أسباب فنية وانتخابية وراء تأخر افتتاح واشنطن قنصلية بالداخلة

استمرار الاعتراف الأميركي بقضية الصحراء يجسد بشكل واضح سعي البيت الأبيض إلى إبقاء العلاقات التاريخية مع الرباط في مستويات متقدمة.

واشنطن – كشف دوغلاس بيتكين مدير الميزانية والتخطيط بوزارة الخارجية الأميركية أن التخطيط مازال مستمرا لفتح القنصلية الأميركية بمدينة الداخلة في الصحراء المغربية، معتبرا أنه لن يتم في الوقت الراهن بسبب ”الظروف الأمنية”، فيما تشير التسريبات إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تريد تأجيل الخطوة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية لكنها في نفس الوقت تؤكد التزامها بالاعتراف بمغربية الصحراء.

و قال دوغلاس في ندوة صحافية بمقر الوزارة الخارجية، ردا على سؤال حول الجدول الزمني لفتح القنصلية الأميركية بالداخلة ”موعد فتح القنصلية جزء من عملية اتخاذ القرار، سواء الإرادة السياسية أو الأمن أو الموارد المناسبة"، مضيفا “في هذه المرحلة أعتقد أنه يتعين علينا أن نأخذ الجدول الزمني في عين الاعتبار”.

وثيقة الاعتراف الأميركية تتضمن أن الولايات المتحدة تعتقد أن خطة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب هي الخيار الواقعي الوحيد لتحقيق حل عادل ودائم ومقبول للطرفين للنزاع حول الصحراء.

ويقول محللون إن أولوية الإدارة الحالية تختلف عن الإدارة السابقة؛ الأمر الذي يجعلها تؤجل افتتاح القنصلية بالداخلة، لكنها في نفس الوقت تحافظ على الوعد الأهم الذي أطلقه الرئيس السابق دونالد ترامب، وهو استمرار الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء؛ وهو يجسد بشكل واضح سعي البيت الأبيض إلى إبقاء العلاقات التاريخية مع الرباط في مستويات متقدمة.

وتدرك واشنطن جيدا أهمية العلاقات مع المغرب لذلك عليها الحذر مع الجزائر لتخفيف التوترات مع الرباط ودرء المزيد من التصعيد العسكري في الصحراء المغربية. ويتطلب ذلك اتباع نهج دقيق، مع الاستفادة من نفوذ الولايات المتحدة لإخماد الأعمال العدائية والعودة إلى الحوار.

وأعلن البيت الأبيض، الاثنين خطة الميزانية لعام 2025 التي اقترحها بايدن، ويبلغ قدرها 7.26 تريليون دولار. وأكدت وثيقة مشروع الميزانية لعام 2025 التي خلت من أي مشروع لتدشين تمثيلية لواشنطن في الصحراء، على الرغم من أن الأمر مُضمن في الإعلان الرئاسي الذي وقعه الرئيس السابق دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول من سنة 2020.

ويعني ذلك أن إدارة بايدن، في آخر سنة من ولايتها، قررت الاستمرار في تأجيل ملف القنصلية إلى أجل غير مسمى، على الرغم من كونه جزءا من الاتفاق الثلاثي بين الولايات المتحدة الأميركية والمغرب وإسرائيل، الموقع أواخر سنة 2020، والذي تضمن عودة العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب بعد 20 سنة على قطعها.

وسيكون إتمام هذه الخطوة رهينا بالإدارة المقبلة والتي ستخرج إلى حيز الوجود بعد الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الجاري، ويُنتظر أن يتنافس الرئيس الحالي بايدن، مرشحا للحزب الديمقراطي، مع الرئيس السابق ترامب ممثلا للحزب الجمهوري، بعدما اكتسح هذا الأخير الانتخابات التمهيدية وحسم نتائجها مبكرا لصالحه.

ويتضمن الإعلان الموقع من قبل ترامب بخصوص الصحراء، والمنشور حتى اليوم في المواقع الحكومية الأميركية افتتاح القنصلية، حيث جاء فيه ما يلي "أعلن الرئيس ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وكذلك نيتنا فتح قنصلية للولايات المتحدة في المنطقة".

وأوردت الوثيقة نصا "تعتقد الولايات المتحدة أن خطة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب هي الخيار الواقعي الوحيد لتحقيق حل عادل ودائم ومقبول للطرفين للنزاع حول الصحراء"، وأضافت "إن المغرب هو أحد أقدم وأقرب حلفاء الولايات المتحدة، وقد أكدت كل إدارة أميركية منذ الرئيس كلينتون دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي".

وتابع الإعلان "يحث الرئيس ترامب جميع الأطراف على المشاركة البناءة مع الأمم المتحدة والنظر في طرق مبتكرة وحقيقية لدفع عملية السلام إلى الأمام"، خالصا إلى أن "هذا الاعتراف يترك مجالا للتوصل إلى حل تفاوضي، وتظل الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع المغرب وجبهة بوليساريو وجميع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية المعنية لدعم العمل الضروري في المستقبل وإنشاء منطقة أكثر سِلما وازدهارا".