ميليشيات الصدر آخر أوراق إيران لقمع احتجاجات العراق

انصار مقتدى الصدر المعروفون بأصحاب "القبعات الزرقاء" يطلقون الرصاص الحي بكثافة ضد المحتجين ويروعونهم بأسلحة بيضاء لإجبارهم على انهاء اعتصاماتهم.
عدد ضحايا المظاهرات وصل إلى 556 قتيلا منذ انطلاقها
علاوي أمامه مهلة 30 يوما لتقديم تشكيلته الحكومية إلى البرلمان
المتظاهرون يرفضون أي اسم شارك في العملية السياسية بعد عام 2003

بغداد - توفي متظاهر عراقي مناهض للحكومة متأثراً بجروحه بعد طعنه بالسكين الاثنين جنوب بغداد، خلال هجوم لأشخاص يرتدون قبعات زرقاء على المحتجين، بحسب ما أكدت مصادر طبية وأمنية.

وأوضحت المصادر الطبية ان 3 متظاهرين آخرين أصيبوا بجروح جراء ضربات بالعصي خلال الاشتباك مع أصحاب "القبعات الزرقاء" وهو الإسم الذي يطلق على مجموعة من أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.

وأضافت نفس المصادر أن الاشتباكات انتهت بتدخل القوات الأمنية وإبعاد أصحاب "القبعات الزرقاء" من مخيم الاحتجاج أمام مقر مجلس محافظة بابل والذي أقيم منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر

وكانت مصادر عراقية قد تحدث في وقت سابق الاثنين عن اطلاق أنصار الصدر للرصاص الحي باتجاه المتظاهرين في مناطق مختلفة جنوبي البلاد، في مسعى لإجبارهم على فتح الطرق والمدارس والجامعات، على خلفية رفض شعبي لتكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة.
وأفاد شهود عيان في محافظة النجف جنوبي البلاد بأن أصحاب القبعات الزرقاء أطلقوا الرصاص الحي بكثافة ضد المحتجين وسط المحافظة، مما تسبب بحالة هلع في الشارع.
وأشاروا أن "أصحاب القبعات الزرقاء أبعدوا المتظاهرين بالقوة من أماكن احتجاجاتهم، وأعادوا فتح الطرق".
ودعت مديرية الشرطة في النجف المتظاهرين السلميين إلى الالتزام بالأماكن المخصصة للتظاهر بالمحافظة.
وفي محافظة ذي قار جنوبي البلاد، أجبر أصحاب القبعات الزرقاء المتظاهرين علىى الابتعاد عن المؤسسات الحكومية والجامعات والأبنية المدرسية بالتنسيق مع قوات الأمن، وأعادوا افتتاح بعض الطرق المغلقة.
وقال منشد السلامي أحد المتظاهرين إن "أصحاب القبعات الزرقاء بعضهم يحمل الأسلحة والبعض الآخر يحمل هراوات، ويستهدفون أي تجمع للمتظاهرين، دون تدخل قوات الأمن لمنعهم أو لمساءلتهم عن كيفية حملهم السلاح خارج إطار الدولة".
وفي محافظة بابل جنوبي البلاد، أفاد شهود عيان بوقوع اشتباكات بالأسلحة البيضاء بين أصحاب القبعات الزرقاء والمتظاهرين بعد رفض الأخيرين إخلاء مناطق اعتصامهم.

والأحد، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لإرجاع "الثورة" إلى انضباطها وسلميتها، فيما وجه مؤيديه من القبعات الزرقاء المنتمية لسرايا السلام، بالتنسيق مع القوات الأمنية لاستئناف الدوام في المدارس والجامعات وفتح الطرق المغلقة.

وتزامنا مع تلك الدعوات حاول أنصار التيار الصدري أمس الأحد الاعتداء على المتظاهرين في العاصمة بغداد، فيما طردهم المحتجون في مدينتي الناصرية وبابل بعدما مزقوا لافتة تندد بتكليف محمد توفيق علاوي برئاسة الحكومة الانتقالية خلفا لحكومة رئيس الوزراء المستقيل من منصبه عادل عبدالمهدي.

وتشبه هذه التجاوزات لأنصار الصدر تلك التي نفذتها ميليشيات موالية لإيران مثل الحشد الشعبي وعصائب اهل الحق وحزب الله العراقي، ضد المحتجين منذ بداية الحراك الشعبي في أكتوبر الماضي، والذي كانت حصيلتها دموية وغير مسبوقة.

ويتهم نشطاء عراقيون إيران باستهدافهم بورقة الصدر التي أصبحت الأخيرة بيد طهران بعد محاصرة ميليشياتها التي كانت تأتمر لقائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي قتلته الولايات المتحدة في 3 يناير الماضي في بغداد حيث كان العقل المدبر لوئد الاحتجاجات والمتظاهرين في العراق.

ولليوم الثالث على التوالي، صعد المتظاهرون في بغداد والمحافظات الجنوبية احتجاجاتهم ضد تكليف علاوي الذي لا يحظى بدعمهم  حيث طالبوا باختيار رئيس وزراء مستقل نزيه لم يتقلد مناصب رفيعة سابقا وبعيد عن التبعية للأحزاب ولدول أخرى.
ويطالب المحتجون برحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.

استه
أنصار الصدر يرتدون قبعات زرقاء ويحملون أسلحة بيضاء لترويع المتظاهرين 

وشن المتظاهرون هجوماً على الصدر عبر هاشتاغات مناهضة له على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل #القبعات_الزرقاء_تقمع_الاحرار و#الصدر_يسرق_الثورة و#مقتدى_الغدر و#مقتدى_خائن_للوطن وغيرها، منذ أكثر من أسبوع حين  أعلن زعيم التيار الصدري سحب دعمه للحراك، وأمر أتباعه بمغادرة مخيمات الاحتجاج.

