حطام الغواصات في تونس.. 'تراث مغمور منسي'

الكتاب يطرح رؤية مستقبلية ترى في هذا التراث الغارق فرصة لإحياء السياحة المستدامة وخاصة سياحة الغوص.

تونس - صدر حديثا عن منشورات خاصة باللغة الفرنسية العمل العلمي والثقافي الفريد من نوعه "حطام الغواصات في تونس: تراث مغمور منسي" Les épaves de sous-marins en Tunisie: un patrimoine subaquatique oublié، وهو كتاب من تأليف كل من محمد مهدي طبّاخ وكمال القروي، وبدعم من المخرج والمنتج الفرنسي روني هوزي.

ويسلط الكتاب الذي جاء في 176 صفحة الضوء على أهمية مضيق صقلية، إذ ينطلق المؤلفان منه باعتباره مسرحا للصراعات البحرية منذ العصور القديمة، ويستعرضان عبره الأهمية الجيوستراتيجية لهذا المضيق البحري بين تونس وإيطاليا، الذي كان شاهدا على مواجهات دامية بين القوى العالمية، لاسيما إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية.

ويقدم الكتاب توثيقا علميا دقيقا لحطام الغواصات في السواحل التونسية، ففيه يرصد الكاتبان عشرات الغواصات التي غمرتها المياه التونسية بفعل المعارك أو الإغراق المتعمد. وتنوعت جنسيات هذه الغواصات بين بريطانية وألمانية وإيطالية وفرنسية.

وفي الكتاب تم تصنيف الغواصات بدقة عبر عدة مصادر بينها الوثائق الأرشيفية، الاستكشاف الميداني، الصور تحت المائية، والرصد الجغرافي.

ويتجاوز الكتاب البعد التاريخي ليطرح رؤية مستقبلية ترى في هذا التراث الغارق فرصة لإحياء السياحة المستدامة وخاصة سياحة الغوص، مع دعوة لتوظيفه في التعليم، والثقافة، وحماية البيئة البحرية.

ويقوم الكتاب على خمسة محاور رئيسية تؤسّس لمقاربة شاملة وهي: المحور الأول "تحليل استراتيجي لتاريخ قناة صقلية"، والمحور الثاني "جرد تاريخي للغواصات المنتشلة"، والمحور الثالث "توثيق للحطام المستقر في قاع البحر"، والمحور الرابع "مقارنة إقليمية وتحليل جيوسياسي للتراث البحري"، أما المحور الخامس والأخير فهو "مقاربة علمية وتقنية لحفظ وتثمين التراث المغمور".

ويحذر الكاتبان - وفق ما نشرته وكالة تونس أفريقيا للأنباء - من المخاطر التي تهدد هذا التراث بسبب الإهمال، الغموض القانوني، والاعتداءات البشرية، ويدعوان إلى وضع إطار قانوني وطني ودولي، إنشاء مراكز تفسيرية، إنتاج أفلام وثائقية، وإدماج التراث في المناهج التعليمية.

ومحمد مهدي طباخ مدرّب غوص معتمد، كاتب وصحفي متخصص، حاصل على شهادات دولية، ومؤلف كتاب "تأثير دنينغ-كروجر في الغوص" (2024).

أما كمال القروي، فهو أستاذ باحث بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، متخصص في الذكاء الاصطناعي، ناشط بيئي، وعضو فاعل في الدفاع عن التراث البحري.