جهود دبلوماسية اقليمية لمنع انزلاق الشرق الأوسط إلى صراع مفتوح
واشنطن – ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الأحد، أن موجة من الجهود الدبلوماسية الإقليمية تستهدف منع المزيد من التصعيد بعد الهجوم الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية، حيث أصبحت دول الخليج التي تستضيف قواعد عسكرية أميركية متعددة في حالة تأهب قصوى مع احتمالات اتساع رقعة الصراع في المنطقة.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين عرب قولهم، إن "الولايات المتحدة استخدمتهم لكي ينقلوا رسائل إلى إيران مفادها أن هجماتها قد انتهت، وأن الوقت قد حان للعودة إلى التفاوض". مضيفة أن توقيت الضربات الأميركية على إيران جاء بهدف "خلق وضع غير متوقع" قبل انتهاء المهلة التي أعلنتها واشنطن مسبقًا لاتخاذ قرار بشأن التحرك.
وتعكس هذه الرسائل دعوات ترامب للسلام بعدما شنت الولايات المتحدة هجماتها على إيران،"، مذكرا بما قاله بعدما نفذت الهجمات بكلمته في البيت الأبيض، إذ أعلن وهو يشير إلى الجيش الأميركي، "إنني آمل ألا نحتاج إلى خدماتهم (الجيش) بعد الآن، وإذا لم يتحقق السلام بسرعة، فسنلاحق الاهداف الأخرى بدقة وسرعة ومهارة".
وقال المسؤولين العرب إن الولايات المتحدة نقلت أيضا رسالة مفادها أنها لا تسعى إلى الإطاحة بالنظام الإيراني، وأضافت الصحيفة أن "هذه الرسالة تلقى ترحيبا من الحكومات في المنطقة والتي تشعر بالقلق من خطر عملية انتقال فوضوية في هذا البلد بالقرب من حدودها، والذي يبلغ عدد سكانه نحو 90 مليون نسمة.
صحيفة أميركية تنقل معلومات بأن إدارة ترامب تواصلت مع إيران لكي توضح لها أن الهجوم وحيد، وليس بداية لحرب من أجل تغيير النظام.
ونقل التقرير عن مسؤول أميركي قوله إن إدارة ترامب تواصلت مع إيران لكي توضح لها أن هذا هجوم وحيد، وليس بداية لحرب من أجل تغيير النظام، لافتا إلى أن دول الخليج التي ناشدت الولايات المتحدة بعدم التدخل في الصراع، تستعد لاحتمال حدوث مزيد من التصعيد في المنطقة.
وأفاد مصدران مطلعان الأحد بأن السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، في حالة تأهب أمني قصوى بعد الضربات الأميركية، بينما حثت البحرين قائدي السيارات على تجنب الطرق الرئيسية، وأقامت الكويت ملاجئ في مجمع وزاري.
وسبق أن توعدت طهران باستهداف الأصول الأميركية في المنطقة، بما في ذلك القواعد العسكرية، إذا ما تعرضت لهجوم أميركي.
وتستضيف البحرين مقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، وتوجد كذلك قواعد أميركية في السعودية والكويت وقطر والإمارات.
وأعلنت السلطات النووية في السعودية والإمارات أنها لم ترصد أي علامات تلوث نووي عقب الضربات على إيران.
وقال حسن الحسن، الباحث في سياسات الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "بما أن الحرب لم تُحتو خلال الأعمال القتالية المباشرة بين إسرائيل وإيران حتى الآن، فإن التدخل الأميركي المباشر يمثل علامة فارقة تهدد بجر دول الخليج، ولا سيما البحرين والكويت وقطر، التي تستضيف منشآت عسكرية أميركية كبيرة، إلى الصراع".
وأشار إلى أن خطر اندلاع صراع مفتوح بين الولايات المتحدة وإيران قد يغرق المنطقة في صراع مدمر وربما طويل الأمد. وقالت وزارة الداخلية البحرينية في منشور على إكس "في ضوء التطورات الأخيرة بالموقف الأمني الإقليمي، نهيب بالمواطنين والمقيمين أن يكون إشغال الطرق الرئيسية عند الضرورة، حفاظا على السلامة العامة، وذلك من أجل إفساح المجال لاستخدام الطرق من قبل الأجهزة المعنية".
