتفاء، وهو ما ينبغي أن يكون منطلقا لإعادة الاعتبار لسرديتها الخاصة ومكانتهم في العالم.

وقالوا إن التعبيرات الثقافية المرتبطة بالهجرة، في عالم تتزايد فيه التوترات المرتبطة بالهوية، تذكر بأن الهجرة قبل كل شيء قصة إنسانية، تنطوي على الشجاعة، والتوارث، والتحول، والروابط، وهي قصة تستحق أن تروى وتنقل.

وشدد المتدخلون على أهمية الفن والثقافة في تعزيز مقاربة جديدة لقضايا الهجرة، قائمة على الإدماج، والفهم المتبادل، والاعتراف بمسارات الهجرة بوصفها سرديات ذات مغزى.

وفي السياق ذاته، تتحول الثقافة إلى فضاء للتفاوض الهوياتي، تعبر فيه عن الانتماءات المتعددة والتعايش بينها، ما يساهم في نسج جسور بين المجموعات وتعزيز الاعتراف المتبادل.

وتروم الدورة الـ12 من منتدى حقوق الإنسان بحث سبل إسهام تنقلات السكان في الإثراء الثقافي، مع إبراز التحديات التي تطرحها على صعيد العلاقات الاجتماعية والتماسك المجتمعي. كما تتيح فرصة لتوسيع النقاش من خلال استكشاف، إلى جانب الإسهامات الاقتصادية، المساهمات الثقافية للهجرات والجاليات بالنسبة إلى بلدان الأصل والعبور والوجهة.

ويشكل منتدى حقوق الإنسان لمهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي ينظم كل سنة، فضاء مفتوحا للتعبير والنقاش الحر حول مواضيع ذات راهنية، بمشاركة باحثين ومتدخلين سياسيين ومثقفين وجمعوين.

ويجمع المنتدى، على مدار يومين، نخبة من المفكرين والمبدعين، بينهم كتاب ومخرجون وعلماء اجتماع مثل إيليا سليمان، وباسكال بلانشار، إلى جانب شخصيات أخرى مثل فيرونيك تادجو وكريم بوعمراني وكاسي فريمان وفوزي بنسعيدي وريم نجمي وبارتيليمي توغو.

وتحتضن الدورة السادسة والعشرون لمهرجان كناوة وموسيقى العالم المقامة من 19 إلى 21 يونيو/حزيران الجاري، مزجا موسيقيا من مختلف أنحاء العالم في احتفال حي بالتنوع والحوار الثقافي.