مبادرة أميركية لحماية الملاحة في الخليج من التهديدات الإيرانية

شركات الشحن تضطر لتعيين حراس غير مسلحين لتأمين السفن في رحلاتها تجنبا للتصعيد في وقت يدفع فيه مالكوها ثمن تزايد المخاطر.
في الأسابيع الثلاثة الماضية تم نشر من 80 إلى 120 مستشارا غير مسلح على السفن في الخليج
سفن مسجلة في الشرق الأوسط تتصل بشركة الأمن البحري البريطانية طلبا لتقديم فرق من المستشارين
بعض مالكي السفن يجعلون من الزيادة في الرسوم تنعكس على زبائنهم
التهديدات ادت الى ارتفاع اجور البحارة العاملين بالسفن

واشنطن - ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن مسؤولين أميركيين سيطلعون أعضاء من السلك الدبلوماسي في واشنطن الجمعة على مبادرة جديدة لتعزيز حرية الملاحة والأمن البحري حول مضيق هرمز.

وتمر خمس الإمدادات العالمية من النفط في هذه المنطقة، وتعد حرية الملاحة بالمضيق أمرا ضروريا لاستقرار الاقتصاد العالمي.

وقالت الوزارة في بيان الأربعاء "الأمر يتطلب مسعى دوليا للتعامل مع هذا التحدي العالمي وضمان مرور السفن بسلام". وأضافت أن الإفادة سيقدمها مسؤولون بوزارتي الدفاع والخارجية ولن يسمح لوسائل الإعلام بحضورها.

الأمر يتطلب مسعى دوليا للتعامل مع هذا التحدي العالمي وضمان مرور السفن بسلام

وفي 14 يوليو/تموز اختفت ناقلة النفط (رياح) من على خرائط تتبع حركة السفن بينما كان جهاز الإرسال والاستقبال بها مغلقا في مضيق هرمز.

ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم لا يعرفون على وجه اليقين ما إذا كانت إيران قد احتجزت الناقلة أم أنها أنقذتها بعدما واجهت أعطالا فنية كما تؤكد طهران.

وتقول إيران إنها سحبت سفينة من المضيق إلى مياهها بعد أن أرسلت إشارة استغاثة. ولم تذكر طهران اسم السفينة لكن (رياح) هي الوحيدة التي بدت تحركاتها المسجلة مشابهة لذلك الوصف.

وقالت شركات أمنية إن شركات الشحن تعين حراسا غير مسلحين لحراسة السفن في رحلاتها عبر الخليج، وذلك كإجراء إضافي للسلامة بعد موجة هجمات في المنطقة.

وزاد التوتر في العلاقات بين إيران والغرب بعد أن احتجزت بريطانيا ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق هذا الشهر. وقالت بريطانيا كذلك الأسبوع الماضي إن سفينة حربية تابعة لها اضطرت لإبعاد سفن إيرانية كانت تسعى لمنع ناقلة بريطانية من المرور في مضيق هرمز.

ومع تنامي خطر التصعيد، حثت اتحادات ملاحية شركات الشحن التجاري على تجنب استخدام حراس أمن مسلحين في مناطق حساسة مثل مضيق هرمز الذي يمر عبره خمس إمدادات النفط العالمية.

وتلجأ بعض شركات الشحن إلى شركات أمن ذات خبرة لمساعدتها في مجموعة من القضايا، من توجيه المشورة لقائدي السفن إلى مراقبة سفينة فوق مستوى سطح الماء حيث يمكن وضع ألغام لاصقة.

ناقلات نفط تتعرض لهجمات في الخليج
ناقلات نفط تعرضت لهجمات ايرانية تدفع بشركات شحن للبحث عن تامين السفن

وقال جافين لوك مدير العمليات بشركة الأمن البحري البريطانية أمبري إن الشركة عادة ما يكون لديها 600 حارس على السفن المبحرة عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي ويكونون مسلحين بالأساس.

لكن في الأسابيع الثلاثة الماضية تم نشر من 80 إلى 120 مستشارا غير مسلح على السفن التي تمر عبر الخليج ومضيق هرمز.

وقال لوك "هذا لطمأنة القبطان إذ ليس جميع أفراد الأطقم قد مروا بتجارب عمليات حقيقية مثل أفراد عمليات الأمن البحري التابعين لنا".

وتابع "جاءت إلينا بالفعل سفن مسجلة في الشرق الأوسط طلبا لتقديم فرق من المستشارين". وامتنع عن ذكر تفاصيل.

وقال جيري نورثوود رئيس مجلس إدارة شركة (ماست) للأمن إن شركته توفر كذلك حراسا غير مسلحين للذهاب للخليج.

وقال "من المهم للسفن التي تعبر مضيق هرمز أن تتعرف مبكرا على السفن الإيرانية وتبلغ السلطات عن رؤيتها وأن توضح للسفينة المقتربة أنها رصدتها".

من المهم للسفن التي تعبر مضيق هرمز أن تتعرف مبكرا على السفن الإيرانية وتبلغ السلطات عن رؤيتها

تخفيف المخاطر

وتأتي أحدث الوقائع في أعقاب موجة هجمات على ناقلات منذ مايو/أيار حول مضيق هرمز وخليج عمان ألقت الولايات المتحدة اللوم فيها على إيران. وتنفي طهران ذلك.

