إدانة قضائية أوروبية لتركيا عن انتهاكات تخللت حملة التطهير

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تفرض على أنقرة  دفع غرامة مالية بقيمة خمسة آلاف يورو لكل من القضاة والمدعين العامين الـ427 المحتجزين منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 بشبهة الانتماء لمنظمة فتح الله غولن.
القرار القضائي الأوروبي يسلط الضوء على حملة اعتقالات عشوائية
تركيا تواجه اتهامات بانتهاك حق الحرية للمئات ممن اعتقلوا خلال حملة التطهير
مجلس أوروبا يهدد تركيا بالعقوبات ما لم تفرج عن عثمان كافالا

ستراسبورغ (فرنسا) - بعد خمسة أعوام من محاولة الانقلاب في تركيا عام 2016 التي تلتها حملة تطهير واسعة النطاق في الإدارة والجيش والأوساط الفكرية، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الثلاثاء أنقرة لاحتجازها احتياطيا بشكل "تعسّفي" 427 قاضيا ومدّعيا تركيا.

واعتبر القضاة الأوروبيون السبعة المكلّفون بالحكم في هذا الملف بالإجماع في قضية إضافية أمام هذه المحكمة منذ إطلاق حملة التطهير، أن أنقرة انتهكت "الحقّ بالحرية" لـ427 قاضيا ومدّعيا الذي تضمنه الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وقالوا إنه لم يتمّ اتخاذ قرار الاحتجاز المؤقت لهؤلاء القضاة "وفقا لإجراء منصوص عليه في القانون" ولم يكن ذلك "مطلوبا حصرا حسب متطلّبات الوضع".

وذكّرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن "مقتضيات الأمن القانوني" لا تزال "أكثر أهميّة" إذ أنها تتعلّق بانتهاكات لاستقلالية القضاة "نظرا إلى أهمية السلطة القضائية في دولة ديمقراطية".

وأوقف هؤلاء القضاة والمدعون العامون الذين كانوا يمارسون مهنتهم على مستويات عدة منها محكمة التمييز والمحكمة الإدارية العليا وحُبسوا "بشبهة الانتماء إلى فيتو" التي تعني في مصطلحات السلطات التركية "المنظمة الإرهابية" لأنصار فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط لمحاولة الانقلاب.

وفرضت المحكمة الأوروبية على تركيا دفع غرامة بقيمة خمسة آلاف يورو لكل من القضاة والمدعين العامين كتعويض معنوي.

وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو/تموز 2016، نفذت السلطات التركية عمليات تطهير واسعة غير مسبوقة، شملت أشخاصا تشتبه بأنهم من أنصار فتح الله غولن العدو اللدود للرئيس التركي رجب طيب أردوغان فضلا عن معارضين أكراد وعسكريين ومثقفين وصحافيين موقفة عشرات آلاف الأشخاص.

وأصدرت مرسوما أقالت فيه 2847 قاضيا ومدعيا عاما للاشتباه بانتمائهم إلى منظمة غولن إذ أن السلطة التركية تعتبر أن ذلك "لا يتماشى مع مبدأ عدم الانحياز" على ما أشارت المحكمة الأوروبية.

من بين القضايا العديدة التي نظرت فيها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حكم القضاء التركي على الصحافي والكاتب الشهير أحمد ألتان الذي أسس صحيفة "طرف" المعارضة، في قضية أثارت موجة غضب في الخارج.

وأوقف أحمد ألتان في سبتمبر/أيلول 2016 وحُكم عليه بالسجن في 2018 بتهمة "محاولة قلب النظام الدستوري".

وأُفرج عن ألتان في 14 أبريل/نيسان 2021، بعد قرار لمحكمة النقض التركية يلغي عقوبة السجن بحقه، جاء بعد يوم من إدانة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لتركيا لاحتجازها الصحافي.

وفي المقابل، أبقيت شخصيات أخرى من المجتمع التركي قيد الاعتقال، ويُشتبه أيضا في أنها دعمت محاولة الانقلاب، على غرار رجل الأعمال والناشط الخيري عثمان كافالا الذي طالبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بـ"الإفراج الفوري" عنه عام 2019 لكن بدون جدوى.

وهدّد مجلس أوروبا بفرض عقوبات على أنقرة التي قد يتمّ تبنيها أثناء جلسته المقبلة (30 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 2 ديسمبر/كانون الأول)، ما لم يتمّ الإفراج عنه بحلول ذلك التاريخ.

والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هيئة مكلفة بتوفير استجابة قضائية لانتهاكات الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها الدول السبع والأربعون الأعضاء في مجلس أوروبا.