تركيا تستعجل جني غنائم تدخلها العسكري في ليبيا
طرابلس - بدأت تركيا في ترتيب أوراقها في ليبيا لترسيخ وجودها وجني ثمار دعمها لميليشيات حكومة الوفاق اقتصاديا واستثماريا وعسكريا وفتح منافذ نحو إفريقيا بعد أن اهتز مشروع تمكين الإخوان في المنطقة العربية وبعد انهياره في مصر وتفككه في السودان بعزل الجيش للرئيس عمر البشير.
وتبدو الساحة الليبية أكثر ساحة مؤهلة بالنسبة لتركيا لإعادة إحياء هذا المشروع الذي يتغذى من بيئة الفوضى وانفلات السلاح وغياب الدولة المدنية، فيما يهيمن منطق الوصاية التركية في التعامل مع حكومة الوفاق التي تحرص على إرضاء الجانب التركي مكافأة لإنقاذها من السقوط بعد أن كادت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر السيطرة على العاصمة طرابلس.
وبدت الحكومة التركية التي يقودها الإسلاميون مستعجلة في انتزاع مكاسب تدخلها العسكري في ليبيا، فقد بحث وفد حكومي تركي رفيع المستوى الأربعاء في طرابلس مع رئيس حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج "سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين".
وضم الوفد التركي كلا من وزيري الخارجية مولود تشاووش أوغلو والخزينة والمالية براءت ألبيراق (صهر الرئيس رجب طيب اردوغان) وسفير أنقرة لدى طرابلس سرحان أكسن ورئيس المخابرات هاكان فيدان وعددا من كبار مسؤولي الرئاسة والحكومة التركية.
وتعكس تركيبة الوفد طبيعة الزيارة والمباحثات التي وضعها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق تحت عنوان فضفاض هو "التعاون الثنائي"، في الوقت الذي تتحرك فيه تركيا خارجيا بمنطق وأهداف معينة جيوسياسية واقتصادية، لم تعد خافية في سياقاتها وفضاءاتها ولا يمكن النظر لها بمعزل عن الأطماع التوسعية وطموحات الرئيس رجب طيب أردوغان وجماعات الإسلام السياسي التي يدعمها.
وتشكل الزيارة أيضا رسالة واستعراضا لنصر خارجي لطالما بحث عنه أردوغان للتغطية على أزماته الداخلية السياسية والاقتصادية خاصة بعد أن تعرض لانتقادات حادة من قبل المعارضة التركية وأيضا من قبل الدول الغربية الرافضة لتدخلاته الخارجية.
وتريد أنقرة تسويق فكرة أن تدخلها في ليبيا لصالح حكومة الوفاق المدعومة من ميليشيات إسلامية متشددة والتي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين، كان لحماية ما تعتبر "شرعية" الوفاق في الوقت الذي تجمع فيه كل المؤشرات على أن التدخل العسكري يهدف للهيمنة على الدولة النفطية والتي تعتبر أيضا أبرز بوابات إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
ووفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي للسراج، حضر الاجتماع من الجانب الليبي وزراء الخارجية محمد الطاهر سيالة والداخلية فتحي باشاغا والمالية فرج امطاري ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله وسفير ليبيا لدى الاتحاد الأوروبي حافظ قدور.
وأوضح البيان أن الاجتماع بحث مستجدات الأوضاع في ليبيا والجهود الدولية لحل الأزمة الراهنة. كما تم بحث عدد من ملفات التعاون في مجالات متعددة في إطار "روابط الأخوة والصداقة الوثيقة بين البلدين".
وأشار إلى أن الاجتماع تطرق إلى موضوع عودة الشركات التركية لاستكمال أعمالها في ليبيا، إضافة لآليات التعاون والتكامل في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والنفط وهو واحد من أهداف التدخل العسكري التركي.
ولفت البيان إلى أنه جرى خلال الاجتماع "متابعة تنفيذ مذكرة التفاهم الأمني والعسكري الموقعة بين البلدين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي خاصة في ما يتعلق بالتعاون في بناء القدرات الدفاعية والأمنية الليبية من خلال برامج التدريب والتأهيل والتجهيز، إضافة إلى المستجدات بشأن مذكرة التفاهم حول تحديد الصلاحيات البحرية".
وكان الرئيس التركي قد وقع مع رئيس حكومة الوفاق اتفاقا مثيرا للجدل اعتبر ارتهانا للسيادة الليبية وقد انتقدته عدة دول عربية وغربية خاصة في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية بما يتيح لتركيا تحركا أوسع في شرق المتوسط في ذروة التوترات والخلافات القائمة حول مكامن النفط والغاز ووسط استكشافات ودراسات تؤكد وجود احتياطات ضخمة من موارد الطاقة.
وتخطط أنقرة كذلك لإقامة قاعدتين عسكريتين دائمتين في غرب ليبيا وهو أمر تدفع نحوه بشدة بعد أن لاقت معارضة من تونس والجزائر ومصر لتدخلها العسكري وهو أيضا أمر حيوي بالنسبة لنظام الرئيس رجب طيب أردوغان المحكوم بأطماع توسعية في المنطقة.