وتعمل شركات الأمن الخاصة التي توفر طواقم مسلحة في المنطقة رغم أنه مصرح لها فقط بعمليات مكافحة القرصنة. ولا يواجه المتخصصون غير المسلحين القيود نفسها.

وقال جيم هيلتون المدير الإداري بشركة (بي.في.آي) للأمن البحري إنه في حين يمكن لطاقم السفينة تنفيذ مهام منها زيادة المراقبة والقيام بجولات دورية على السفينة فإن الدعم الخارجي قد يوفر "الراحة النفسية".

وأضاف "أسلوب تخفيف المخاطر الذي تختاره شركة ما باستخدام مستشارين أو حراس أمن غير مسلحين على متن السفينة ربما يساعدها فقط في الالتزام باللوائح الداخلية ويمكنها من مواصلة التجارة".

وقال هيلتون إن شركة (بي.في.آي) كذلك شهدت زيادة طفيفة في الطلبات، وفي بعض الأحيان قدمت حراسا ظلوا على متن السفينة "بعد إنزال الأسلحة".

ورفضت العديد من شركات الشحن التعليق بشأن ترتيباتها الأمنية لدى الاتصال بها.

وقالت مجموعة ميرسك تانكرز الدنماركية في بيان "تراقب ميرسك الوضع عن كثب وتتخذ إجراءات احترازية تتمشى مع قواعد الدولة المسجلة بها السفينة وإرشادات قطاع الشحن".

وقالت مصادر بالقطاع إن شركات الشحن إما تتجنب المنطقة- حتى لمجرد التزود بالوقود- أو تبقي رحلاتها عند الحد الأدنى فيما يرجع جزئيا إلى المخاطر.

وذكرت شركات للتأمين على السفن أن علاوات التأمين الإضافية زادت عشرة أمثالها، مما يرفع التكلفة بالنسبة لناقلة عملاقة تبحر في رحلة تستغرق سبعة أيام بما يصل إلى مئة ألف دولار.

ومن الهجمات بالمتفجرات إلى عمليات تخريب وترهيب، يؤدي تزايد العمليات التي تستهدف سفنا تجارية في الخليج إلى انعكاسات مباشرة على مالكي السفن، الذي يعانون أصلا من زيادة رسوم التأمين للإبحار في مناطق بحرية استراتيجية وخطرة.

القوات الايرانية في مضيق هرمز
عمليات التخريب والترهيب الايرانية اضرت بمالكي السفن

وقال فريديريك دينيفل المدير العام لمجموعة "غاريكس" المتخصصة في التأمين ضد مخاطر الحرب البحرية إن "الهجومين الأخيرين على ناقلتي نفط ("فرونت ألتير" و"كوكوكا كوريجوس" في خليج عمان في 13 حزيران/يونيو) سببا خسائر بملايين الدولارات".

وأضاف أن "الحديث عن خسائر أكبر يعني بوليصة تأمين أكبر"، موضحا أن أصحاب السفن باتوا ملزمين تقديم بلاغ مسبق للملاحة في الخليج ولدفع رسوم تأمين أكبر.

ويمثل التأمين على سفينة بالمعدل السنوي حوالى 0,01 بالمئة من قيمتها كما قال كريستيان زانينيتي الخبير في تغطية السفن التجارية لدى وسيط التأمين "مارش فرانس".

وبدون أن يكشف مبلغا محددا، يتحدث عن نسبة تضاعفت ثلاثين مرة تقريبا منذ منتصف أيار/مايو لرحلة ذهاب وإياب مدتها سبعة أيام مع حمولة، في دول الخليج.

السفن في وضع هش

ومن المساعدة في قطر السفن إلى التصليحات ودفع ثمن الحمولات المفقودة، قال دينيفل إن "شركات التأمين تواجه زيادة احتمال وقوع خسائر والتهديد الممكن".

ويقوم بعض مالكي السفن بجعل هذه الزيادة في الرسوم تنعكس على زبائنهم.

وفرضت الشركة البحرية "سي ام ايه-سي جي ام" منذ الخامس من تموز/يوليو رسما إضافيا بسبب "المخاطر الإضافية في الشرق الأوسط".

وقد أصبح هذا الرسم يبلغ 36 دولارا لكل عشرين قدما، وحدة قياس الحاويات ويجب أن تدفع على كل البضائع التي ترسل من أو إلى سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة والسعودية والكويت والعراق وقطر والبحرين.

ويمكن أن يؤدي تزايد التهديدات إلى ارتفاع "أجور البحارة الذين بات عليهم مواجهة مخاطر أكبر"، على حد قول نيلي غراسان مسؤولة الأمن والبيئة في منظمة "ملاك السفن في فرنسا".

من جهته، قال ايريفي توما المندوب العام لهذه المنظمة المهنية إن "سفن التجارة تعاني من وضع هش جدا"، مذكرا بأنه ليس لدى هذه السفن حراسة مسلحة مثل تلك التي تستخدمها البحرية الحربية.