ترامب يدفع نتنياهو نحو ابرام هدنة في غزة

نتنياهو يؤكد خلال لقائه بالرئيس الأميركي في البيت الأبيض رفضه لإنشاء دولة فلسطينية مشدّدا على أنّ الدولة العبرية ستحتفظ دوما بالسيطرة الأمنية على القطاع.

واشنطن - بحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساء الإثنين في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انهاء الحرب في غزة، فيما تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر بسبب هجوم نفذته كتائب القسام الجناح العسكري لحماس في بيت حانون شمال القطاع.
وفي خضمّ المحادثات غير المباشرة الجارية بين إسرائيل وحماس في الدوحة، أفاد الدفاع المدني في غزة أنّ 12 فلسطينيا على الأقلّ قتلوا وأصيب عشرات آخرون في غارات جوية إسرائيلية.
وخلال لقائه نتنياهو مساء الإثنين، أعرب الرئيس الاميركي عن ثقته في أنّ حماس تريد التوصّل إلى وقف لإطلاق النار مع الدولة العبرية فيما أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي مضيفه أبلغ مضيفه أنّه رشّحه لنيل جائزة نوبل للسلام.
وردّا على سؤال عمّا إذا كانت المعارك الدائرة في القطاع بين إسرائيل والحركة الفلسطينية ستؤدّي إلى تعطيل المحادثات الجارية بين الطرفين للتوصّل إلى هدنة، قال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض "إنّهم (حماس) يريدون اجتماعا ويريدون وقف إطلاق النار هذا".
وأجاب على أسئلة الصحافيين في مستهلّ عشاء في البيت الأبيض مع نتنياهو والوفد المرافق له.
وردّا على سؤال بشأن السبب الذي حال حتى الآن دون إبرام هذه الهدنة، قال الرئيس الأميركي "لا أعتقد أنّ هناك عائقا. أعتقد أنّ الأمور تسير على ما يرام".
وترامب الذي يؤكّد التزامه العمل لإنهاء الحرب في غزة استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي في الوقت الذي تستضيف فيه الدوحة محادثات غير مباشرة بين الدولة العبرية وحركة حماس للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين.
من جهته، استبعد نتنياهو مجدّدا قيام دولة فلسطينية كاملة، مشدّدا على أنّ الدولة العبرية ستحتفظ "دوما" بالسيطرة الأمنية على قطاع غزة.
وقال "الآن، سيقول الناس إنها ليست دولة كاملة، إنها ليست دولة، هذا لا يهمّنا".
وكانت المتحدثة باسم الرئاسة الأميركية كارولاين ليفيت استبقت اللقاء بين بين الجانبين بالقول إنّ "الأولوية القصوى في الشرق الأوسط للرئيس هي إنهاء الحرب في غزة وضمان عودة جميع الرهائن".
وأضافت أنّ المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيسافر إلى الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وكان ترامب قال الأحد إنّ هناك "فرصة جيّدة" للتوصل إلى اتفاق "هذا الأسبوع".
ويأتي الاجتماع بين الجانبين في الوقت الذي عقدت فيه إسرائيل وحماس في الدوحة يوما ثانيا من المحادثات غير المباشرة الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وبينما كان الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي مجتمعين، احتشد عشرات المتظاهرين قرب البيت الأبيض، مردّدين شعارات تتهم نتنياهو بارتكاب "إبادة جماعية" في القطاع الفلسطيني.

