العراقيون يتظاهرون للمطالبة بمحاسبة قتلة النشطاء

مئات العراقيين يخرجون في مظاهرات في العاصمة بغداد وفي الناصرية، مرددين هتافات تطالب بإنهاء الإفلات من العقاب في احتجاجات تأتي بعد الإفراج عن قيادي في ميليشيا موالية لإيران يشتبه بتنفيذه عمليات اغتيال.
عراقيون ينظمون تجمعات رمزية في باريس ولندن وهلسنكي
اعتقال قتلة هشام الهاشمي لم يهدئ مخاوف العراقيين
نفوذ ميليشيات إيران وضعف الحكومة يصيب العراقيين بالإحباط

بغداد - تظاهر المئات في بغداد الأحد للمطالبة بـ"إنهاء الإفلات من العقاب" في العراق حيث قُتل أو خُطف عشرات المعارضين والناشطين منذ الانتفاضة الشعبية في أكتوبر/تشرين الأول 2019،

ولوح المتظاهرون بالأعلام العراقية وحملوا صور ضحايا اغتيلوا. وسارت الحشود بينهم العديد من الطلاب الذين شاركوا في انتفاضة العام 2019، في وسط العاصمة تحت رقابة مشددة من الشرطة.

وهتف المتظاهرون "لا للأحزاب السياسية لا للميليشيات" قبل الاستماع إلى أغان وقصيدة لواحدة من أبرز الناشطين في العام 2019، هي الفنانة الشابة صفاء سراي التي قتلت بعدما تلقت قنبلة مسيلة للدموع على رأسها في ساحة التحرير، مركز الاحتجاجات في بغداد.

ومنذ الانتفاضة الدموية التي خلفت 600 قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، فر العديد من الناشطين من العراق أو لجؤوا إلى كردستان العراق التي تتمتع بحكم ذاتي في شمال البلاد خوفا من عمليات انتقام.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عمليات قتل الناشطين وخطفهم، لكنّ المتظاهرين يتّهمون الميليشيات النافذة الموالية لإيران والتي لا يمكن المساس بها، معبرين عن استيائهم لعدم محاسبة أي شخص.

وقال رجل خمسيني يدعى مازن علي شاكر وهو خبير اقتصادي "في العراق، يمكنك أن تكذب، يمكنك أن تسرق، يمكنك أن تقتل وتفلت من العقاب".

وذرف كثير من المتظاهرين الدموع. وانهار شاب على الرصيف ورأسه بين يديه. وقال الطالب حسين الفيلي (18 عاما) "كنا نريد الحرية ولهذا بدأنا الثورة في العام 2019 ولن نتوقف حتى نحصل عليها".

من جانبها، قالت شابة تضع نظارتين سوداوين وقناعا وهي الطريقة الوحيدة لعدم كشف هويتها والتعرض لعملية انتقام "نريد أن تتوقف عمليات القتل، نريد دولة خالية من الميليشيات والسيطرة الإيرانية".

وردا على سؤال حول إعلان رئيس الوزراء الجمعة توقيف قاتل الباحث العراقي الشهير هشام الهاشمي الذي تسبب اغتياله بصدمة في العراق في يوليو/تموز 2020، قال الفيلي "نريد من أعطى الأمر".

كما تظاهر العشرات في الناصرية، المدينة الجنوبية المتمردة. ونُظّم الحدث عبر حملة على الإنترنت بعنوان "إنهاء الإفلات من العقاب في العراق" أطلقها ناشطون مغتربون ومقيمون.

كما نظمت تجمعات رمزية صغيرة في باريس ولندن وهلسنكي، وفقا لمقاطع فيديو نشرت على تويتر.

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد أعلن الجمعة الماضية "القبض على قتلة" الباحث هشام الهاشمي الذي اغتيل في بغداد قبل نحو عام وجاء في "اعترافات" بثها التلفزيون العام أن المنفذ الأساسي ضابط في الشرطة.

وقال الكاظمي في تغريدة على تويتر "وعدنا بالقبض على قتلة هشام الهاشمي وأوفينا الوعد". وبعيد ذلك، بثّ التلفزيون العام اعترافات رجل قال إنه المنفذ الرئيسي للاغتيال، اسمه أحمد الكناني ويبلغ من العمر 36 عاما وهو ملازم أول في الشرطة.

وكان الباحث منحازا بشكل معلن للانتفاضة الشعبية التي تفجرت للمطالبة بتغيير جذري للنظام السياسي وإنهاء النفوذ الإيراني في العراق.

ولقي عشرات المعارضين مصير الهاشمي منذ بدء الانتفاضة التي تعرضت إلى قمع دموي (نحو 600 قتيل و30 ألف مصاب)، في حين اختطف عشرات آخرين أطلق سراح بعضهم.

وكان الصحافي الشاب علي المقدام قد فقد طوال أربع وعشرين ساعة الأسبوع الماضي قبل أن يعثر عليه وهو يحمل آثار اعتداء بالعنف وينقل إلى المستشفى. ويعرف المقدام بمعارضته للفصائل المسلحة الموالية لإيران التي حملها مسؤولية خطفه وضربه.

ولم يدن قضائيا حتى الآن أي شخص مسؤول عن القتل أو الخطف، بينما يستنكر النشطاء والحقوقيون العراقيون "الإفلات التام من العقاب".

وأكد الكاظمي في تغريدته أن قوات الأمن أوقفت "المئات من المجرمين المتورطين بدم الأبرياء"، دون أن يقدم تفاصيل إضافية، مضيفا "لا نعمل للإعلانات الرخيصة ولا نزايد، بل نقوم بواجبنا ما استطعنا لخدمة شعبنا وإحقاق الحق".

وأفاد مصدر أمني تعليقا على القبض على قتلة الهاشمي، بأن الشرطي المتهم الرئيسي قريب من كتائب حزب الله، إحدى أقوى الفصائل في الحشد الشعبي.

وكان القيادي البارز في الحشد الشعبي قاسم مصلح قد أوقف نهاية مايو/ايار للأشباه في ضلوعه بمقتل أحد وجوه الانتفاضة الشعبية، لكن سرعان ما أفرج عنه بعد أسبوعين من توقيفه إثر استعراض للقوة نظمه أنصاره في بغداد، وقد بُرر إطلاق سراحه رسميا بعدم كفاية الأدلة ضده.