وقال جهاز الخدمة المدنية في البحرين إنه "تقرر تفعيل العمل بالوزارات والأجهزة الحكومية عن بعد بنسبة 70 في المئة ما عدا في القطاعات التي يتطلب عملها الحضور الشخصي، أو التي لديها إجراءات عمل خاصة في حالات الطوارئ، وبما تقتضيه السلامة العامة، وذلك اعتبارا من اليوم وحتى إشعار آخر".
وأعلنت السلطات البحرينية قبل أيام أنها فعلت الخطة الوطنية للطوارئ المدنية والمركز الوطني لإدارة الطوارئ تأهبا لأي احتمالات وشرعت في اختبار صفارات الإنذار في المملكة. وذكرت وسائل إعلام كذلك أن البحرين أقامت 33 مركز إيواء.
ونقلت الصحيفة الأميركية، استنادًا إلى مصادر مطلعة ومسؤولين كبار في إدارة ترامب، أن واشنطن كانت قد صرّحت في 19 يونيو/ حزيران الجاري أنها ستتخذ قرارًا خلال أسبوعين بشأن الرد على إيران، لكن الهجوم نُفّذ اليوم بشكل مفاجئ ضد ثلاث منشآت نووية هي فوردو ونطنز وأصفهان.
وبحسب المصادر، فإن ترامب وافق في 17 يونيو/حزيران على الخطط العسكرية خلال اجتماع في "غرفة العمليات"، لكنه لم يعلن قراره النهائي بانتظار تقييم ردّ طهران على الضغوط.
وكانت إيران هددت مرارا قبل الهجوم الأميركي عليها، بتوسيع مساحة الصراع في حال تدخلت واشنطن، بينما تخشى دول الخليج من أن يتسبب اتساع نطاق الحرب إلى تعطل اقتصاداتها وبنيتها التحتية الحيوية، وإغراق منطقة الشرق الأوسط في سنوات إضافية من الصراع في ظل عدم وجود مخرج مؤكد من هذ الوضع.
وأفادت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغ ترامب، خلال اتصال في 9 يونيو/حزيران، بنيّة تل أبيب شنّ هجوم على إيران.
وبحسب المعلومات، فقد طلب ترامب "منح الدبلوماسية فرصة إضافي" قبل أن يُجري الطرفان اتصالًا جديدًا بعد ثلاثة أيام، أكد خلاله نتنياهو أن "إسرائيل عازمة على تنفيذ الضربات في أقرب وقت".
ونقلت الصحيفة عن المصادر أن ترامب أبلغ نتنياهو حينها أن "واشنطن لن تعيق العملية لكنها أيضًا لن تدعمها". وفي أعقاب الضربات، أجرى ترامب اتصالًا هاتفيًا بنتنياهو، الذي عبّر عن "امتنان كبير" للخطوة الأمريكية، وفقًا لما نقلته الصحيفة.
من جهتها، ذكرت محطة "سي.بي.إس" الأميركية، أن واشنطن أبلغت طهران عقب الضربات الأخيرة على المنشآت النووية، إنها لا تنوي تغيير نظام الحكم في البلاد.
ووفقا للمحطة، تواصلت الحكومة الأميركية بشكل مباشر مع طهران الأحد، لإبلاغها بأن الضربة العسكرية التي نفذتها ضد أهداف إيرانية "هي كل ما خططت له"، أي أنها لا تنوي توجيه ضربات جديدة، وأن الولايات المتحدة "لا تسعى إلى تغيير النظام" الإيراني، في محاولة واضحة لاحتواء التصعيد وعدم الانزلاق إلى حرب شاملة في المنطقة".
من جهتها، حثت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على التوصل إلى حل دبلوماسي في أعقاب الهجمات الأميركية على منشآت نووية إيرانية.
ونشرت فون دير لاين على منصة إكس الأحد "الآن هو الوقت المناسب لإيران للانخراط في حل دبلوماسي موثوق. طاولة المفاوضات هي المكان الوحيد لإنهاء تلك الأزمة".
وأضافت فون دير لاين أن التوترات في الشرق الأوسط وصلت إلى ذروة جديدة والآن يجب أن يتم إعطاء الاستقرار أولوية. احترام القانون الدولي أمر بالغ الأهمية. يجب ألا تحصل إيران على القنبلة (الذرية)".
وأعرب رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا أيضا عن قلقه البالغ إزاء الأنباء الواردة من الشرق الأوسط. وكتب كوستا على موقع إكس "أدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس واحترام القانون الدولي والسلامة النووية".