تنسيق أمني مع فرنسا يُجنّب المغرب مخططا إرهابيا

عملية أمنية استباقية تفضي إلى اعتقال طالبة مغربية كانت بصدد الإعداد لهجوم إرهابي على منشأة دينية في الرباط.

الرباط - أفضى تعاون أمني بين المغرب وفرنسا إلى إحباط مخطط إرهابي لاستهداف منشأة دينية في الرباط، في عملية استباقية تم خلالها اعتقال طالبة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وفق المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي، بينما لم يأت هذا النجاح من فراغ بل هو ثمرة يقظة أمنية عالية وخبرة دولية في مكافحة الإرهاب.

وتقيم هذه العملية الدليل على أن التنسيق الأمني بين باريس والمملكة ليس ظرفيا، بل هو شراكة إستراتيجية راسخة لمكافحة الإرهاب وكافة أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود، كما يبعث برسائل تؤكد الأهمية البالغة التي توليها فرنسا لأمن المغرب واستقراره.

وتعكس سرعة إحباط المخطط الإرهابي الكفاءة العالية في تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الأجهزة الأمنية المغربية والفرنسية، لا سيما وأن المملكة راكمت خبرة هامة في مجال مكافحة الإرهاب وقدمت في أكثر من مرة مساعدة حاسمة لفرنسا جنبتها العديد من الهجمات الإرهابية.

ووفق المصدر نفسه فإن العملية الاستباقية التي جرب مساء الجمعة "نُفذت بناء على معلومات استخباراتية دقيقة وفّرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني وفي إطار تعاون عملياتي وتنسيق معلوماتي مع الأجهزة الفرنسية، ما مكّن من تحديد هوية المشتبه فيها ورصد تحركاتها المتطرفة، وإحباط المشروع قبل بلوغه مرحلة التنفيذ".

وكشفت التحقيقات أن "المشتبه فيها، التي تتابع دراستها في أحد المعاهد التقنية العليا، كانت قد انخرطت فعليا في مراحل متقدمة من الإعداد لمشاريع إرهابية، إذ اكتسبت مهارات في تصنيع المتفجرات وإعداد السموم القاتلة، وبدأت في جمع المعدات الضرورية لتنفيذ عملية إرهابية في إحدى المنشآت الدينية بالعاصمة".

وخلال تفتيش منزل الطالبة تم حجز مواد قابلة للاشتعال ومخطوطات تحرض على التطرف والعنف، بالإضافة إلى كتب تروج لأفكار التعصب والتكفير.

وقد تم وضع المشتبه فيها تحت الحراسة النظرية بتعليمات من النيابة العامة المكلفة بقضايا الإرهاب في انتظار تعميق البحث للكشف عن الجهة التي قامت باستقطابها وتجنيدها، وتحديد طبيعة الارتباطات المحتملة التي قد تكون تجمعها بتنظيمات إرهابية دولية أو إقليمية، وفق المصدر نفسه.

ويُنتظر أن يُسفر التحقيق عن الكشف عن كافة تفاصيل المخطط الإرهابي الذي كانت تُعد له الموقوفة وجميع الأطراف المتورطة في التخطيط. ويشير هذا الإنجاز الأمني إلى مستوى متقدم من التنسيق بين الأجهزة الأمنية والقضائية الفرنسية والمغربية، ما أعطى دفعة قوية لجهود الاستجابة وتطبيق القانون بفعالية عبر الحدود.

ويؤكد هذا التعاون الدور المحوري للمغرب كشريك أمني رئيسي في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، في وقت يسعى فيه البلد إلى تعزيز مكانته كرائد إقليمي في مكافحة الإرهاب وكافة أشكال التطرف وقد عقد شراكات مع العديد من الدول الأوروبية والأفريقية التي لمست نتائج هذا التعاون على أمنها واستقرارها.

ولدى المغرب أجهزة أمنية واستخباراتية ذات كفاءة عالية، وخاصة المكتب المركزي للأبحاث القضائية الذي يعتبر الذراع القضائي للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، وحققت هذه الأجهزة عدة إنجازات في تفكيك العديد من الخلايا الإرهابية، سواء تلك التي خططت لهجمات داخل المغرب أو المرتبطة بتنظيمات إقليمية ودولية متطرفة مثل "داعش" و"القاعدة".

وتعتمد المملكة في مكافحة الإرهاب مقاربة متكاملة لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تشمل البعد الديني من خلال تعزيز قيم الإسلام المعتدل والوسطية عبر  تأهيل الأئمة والمرشدين الدينيين ومكافحة الخطاب المتطرف، بالإضافة إلى معالجة الأسباب الجذرية للتطرف مثل الفقر والتهميش والبطالة.

وتشارك الرباط بنشاط في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب "GCTF" بالإضافة إلى رئاستها مجموعات عمل مهمة في هذ المجال، كما تستضيف مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في أفريقيا، مما يؤكد التزامها بتعزيز التعاون متعدد الأطراف.