دعوات دولية لتركيا لتهدئة التصعيد وتخفيف التوتّر في سوريا والعراق

الرئيس التركي يتحدث عن احتمال إطلاق "عملية برية" في سوريا وذلك غداة سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع للأكراد في سوريا والعراق وتعرّض تركيا لقصف صاروخي مصدره الأراضي السورية.

واشنطن – تزايدت الدعوات الدولية لتركيا لوقف تصعيدها العسكريّ وقصفها الجوّي في كلّ من سوريا والعراق ضدّ الجماعات الكردية التي تقول إنها موالية لحزب العمال الكردستاني.

وفي هذا السياق قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يوم الاثنين إن الولايات المتحدة تعارض أي عمل عسكري يزعزع استقرار الوضع في سوريا، مضيفا أن واشنطن أبلغت أنقرة ببواعث قلقها الشديدة من تأثير مثل هذا الهجوم على هدف محاربة تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية في ردود بالبريد الإلكتروني على أسئلة "طالبنا تركيا بعدم القيام بمثل هذه العمليات، مثلما طالبنا شركاءنا السوريين بعدم شن هجمات أو التصعيد".

وأضاف المتحدث "نواصل معارضة أي عمل عسكري يزعزع استقرار الوضع في سوريا أو ينتهك سيادة العراق من خلال أعمال عسكرية غير منسقة مع الحكومة العراقية. ونعارض أيضا الهجمات الأخيرة على جنوب تركيا التي ذكرت تقارير أنها أدت إلى مقتل عدة مدنيين".

نيد برايس: الولايات المتحدة تعارض أي عمل عسكري يزعزع استقرار الوضع في سوريا.
نيد برايس: الولايات المتحدة تعارض أي عمل عسكري يزعزع استقرار الوضع في سوريا.

 وبدورها أعربت روسيا الثلاثاء عن أملها في أن تتحلّى تركيا بـ"ضبط النفس" وأن تمتنع عن "أيّ استخدام مفرط للقوة" في سوريا حيث تشنّ أنقرة غارات جوية وتهدّد بشنّ هجوم بري ضدّ المقاتلين الأكراد.

وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف للصحافيين "نأمل في إقناع زملائنا الأتراك بالامتناع عن أيّ استخدام مفرط للقوّة على الأراضي السورية" وذلك من أجل "تجنّب تصعيد التوترات".

وأدلى المسؤول الروسي بتصريحه هذا في أستانا عاصمة كازاخستان حيث سيُعقد اجتماع ثلاثي روسي-تركي-إيراني بشأن سوريا.

وأضاف أنّ "روسيا تبذل منذ أشهر كلّ ما بوسعها لمنع أيّ عملية برّية واسعة النطاق" ضدّ سوريا.

وناشد المسؤول الروسي أنقرة "مواصلة العمل مع جميع أصحاب المصلحة لإيجاد حل سلميّ، بما في ذلك للقضية الكردية".

وأتى تصريح لافرنتييف بعيد تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان باحتمال شنّ "عملية برية" في سوريا، وذلك غداة سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع للأكراد في سوريا والعراق.

وبدورها، ناشدت الحكومة الألمانية تركيا الردّ بطريقة "متكافئة" على الهجمات التي تستهدفها.

وأعربت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا الاثنين عن "قلقها" إزاء الغارات الجوية التي شنّتها تركيا ليل السبت-الأحد ضدّ مواقع كردية في سوريا والعراق، مناشدة أنقرة "ضبط النفس".

وقالت كولونا على هامش مؤتمر دولي لدعم مولدوفا "للأسف، هذه ليست المرة الأولى التي نرى فيها تركيا تشنّ هجمات في دولة أجنبية".

وأضافت "في كلّ مرة عبّرنا فيها عن قلقنا وعن رغبتنا الواضحة بأن تبرهن تركيا عن قدر أكبر من ضبط النفس".

وتابعت "نحن نتفهّم هذا القلق الأمني لتركيا في مواجهة الإرهاب ولكن ليس بهذا النوع من الوسائل وهذا النوع من الطرق".

والاثنين تحدّث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن احتمال إطلاق "عملية برية" في سوريا، وذلك غداة سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع للأكراد في سوريا والعراق وتعرّض تركيا لقصف صاروخي مصدره الأراضي السورية.

كاثرين كولونا تعرب عن "قلقها" إزاء الغارات الجوية التي شنّتها تركيا في سوريا والعراق
كاثرين كولونا تعرب عن "قلقها" إزاء الغارات الجوية التي شنّتها تركيا في سوريا والعراق

وفي سوريا، أسفرت الضربات التركية عن مقتل 37 شخصاً، غالبيتهم مسلحون، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما أعلن المقاتلون الأكراد عن مقتل عشرة مدنيين.

