إيران تتوعد بردّ مزلزل على تفجيري كرمان

الهجوم الدموي الذي تبناه 'داعش' يشير إلى أن التنظيم يسعى لإعادة بناء قوته.
وزير الداخلية الإيراني يعلن اعتقال عدد من المشتبه بهم
قائد الحرس الثوري: داعش كان نتاج سياسة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي

طهران - طالب مشيعو ضحايا انفجاري كرمان الدمويين بالانتقام، فيما أعلن وزير الداخلية أحمد وحيدي عن اعتقال عدد من المشتبه بهم في التفجيرين اللذين أعلن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" مسؤوليته عنهما. وأكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن ردّ طهران سيكون في التوقيت والمكان المناسبين، متهما إسرائيل بصناعة "داعش".

وفي لقطات بثها التلفزيون الحكومي، هتف المشيعون "الانتقام الانتقام" خلال الجنازات بمدينة كرمان التي كانت مسرحا لتفجيري الأربعاء الماضي، اللذين كانا الأكثر دموية في إيران منذ الثورة الإسلامية في 1979.

وقُتل نحو 100 شخص في مدينة كرمان أثناء إحياء ذكرى قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي قتلته طائرة مسيرة أميركية في العراق عام 2020.

وتأتي التفجيرات وسط تصاعد التوترات الإقليمية واقتراب الحرب الإسرائيلية على حركة حماس في غزة من دخول شهرها الرابع.

وقال وحيدي دون الدخول في تفاصيل "عثرت أجهزة الاستخبارات على أدلة مهمة للغاية على العناصر المتورطة في التفجيرات الإرهابية في كرمان وتم اعتقال عدد ممن كان لهم دور في هذا الحادث".

وقال قائد الحرس الثوري حسين سلامي في مراسم تشييع الجثامين في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية "سنجدكم أينما كنتم".

وتابع "داعش كان نتاج سياسة الولايات المتحدة في العالم الإسلامي"، مضيفا أن "تنظيم الدولة الإسلامية أراد أن يرسم خارطة سياسية جديدة وكان حلمه إقامة الخلافة في كل الدول الإسلامية".

وفي خطاب نقله التلفزيون، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي "أعداؤنا يرون قوة إيران والعالم كله يعرف قوتها وقدراتها. وستقرر قواتنا المكان والزمان المناسبين للرد"، مشددا على أن تنظيم الدولة الإسلامية الذي تبنى الاعتداء "صنعته" إسرائيل.

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية في 2022 مسؤوليته عن هجوم دموي في ضريح شيعي بإيران أسفر عن مقتل 15 شخصا، كما أعلن في 2017 مسؤوليته عن تفجيرين استهدفا مقر البرلمان وضريح آية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية.

ودأب التنظيم  الذي أعلن مسؤوليته عن تفجيري كرمان ذات الأغلبية الشيعية على العمل في الخفاء منذ القضاء على معظم مقاتليه على أيدي تحالف تقوده الولايات المتحدة.

وفي ذروة قوته، فرض 'داعش' حكما اتسم بالرعب على ملايين الأشخاص وأعلن سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي في العراق وسوريا.

وأعلن مقاتلوه هزيمة جيشي البلدين في مناسبات عدة ونفذوا هجمات أو أوعزوا بها في عشرات المدن حول العالم. وكان التعذيب والموت مصير أي شخص يعارض الفكر المتشدد للتنظيم.

وأعلن زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي قيام دولة الخلافة من منبر مسجد النوري التاريخي في العراق عام 2014. وقُتل البغدادي بعد خمس سنوات في غارة شنتها قوات خاصة أميركية في شمال غرب سوريا.

وانهارت دولة الخلافة في العراق، حيث كان للتنظيم قاعدة على بعد 30 دقيقة فقط بالسيارة من بغداد، كما عرفت نفس المصير في سوريا بعد حملة عسكرية متواصلة شنها تحالف تقوده الولايات المتحدة.