ثم عاد بعد أسبوع ليدعو أنصاره إلى استئناف ما وصفها بـ"الثورة السلمية" في بغداد للضغط على القوى السياسية لتشكيل الحكومة ومحاسبة الفاسدين، قبل يوم واحد من مهلة منحها الرئيس العراقي برهم صالح للكتل البرلمانية لتقديم مرشح توافقي لرئاسة الحكومة يكون مقبولا شعبيا وقادرا على إدارة المرحلة.

وباتت دعوات الصدر مشبوهة لدى المحتجين العراقيين بعد أن تحول أنصاره من "القبعات الزرق" إلى أداة لقمع التظاهرات بعد أن كان يدعي مساندتها.

يذكر أن مفوضية حقوق الانسان العراقية أعلنت الاثنين ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات منذ انطلاقها في أنحاء البلاد في تشرين أول/ أكتوبر الماضي، وحتى نهاية كانون ثان/يناير الماضي.

وقال عضو المفوضية علي البياتي إن عدد ضحايا المظاهرات وصل إلى 556 قتيلا، بينهم 17 من منتسبي الأمن، مشيرا إلى إصابة 23546،بينهم 3519 من الأمن.

ويقدم الزعيم الشيعي الذي طالما ارتبط اسمه بسنوات العنف الطائفي، نفسه وطنيا قوميا يريد تحصين العراق من التدخلات الخارجية فتقرب في الماضي من السعودية في محاولة لإظهار تناغمه مع موقف الرياض الرافض للتدخلات الإيرانية في المنطقة، ثم سارع مجددا للحضن الإيراني في ذروة تحرك طهران لإخماد الحراك الشعبي في العراق.

وبعد مقتل سليماني، تصدر الزعيم الشيعي العراقي المشهد تزامنا مع عودة الزخم للمظاهرات المطالبة بحكومة تكنوقراط مستقلة يرأسها شخص محايد ومستقل. لكن تغريداته المنمقة والسجعية تارة والمهددة للمحتجين وحراكهم تارة أخرى، جعلت الشارع العراقي وخاصة المتظاهرين يردون على ازدواجيته بقوة هذه المرة متهمين إياه بخدمة أجندات إيران الباحثة عن ضمان رئيس حكومة يكون ولائه لطهران أولا.

ويعتبر المتظاهرون أن علاوي وهو صهر أحد عائلات الصدر، جزء من النظام السياسي الحالي لذلك لا يمكن أن يكون محايدا ويمكنه الخروج بالعراق من مستنقع التبعية للنظام الإيراني.

وفعلا رحبت إيران أمس الأحد بتصريحات علاوي حول خروج القوات الأميركية من البلاد، وذكرت أنها مستعدة لتقديم "أي دعم" للحكومة المنتظر تشكيلها والمرفوضة حتى الآن من قبل المتظاهرين.

وسبق وأن رفضت اللجنة المنظمة لمظاهرات ثورة تشرين علاوي، حيث أصدرت بيانا قالت فيه "يرفض المتظاهرون أي اسم شارك في العملية السياسية بعد عام 2003، ولن يقدم المتظاهرون أي اسم أو خارطة للحل قبل حل البرلمان الذي وصل إليه أعضاؤه الحاليون بالتزوير وهيمنة إيران عليه"، داعية الأطراف السياسية الداعمة لمطالب المتظاهرين بالمساهمة في حل البرلمان.

ودعت في بيان جديد "الشعب العراقي الصابر بالخروج في مظاهرات مليونية عارمة يوم  الجمعة 7 فبراير لرفض ترشيح المدان الهارب الفاسد محمد توفيه علاوي لمنصب رئيس الوزراء" في ساحة التحرير ببغداد وفي جميع محافظات الجنوب.

وأضاف البيان "يوم الجمعة القادم لنهتف:لا وألف لا لك يا علاوي، لا وألف لا لمرشح  قم وطهران وذيولهم الشريرة في المنطقة الخضراء"، في إشارة إلى صفقة عقدتها طهران وقالت مصادر عراقية إنها رتبت في مدينة قم الإيرانية بحضور مسؤول في حزب الله اللبناني وقادة الميليشيات العراقية الموالية لإيران، وقادة من النظام الإيراني.

وقبلها وردت أنباء عن اجتماع عقد في إيران أيضا اجتمع خلاله الصدر بزعيم تحالف الفتح هادي العامري وقادة إيرانيين لبحث الاسم المناسب الذي يمكن ترشيحه لرئاسة الوزراء، وملفات أخرى.

واليوم الاثنين حاول علاوي استعطاف المحتجين داعيا إلى سحب فتيل النزاع والخلافات وعدم إتاحة الفرصة للفاسدين لإرجاع عقارب الساعة إلى الوراء.

وقال علاوي الذي ادعى أن اختياره جاء بعد طرح اسمه في ساحات التظاهر وتمثيله المحتجين السلميين "فقط بروح الأخوة والمحبة والتعاون نستطيع أن ننقذ بلدنا وننهض به ونحقق ازدهاره وتطوره، وبخلاف ذلك سنفقد ما تحقق من إنجازات عظيمة وسنجر بلدنا إلى الهاوية".
وأمام علاوي مهلة 30 يوما لتقديم تشكيلته الحكومية إلى البرلمان لمنحها الثقة.