واستهدفت الغارات التركية في شمال العراق مواقع لحزب العمال الكردستاني في جبال قنديل وآسوس وهاكورك، وفي سوريا قواعد لوحدات حماية الشعب الكردية في عين العرب (كوباني باللغة الكردية) وتل رفعت والجزيرة وديريك، بحسب أنقرة.

وأطلقت تركيا عمليتها العسكرية الجوية المحدودة بعد أسبوع على اعتداء بعبوة ناسفة في إسطنبول أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين بجروح، واتهمت أنقرة كلًا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية بالوقوف خلفه. لكنّ الطرفين نفيا أي دور لهما بالاعتداء.

وقالت تركيا إن فصائل كردية قتلت اثنين في هجمات صاروخية من شمال سوريا اليوم الاثنين، وذلك في تصعيد للثأر عبر الحدود في أعقاب هجمات جوية شنتها تركيا في مطلع الأسبوع وهجوم بقنبلة في إسطنبول قبل أسبوع.

وقالت القوات المسلحة التركية إنها كانت ترد على الهجوم، وقال مسؤول أمني كبير لرويترز إن الطائرات التركية بدأت مجددا قصف أهداف في شمال سوريا.

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إنه في أحدث هجوم من سلسلة من الهجمات الانتقامية، ضربت عدة قذائف صاروخية حيا على الحدود في إقليم غازي عنتاب، ما أسفر عن مقتل طفل ومعلم وإصابة ستة.

وقال صويلو لاحقا إن امرأة حبلى، ورد في البداية أنها قُتلت، مصابة بإصابات بالغة وتتلقى الرعاية في المستشفى.

وقال حاكم المنطقة داود جول إن خمسة صواريخ أصابت مدرسة ومنزلين وشاحنة في منطقة قرقميش الحدودية. وقالت محطة سي.إن.إن ترك إن الصواريخ أُطلقت من منطقة كوباني السورية التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب.

وشنت طائرات حربية تركية بالفعل هجمات جوية على قواعد للمسلحين الأكراد في سوريا والعراق أمس الأحد، دمرت خلالها 89 هدفا لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، التي تقول أنقرة إنها جناح لحزب العمال الكردستاني.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان إن 184 مسلحا قتلوا في عمليات يومي الأحد والاثنين. وأضافت أن العمليات شملت ضربات جوية وأسلحة برية.

وقالت تركيا إن العمليات العسكرية التي وقعت مطلع الأسبوع جاءت ردا على هجوم بقنبلة في إسطنبول قبل أسبوع أودى بحياة ستة أشخاص. وحملت تركيا حزب العمال الكردستاني المحظور مسؤولية الهجوم.

ونفى حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والتي تضم وحدات حماية الشعب الكردية تورطهم في التفجير الذي وقع في 13 نوفمبر تشرين الثاني في حي مكتظ بالسكان.

وتحالفت الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديمقراطية في قتالها أمام الدولة الإسلامية في سوريا، ما تسبب في شقاق عميق وطويل الأمد مع تركيا عضو حلف شمال الأطلسي.

وقال متحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية إن الهجمات التركية في مطلع الأسبوع دمرت صوامع غلال ومحطة طاقة ومستشفى، وتسببت في مقتل 11 مدنيا ومقاتلا بقوات سوريا الديمقراطية وحارسين. وأضاف أن القوات ستثأر.

قوات برية

وفي إطار العمليات التي وقعت في مطلع الأسبوع قالت أنقرة إن ثمانية من أفراد قوات الأمن أصيبوا في هجمات صاروخية شنتها وحدات حماية الشعب من تل رفعت في سوريا على موقع للشرطة بالقرب من معبر حدودي في محافظة كلس التركية.

وقال مصدر بقوات سوريا الديمقراطية إن تركيا هاجمت اليوم الاثنين موقعا للجيش السوري غربي كوباني حيث توجد ثكنة عسكرية لوحدات حماية الشعب. والموقع هو أحد عدة مواقع حيث يتمركز الجيش السوري لمنع الأتراك من مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية.

ودعمت تركيا المعارضة المسلحة في حربها للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وقطعت العلاقات الدبلوماسية مع دمشق في وقت مبكر من الصراع المستمر منذ 11 عاما.

ونفذت القوات المسلحة التركية عدة عمليات عسكرية واسعة النطاق في الأعوام الأخيرة في شمال العراق وشمال سوريا على وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني والدولة الإسلامية.

وقال الرئيس رجب طيب أردوغان إن العمليات لن تقتصر على حملة جوية فحسب وقد تتضمن اشتراك قوات برية.

ونقلت وسائل إعلام تركية عن أردوغان قوله لدى عودته من زيارة لقطر "وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة ستقرران معا حجم القوات البرية التي يجب أن تشارك. نجري مشاوراتنا ثم نتخذ خطواتنا وفقا لذلك".

وتمرد حزب العمال الكردستاني على الدولة التركية عام 1984 وقُتل أكثر من 40 ألفا خلال الصراع. وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الحزب على أنه منظمة إرهابية.