رئيسي يتّهم إسرائيل بصناعة 'داعش"
رئيسي يتّهم إسرائيل بصناعة 'داعش"

وقال أيمن جواد التميمي المحلل في منتدى الشرق الأوسط إن الهجوم الذي وقع هذا الأسبوع في إيران يشير إلى أن التنظيم يسعى لإعادة بناء قوته وأهميته.

وأضاف "أهداف التنظيم تظل كما هي: الجهاد ضد جميع أعداء التنظيم من أجل إقامة الخلافة في المنطقة لكي تحكم العالم كله في نهاية المطاف".

ويغيّر تنظيم الدولة الإسلامية من أساليبه منذ انهيار دولة الخلافة وتعرضه لسلسلة من الانتكاسات الأخرى في الشرق الأوسط. ولجأ 'داعش' إلى المناطق النائية في سوريا والعراق بعد أن كان يتخذ من مدينة الرقة السورية ومدينة الموصل العراقية مقرا له، حيث سعى إلى تشكيل حكومة مركزية.

وينتشر مقاتلو التنظيم في خلايا مستقلة فيما يحيط الغموض بموقف قياداته ومن الصعب تحديد العدد الإجمالي لمقاتليه، لكن الأمم المتحدة تقدر عددهم بنحو عشرة آلاف مقاتل في معاقل التنظيم.

وأشار تقرير للأمم المتحدة العام الماضي إلى احتمال وجود عدد يتراوح بين 800 إلى 1200 مقاتل لتنظيم الدولة الإسلامية في سيناء المصرية.

وفي ليبيا، حيث كان التنظيم يسيطر ذات يوم على شريط من الأراضي على ساحل البحر المتوسط، دب الضعف في صفوفه لكنه لا يزال بإمكانه استغلال الصراع المستمر في البلاد. وتراجع نفوذ التنظيم في اليمن أيضا.

وفي أوغندا، شن مسلحون من القوات الديمقراطية المتحالفة، وهي جماعة متحالفة مع تنظيم الدولة الإسلامية، سلسلة من الهجمات في الأشهر الماضية، منها مذبحة في مدرسة داخلية، وقتلوا زوجين يقضيان شهر العسل، وفي الشهر الماضي شنوا هجوما على قرية، مما أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل.

ونقلت القوات، التي بدأت في شكل انتفاضة في أوغندا، جزءا كبيرا من عملياتها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة حيث شنت عدة هجمات.

وأعلنت عدة جماعات أخرى مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا وفي منطقة الساحل. وتسيطر هذه الفصائل على مناطق واسعة من ريف مالي والنيجر وشمال بوركينا فاسو إلى شمال أفريقيا.

وفي يناير/كانون الثاني 2023، نفذ الجيش الأميركي عملية أسفرت عن مقتل قائد كبير في تنظيم الدولة الإسلامية في شمال الصومال. وأثار تقرير للأمم المتحدة مخاوف من أن جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية قد تستغل حالة عدم الاستقرار السياسي والعنف في السودان.

وقال المركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب في تقرير نشر في أغسطس/آب إن التهديد الذي يشكله تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة "وصل إلى أدنى مستوياته مع قمع العناصر الأكثر خطورة".

لكنه حذر مجددا من أن نصف الجماعات التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "تنشط الآن في عمليات تمرد في أنحاء أفريقيا" "وربما تستعد لمزيد من التوسع".

وقال إن التنظيم فقد ثلاثة من أكبر قياداته وما لا يقل عن 13 من مسؤولي العمليات البارزين في العراق وسوريا منذ أوائل عام 2022 "مما ساهم في فقد الخبرة وتراجع هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في الشرق الأوسط".

وقال أندرياس كريج، الأستاذ المشارك في جامعة كينجز كوليدج في لندن، "بشكل عام، نفذ تنظيم الدولة الإسلامية هجمات أقل بكثير في العام الماضي مقارنة بالسنوات السابقة".

وأضاف "الهجمات التي أعلن داعش مسؤوليته عنها انخفضت بشكل كبير على مستوى العالم. أفريقيا هي المنطقة الوحيدة التي لا تزال الجماعات التابعة للتنظيم تنمو فيها".