أحكام مغلظة للمتهمين في حرائق تيزي وزو

محكمة جزائرية تصدر أحكاما تتراوح بين الإعدام في حق 38 متهما في قضية قتل جمال بن إسماعيل والسجن بين 20 عاما و3 سنوات بحق آخرين، مع تسليط غرامات تصل إلى 500 ألف دينار.

الجزائر - ثبّتت محكمة جزائرية اليوم الاثنين حكم الإعدام في حق 38 مشتبها في قضية قتل جمال بن إسماعيل والتنكيل بجثته لاتهامه ظلما بإشعال حرائق غابات تيزي وزو، فيما تأتي هذه الأحكام المغلظة بعد أن وجهت السلطات الجزائرية إلى الموقوفين في القضية تهما ثقيلة من بينها ارتكاب أفعال إرهابية وتخريبية واستهداف أمن الدولة، في مسعى لتثبيت الرواية الرسمية التي روّجت لوقوف حركة استقلال مناطق القبائل "الماك" الانفصالية وراء الحرائق خدمة لأعداء البلاد في سياق مؤامرة أجنبية تهدف إلى إثارة الفوضى في البلاد، بينما انتقدت العديد من المنظمات الدولية المحاكمات لما شابها من خروقات.

وأوردت صحيفة "النهار أونلاين" الجزائرية الأحكام، مشيرة إلى أن "محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في العاصمة الجزائر قضت بالإعدام بحق 38 متهما في قضية قتل جمال بن اسماعيل"، مضيفة أنه تم الحكم على متهم واحد بـ10 سنوات سجنا و100 ألف دينار بالإضافة إلى الحكم بسجن 14 متهما 3 سنوات سجنا وتغريمهم بـ100 ألف دينار.

كما قضت المحكمة بالسجن 20 عاما بحق 6 متهمين آخرين وتغريم 8 موقوفين بـ500 ألف دينار، في حين تمت تبرئية 26 موقوفا من التهم المنسوبة إليهم.

وكانت النيابة العامة الجزائرية قد طالبت بتسليط عقوبة الإعدام في حق  69 متهما في القضية كما دعت إلى سجن بقية الموقوفين 10 سنوات مع تسليط غرامات عليهم قدرها 500 ألف دينار. وتخفف أحكام الإعدام تلقائيًا إلى الحبس مدى الحياة لأن الجزائر أوقفت تنفيذ عقوبة الإعدام منذ عام 1993.

ووجهت للمتهمين تهم تتعلق بالقيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي عن طريق بث الرعب في أوساط السكان وخلق جو من انعدام الأمن من خلال الاعتداء المعنوي والجسدي على الأشخاص وتعريض حياة الأشخاص وأمنهم للخطر والمساس بممتلكاتهم بالإضافة إلى تهمة المشاركة في القتل العمدي مع سبق الإصرار و الترصد.

وجمال بن إسماعيل فنان تشكيلي كان يبلغ من العمر 38 عاما عندما ذهب طوعا إلى إحدى قرى تيزي وزو بشمال غرب البلاد للمساعدة في إطفاء حرائق اندلعت في أغسطس/آب 2021 في عدد من الغابات وأسفرت عن نحو 90 قتيلا.

وعندما علم أن البعض من سكان البلدة اشتبه بضلوعه في إشعال الحرائق كونه غريبا عن المنطقة، سارع إلى تسليم نفسه للشرطة، لكنّ حشدا غفيرا من المواطنين الغاضبين انتزعوه من أيدي قوات الأمن وعذّبوه وسحلوه وأحرقوه حيّا ومثّلوا بجثّته.

وأظهرت مشاهد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي حشوداً تطوّق سيارة الشرطة التي كان بن اسماعيل داخلها ثم تسحبه وتنهال عليه بالضرب وبعد تعذيبه أُحرق حيّا، فيما راح شبّان يلتقطون صور "سيلفي" أمام جثته المتفحمة.

وحاول الأشخاص الذين التقطوا صور سيلفي إخفاء أثرهم، لكن مستخدمي الإنترنت من جميع أنحاء البلاد وثقوا مقاطع فيديو والتقطوا صورا حتى لا يفلت مرتكبو هذه الجريمة البشعة التي أثارت صدمة لفظاعتها، من العقاب.

وكانت المحكمة الابتدائية الجزائرية أصدرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أحكامًا بإعدام 49 شخصًا من بين 94 حوكموا في هذه القضية بعد إدانتهم بقتل جمال بن إسماعيل، في خطوة انتقدتها العديد من المنظمات الدولية ومن بينها منظمة العفو الدولية التي طالبت السلطات الجزائرية بإلغاء أحكام الإعدام.

وقالت المنظمة في بيان بعد إصدار الأحكام المشددة إن "المحاكمات شابتها انتهاكات لإجراءات المحاكمة العادلة وادعاءات بالتعذيب"، مشددة على أنه "لا يمكن تبرير فرض عقوبة الإعدام أبدا بغض النظر عن الجريمة المرتكبة"، مطالبة بإلغاء أحكام الإعدام وأحكام الإدانة القاسية بصورة ملحّة"، داعية إلى "التحقيق على وجه السرعة في جميع مزاعم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة وإعادة محاكمة جميع المدانين غيابيا أو الذين تمّت مقاضاتهم بسبب انتماءاتهم السياسية".

وتزامنت الأحكام المشددة مع تنامي الحراك الشعبي في الجزائر وتصاعد الانتقادات إزاء حملة القمع التي يشنها النظام ضد أي صوت يعارض سياسة الرئيس عبدالمجيد تبون، فيما يذهب العديد من الجزائريين إلى القول بأن الأوضاع كانت أفضل خلال عهد الرئيس الأسبق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، بينما سعت السلطات إلى إشاعة أجواء من الترهيب بالتركيز على تهديدات إرهابية ومؤامرات.

وكانت السلطات الجزائرية وجهت تهما لحركة "الماك" الانفصالية بالوقوف وراء حرائق غابات تيزي وزو، في مسعى للتغطية على اتهامات وجهت لها بالتقصير، لافتة إلى أن الشبكة التي "تصنفها منظمة إرهابية تقف وراء قتل الشاب جمال بن إسماعيل حرقا".