اتحاد كتاب مصر يناقش تجربة الخمليشي النقدية

لجنة العلاقات العربية في النقابة تعقد ندوة بعنوان 'ملامح التجربة الأدبية والنقدية للناقدة الأكاديمية المغربية د. حورية الخمليشي' ادارها يسيم عبدالعظيم وأحمد فضل شبلول.

القاهرة ـ في مقر النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بالزمالك برئاسة د. علاء عبدالهادي، عقدت لجنة العلاقات العربية برئاسة د. بسيم عبدالعظيم ولجنة الجوائز برئاسة الشاعر والروائي أحمد فضل شبلول، ندوة مساء الأحد 28 أبريل/نيسان 2024، بعنوان: "ملامح التجربة الأدبية والنقدية للناقدة الأكاديمية المغربية د. حورية الخمليشي" أدار اللقاء كل من د. بسيم عبدالعظيم، وأحمد فضل شبلول، وحضره المستشار الثقافي للمملكة المغربية في القاهرة د. سلمى المرتجي، ولفيف من الأدباء من مصر وسوريا وفلسطين، وقد استُهلت الندوة بالترحيب بالضيوف والتعريف بالضيفة المغربية القديرة صاحبة المنجز النقدي المميز، وهي عضو اتحاد كتاب المغرب، وعضو لجنة التحكيم في العديد من الجوائز الأدبية.

وتحدث شبلول عن القيمة المهمة لكتاب الخمليشي الرائد في الحقل النقدي حول الشعر والغناء في الوطن العربي وترسيخ الثقافة الكونية، كما تحدث عن طبيعة العلاقات الوطيدة بين مصر والمملكة المغربية منذ زمن بعيد.

ورحب د. بسيم عبدالعظيم بالحضور وعبر عن سعادته باستضافة الناقدة  د. حورية الخمليشي، وشكر الحضور المميز للمستشار الثقافي للمملكة المغربية د. سلمي المرتجي، وأشاد بضيوف اللقاء من المشاركين في تقديم رؤيتهم حول بعض كتب د. حورية وهو ما يعكس مدى الاهتمام بمعرفة ما يقدمه أدباء ونقاد المغرب العربي من منجز أدبي ونقدي يثري الحياة الثقافية العربية.

وتحدث الناقد المغربي د. مصطفى شميعة – رئيس المركز الأكاديمي للدراسات الثقافية والتربوية - عن مفهوم الكتابة عند الخمليشي، وأكد تماسك مشروعها التأويلي والجمالي؛ لأنه ينهض على رؤية فكرية واضحة، وتحرر الكتابة لديها من الدوائر المغلقة، وانفتاحها على الأصول النصية، والانفتاح لديها مؤطر بهاجس العلمية في الممارسة الإبداعية يتجاوز زمنه ومكانه ليشمل الأفق الإنساني؛ فهي تفتح أفق التلقي للتعدد والاختلاف.

وأكد شميعة أن الكتابة عند الخمليشي تمارس حرية النقد الفكري والشعري، كما نلمس لديها التواجد الحاضر للاختلاف في الأراء والأفكار، وكتابتها تتميز بالحداثة النقدية الأصيلة وليس الحداثة المهرَّبة من البيئات الأخرى، وذكر أنه في مجال الوعي في الكتابة التأويلية على القارئ أن يستعد لمواجهة أفق فني، وعليه معرفة الأبعاد الدلالية من أشكال وأن يكون قادرًا على الإنصات لصوت الشاعر السحري، وذكر أن الكتابة عند د. الخمليشي كتابة متعددة ولا نهائية، وبمثابة قلق مستمر، وأن مفهوم الكتابة لديها ينهض على المرجعيات النقدية القديمة والحديثة؛ نظرًا لاتساع ثقافتها والقراءة لكبار الكتاب والشعراء والفلاسفة من القدامى والمعاصرين سواء من المبدعين العرب أو الغربيين، كما أن الانفتاح لديها يمثل رؤية مع ممارسة وقدرة على تفكيك المعاني والأفكار، وتشريح النص من أجل بلوغ الفهم لآليات بناء الدلالات من الداخل؛ فهي تستحضر الرؤية العميقة، ولديها القدرة على توظيف الحاسة البصرية لمعرفتها الجيدة بمعاني الألوان، وركز على وعيها الكبير باللغة والصورة وماهيتهما ووجودهما، ووعيها وقدرتها على التفكيك والتدقيق في النصوص القديمة.

