الموازنة العراقية تثير مواجهة قضائية بين البرلمان والحكومة
بغداد - يثير تأخر إقرار الموزانة العراقية سجالا سياسيا يدفع المواطنون ثمنه باعتبار تداعياته الثقلية على الأوضاع المعيشية، فيما رفع البرلمان دعوى قضائية ضد الحكومة بسبب عدم إرسالها جداول الموازنة، في أحدث فصل من فصول حالة الشد والجذب بشأن أحد أهم الملفات.
ويعكس هذا التحرك الصراع على الصلاحيات بين مجلس النواب وحكومة محمد شياع السوادني، حيث تتمسك المؤسسة التشريعة بما تعتبره حقها في مراقبة ومراجعة الموازنة، بينما ترى الحكومة أن أي تعديلات قد تعرقل خططها.
ولطالما أثارت هذه المسألة خلافات بين الكتل السياسية والحكومة، إذ سعت بعض القوى، خاصة الموالية لإيران، إلى استثمار دورها الرقابي لتحقيق مكاسب سياسية من خلال الاعتراض على بنود معينة في الموازنة.
وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وشبهات الفساد، تواجه المؤسسة التشريعية ضغطا شعبيا لمراقبة الموازنة بشكل أكثر صرامة، مما يدفع النواب لرفع مثل هذه القضايا.
ونقال موقع "شفق نيوز" الكردي العراقي عن النائب هادي السلامي قوله إن "وزارة المالية لم تصرف رواتب دار المسنين والتي تبلغ 60 ألف دينار لكل شخص"، مبيناً أن "البرلمان حرك شكوى قضائية ضد مجلس الوزراء العراقي ووزارة المالية بسبب الفساد والإهمال".
وأضاف أن الحكومة خالفت الدستور وقانوني إدارة المالية والموازنة، مشيرا إلى أن "هذه المخالفات أثرت سلباً على حياة المواطنين".
وكان عضو اللجنة المالية النيابية في البرلمان العراقي حسين مؤنس استبعد في وقت سابق إرسال الحكومة جداول الموازنة الاتحادية، فيما توقع زميله النائب معين الكاظمي أن تصل مطلع الشهر المقبل.
وغالبًا ما تتحول الموازنة إلى أداة للمساومات السياسية بين الكتل المتنافسة، خاصة مع اقتراب الانتخابات، فيما يلعب نظام المحاصصة دورًا كبيرًا في تعطيل إقرار القوانين المهمة، ومنها الموازنة، مما يؤثر سلبًا على التنمية وتنفيذ المشاريع.
ويُعد ملف رواتب موظفي إقليم كردستان وملف إدارة النفط من النقاط الشائكة التي تتسبب في تأخير الموازنة، فالتعديلات التي تخص تكاليف استخراج ونقل الخام من الإقليم المتمتع بحكم ذاتي تتطلب إعادة احتساب، ما يؤخر إرسال الجداول إلى البرلمان.
ويعتمد العراق بشكل كبير على الإيرادات النفطية لتمويل موازنته وعندما تنخفض الأسعار العالمية دون السعر الرسمي المثبت في الموازنة، يتطلب الأمر إعادة دراسة للجداول لتناسب المتغيرات الاقتصادية والمالية، ما يؤدي إلى تأخير في إرسالها، ويزيد من الضغوط على الحكومة في تمويل التزاماتها الأساسية كرواتب الموظفين والمشاريع الخدمية.
وتعاني الموازنة العراقية غالبًا من عجز مالي كبير، مما يجعل من الصعب على الحكومة إعداد جداول تلبي جميع المتطلبات وتخفض النفقات، ما يدفعها أحيانًا إلى اللجوء للاقتراض لتغطية النفقات.
وفي بعض الحالات، تستفيد الحكومة من الصلاحيات التي تتيح لها الاستمرار في الصرف وفق موازنات السنوات السابقة، مما يقلل من حافزها للإسراع في تقديم الجداول الجديدة، رغم المطالبات المتكررة من البرلمان.
وكانت الحكومة طعنت في عدة مناسبات في بعض المواد التي أضافها أو عدلها البرلمان في قانون الموازنة، معتبرة أنها تتعارض مع المنهاج الحكومي أو تتجاوز صلاحياتها.