ومنذ الأحد، عُقدت في الدوحة جولتان من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، وفق مصادر فلسطينية قريبة من المفاوضات.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، في تصريح لوكالة فرانس برس مشترطا عدم كشف هويته "انتهت بعد ظهر اليوم جلسة المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل في الدوحة" لافتا إلى أنه "لم يتم تحقيق اختراق في اللقاء الصباحي لكن المفاوضات سوف تستمر".
وأضاف أن حماس "تأمل التوصل لاتفاق".
والأحد، رأى ترامب أن هناك "فرصة جيدة" للتوصل إلى اتفاق. وقال للصحافيين "نجحنا بالفعل في إخراج العديد من الرهائن، ولكن في ما يتعلق بالرهائن المتبقين، فسيتم إخراج عدد لا بأس به منهم. ونتوقع أن يتم ذلك هذا الأسبوع".
من جانبه، قال نتنياهو للصحافيين في مطار بن غوريون قبل توجهه إلى واشنطن "أعتقد أنّ المحادثة مع الرئيس يمكن أن تُسهم بالتأكيد في دفع هذا الهدف الذي نتمناه جميعا".
ويسعى الرئيس الأميركي إلى التوصل إلى هدنة في قطاع غزة الذي يشهد وضعا إنسانيا كارثيا بعد 21 شهرا من الحرب المدمرة.
وتتعلق محادثات الدوحة التي تعقد بوساطة قطرية ومصرية وأميركية بـ"آليات تنفيذ" اتفاق وقف إطلاق النار و"تبادل" رهائن محتجزين في غزة بفلسطينيين معتقلين في إسرائيل، بحسب مسؤول فلسطيني.
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أنّ "وفد حماس (موجود) في غرفة والوفد الإسرائيلي في غرفة أخرى في المبنى نفسه" في الدوحة.
وخلال لقائه ترامب أبلغ نتنياهو مضيفه أنّه رشّحه لنيل جائزة نوبل للسلام، مقدّما للملياردير الجمهوري نسخة عن رسالة الترشيح التي أرسلها إلى لجنة الجائزة.
وقال إنّ الرئيس الاميركي "يصنع السلام في هذه الأثناء، في بلد تلو الآخر، في منطقة تلو الأخرى".
وخلال السنوات الماضية تلقّى ترامب من مؤيّدين ومشرّعين موالين له العديد من الترشيحات لنيل نوبل السلام، الجائزة المرموقة التي لم يُخفِ يوما انزعاجه من عدم فوزه بها.
وكثيرا ما اشتكى الرئيس الجمهوري من تجاهل لجنة نوبل النروجية للجهود التي بذلها في حلّ النزاعات بين الهند وباكستان، وكذلك أيضا بين صربيا وكوسوفو.
كما يدّعي الفضل في "حفظ السلام" بين مصر وإثيوبيا، وكذلك أيضا في رعاية الاتفاقيات الإبراهيمية الرامية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية.
وخاض ترامب حملته الانتخابية كـ"صانع سلام" يستخدم مهاراته التفاوضية لإنهاء الحروب ولا سيما في أوكرانيا وقطاع غزة، لكنّ هذين النزاعين لا يزالان مستعرين رغم مرور أكثر من خمسة أشهر على عودته إلى البيت الأبيض.
وفي اجتماعهما، تطرّق الجانبين أيضا إلى البرنامج النووي الإيراني بعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 24 يونيو/حزيران إثر حرب بدأت بهجوم مباغت شنّته إسرائيل في 13 يونيو/حزيران على إيران وشهد مشاركة الولايات المتحدة في ضرب منشآت نووية إيرانية.
والإثنين قال مسؤول إيراني في مقابلة مع التلفزيون الرسمي إن حصيلة قتلى الحرب في إيران ارتفعت إلى 1060.
وكانت مصادر فلسطينية أفادت فرانس برس بأنّ المقترح الجديد "يتضمن هدنة لستين يوما، وإفراج حماس عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء في مقابل إفراج إسرائيل عن أعداد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين".
ووفق هذه المصادر، فإنّ التغييرات التي تطالب بها حماس تتعلق بشروط انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، والضمانات التي تسعى إليها لوقف الأعمال القتالية بعد ستين يوما، واستعادة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعترف بها المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية.
ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنّ خمسة من عناصره قتلوا في معارك في شمال قطاع غزة.

مقتل 5 جنود في كمين شمال غزة يزيد الضغوط على نتنياهو لعقد اتفاق
مقتل 5 جنود في كمين شمال غزة يزيد الضغوط على نتنياهو لعقد اتفاق

وأضاف الجيش في بيان أنّ جنديّين آخرين أصيبا بجروح خطرة خلال الاشتباك نفسه، دون مزيد من التفاصيل.
ومن بين 251 رهينة خطفوا في هجوم حماس في جنوب اسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023، لا يزال 49 محتجزين في غزة، بينهم 27 أعلنت إسرائيل أنهم لقوا حتفهم.
وأتاحت هدنة أولى لأسبوع في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وهدنة ثانية لحوالي شهرين في مطلع 2025 تم التوصل إليهما عبر وساطة قطرية وأميركية ومصرية، الإفراج عن عدد من الرهائن في مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.
ومع عدم التوصل إلى اتفاق للمرحلة التالية بعد الهدنة، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في منتصف مارس/آذار وكثّفت عملياتها العسكرية في 17 مايو/أيار، قائلة إن الهدف هو القضاء على حركة حماس التي تتولى السلطة في القطاع منذ 2007.
وقُتل 12 شخصا في إطلاق نار أو ضربات إسرائيلية على قطاع غزة الاثنين بينهم ستة في عيادة طبية تؤوي فلسطينيين نازحين.
وأدت الغارة إلى أضرار كبيرة في العيادة التي اندلعت حرائق في عدد من أقسامها. ويوجد في القطاع أكثر من مليوني نسمة نزحوا بصورة متكررة وفي ظروف صعبة.
في تل أبيب، تجمّع مساء الإثنين عشرات الأشخاص بينهم أقارب رهائن محتجزين في غزة، أمام المقر الرئيسي للسفارة الأميركية في إسرائيل لمطالبة ترامب بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ورفع متظاهرون الأعلام الأميركية وصور الرهائن ولافتة كبيرة كتب عليها "أيها الرئيس ترامب، اصنع التاريخ، أعدهم جميعا إلى الديار، ضع حدا للحرب".
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023 على إسرائيل التي ردت بحملة عنيفة واسعة النطاق على غزة خلّفت عشرات الآلاف من القتلى وتسببت في كارثة إنسانية.
وأسفر هجوم حماس عن مقتل 1219 شخصا في إسرائيل معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد استنادا إلى أرقام رسمية.
وقُتل في غزة ما لا يقل عن 57523 فلسطينيا، معظمهم من المدنيين، في الرد الاسرائيلي على الهجوم، وفق حصيلة وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.