وأشار شميعة إلى جهدها النقدي الكبير في الدراسات، كما أشار إلى ريادتها في طرح مفهوم التواشج كمفهوم وآلية وليس كمصطلح؛ فالتواشج عناق بين الشعري والفني وتمثل ذلك في عنوان كتابها "تواشجات الشعري والفني في الشعر العربي الحديث".

وقدم د. حسين حمودة الأستاذ بكلية الآداب جامعة القاهرة دراسة وافية شاملة وضَّح فيها قيمة التجربة النقدية المترامية والمهمة  للدكتورة حورية الخمليشي، مركزًا على كتابها المهم "شعرية الانفتاح في الشعر العربي الحديث"؛ وهو موصول بدراسات أخرى وبكتبها السابقة، وذكر أن الكتاب يُعد كتابا تأسيسيًا ضمن كتبها؛ لأنه يقف على قضايا عظيمة الأهمية في مقدمتها "وحدة العالم بالمعنى النقدي"، وتوقف عند جانب تعريفي بما يحتويه الكتاب من موضوعات، وبعض القيم، وأضاف أن معظم ما تطرحه في الكتاب من قضايا يسمح لنا بالتساؤل حولها من جوانب متعددة؛ فهي تقف عند قضايا تخص التأويل والتلقي، والألوان الشعرية، والألوان الفنية، وجماليات الخط العربي، والفن التشكيلي، وحوار الشعر والمسرح والموسيقى، وتوقف عند بعض العناوين ليشير إلى اتساع وتعدد القضايا التي تتناولها في الكتاب.

كما تحدث حمودة عن حركتها المحسوبة في كتابها بين الحقول المتعددة مثل حقل الشعر، وحقل الأدب المقارن، وذكر أن د. الخمليشي لديها قدرة كبيرة في أن تستعيد المجد الموسوعي في مقاربة بعض الموضوعات، كما أشار إلى وجود روح التقصي في وجهات متنوعة بإتجاهات عدة، وأوضح أن الكتاب ينطلق من وعي منهجي واضح؛ فبه وعي بمفاهيم وإجراءات مهمة، ويتأسس على علاقة ممتدة مستندة على خبرة سابقة، وهو نتاج من انشغال متصل بقضايا انفتاح الشعر، كما أنه يتسلح بالأدوات الأكاديمية المعروفة، وذكر أن الكتاب لا يقنع بتقديم تقرير عن انفتاح الشعر عن الفنون الأخرى، وإنما في جانب كبير منه تفيض ما يشبه القوانين  التي تصوغ هذا الانفتاح على الفنون والإبداعات الأخرى.

وتحدث الناقد د. حسين حمودة عن طرح كتاب الخمليشي لعدة قضايا مهمة منها: "قضية التمثيل الشعري، وقضية  التداخل بين الشعر والرواية على مستوى الجماليات"، وذكر عنوان مقال لأديب مصر الكبير نجيب محفوظ في  الأربعينيات قال فيه: "الرواية شعر الدنيا الحديثة"، وذكر أن محفوظ تمثَّل الشعر تمثلًا عميقا في رواية الحرافيش، كما تناول الكتاب قضية تلقي الشعر وهي قضية مهمة جدا، وكذلك قضية التجنيس، وقضية الحدود بين الأجناس الأدبية، ومحو الحدود فيما بينها، وفي ختام كلمته أشاد بالكتاب وبما طرح فيه من قضايا وقيم، كما أشاد بالمشروع النقدي للدكتورة حورية الخمليشي.

الخمليشي
تماسك مشروعها التأويلي والجمال ينهض على رؤية فكرية واضحة

وتحدث الشاعر د. فوزي خضر - عضو لجنة الجوائز - عن كتاب "الشعر وأنسنة العالم" للدكتورة حورية موضحًا أهمية الكتاب في تقديم مفاهيم الأنسنة، ودور الشعر في إيقاظ الضمير الإنساني، ومن خلال طرح الكتاب يقدم أنسنة جديدة للعالم تنقذ البشرية من دوائر التعصب والكراهية، بعد أن أصبحنا نعيش في زمن تنهار فيه القيم الإنسانية قيمة بعد أخرى، وذكر أن الكتاب يضم 9 فصول، ثم شرح للحضور بعض المضامين والأهداف التي يضمها كل فصل من الفصول التسعة، وفي الفصل الأول كان الحديث عن الشاعر وسؤال الأنسنة وضمت الفصول التالية مواضيع عدة منها الحديث عن النزعة الإنسانية في الشعر القديم والحديث، وجدلية العلاقة بين الشعر والدين، والإشارة إلى نقطة الالتقاء بين النص الأدبي والنص الديني. وأوضح الكتاب أنهما يلتقيان في مجموعة من الأهداف والغايات، وكذلك تم طرح موضوع الهُوية في الفصل الثالث من الكتاب، والحديث عن دور الكتابة النسائية في سمو الذائقة الإنسانية.

وأشاد خضر برأي الدكتورة حورية في أدب المرأة موضحًا وجهة نظرها الواردة في الكتاب بأنها ليست مع إبداع المرأة الذي يتخذ موقفًا عدائيًا من الرجل، واستنادها أن الإبداع الحقيقي يصعب فيه التمييز، كما أشاد بكتابتها عن الحقيقة عند المتصوفة، وتحدث عن مناقشتها للأسطورة والفكر الإنساني في الفصل الخامس من الكتاب، وعن حديثها في الشعر الصوفي والنزعة الإنسانية، وكذلك عرضها لرسائل الشعر في زمن الحرب موضحة أن الشعر رسالة سلام في زمن الحرب.

وختم حديثه بتحية شكر للدكتورة حورية على كتابها القيم بشكل خاص وعلى منجزها النقدي والأدبي بشكل عام، وتساءل هل يستطيع الشعر اليوم أن يكون له دور بارز في أنسنة الإنسان في ظل طغيان الآلة؟

وتحدث الشاعر جابر بسيوني شاكرًا كل من تحدثوا قبله من ضيوف المنصة الكرام معتبرًا كل دراسة قدمت بمثابة إضاءة كاشفة لمنجز المبدعة المغربية الكبيرة، وتحدث عن كتابها المهم في المجال الشعري والموسيقي المعنون بـ "الشعر والغناء وترسيخ الثقافة الكونية" ولفت نظر الدكتورة حورية إلى المطربة المصرية الشهيرة "ساكنة" في القرن الـ 19 أيام الخديوي إسماعيل، وطالبها بأن تعود لتاريخ هذه المطربة الشهيرة؛ لمكانتها المتميزة على المستوى الفني ولتأثيرها على الخديوي نفسه، وذكر أنها ظلت ذائعة الصيت حتى أفل نجمها بظهور المطربة ألمظ، كما طالب د. حورية بأهمية الالتفات إلى أول من ألَّف في التأليف الموسيقي وحوله وهو كامل الخُلعي المولود عام 1870، ورحل عام 1931، وكان رائدًا من رواد التأليف الموسيقي؛ لأنه حول الموسيقى من مرحلة التلحين البحت إلى الرجوع للعلم.

كذلك تحدث بسيوني عن ريادة محمد عثمان في التأليف الموسيقي من ناحية الدور، وصوب ما ذكرته الناقدة عن كون بيرم التونسي شاعرا وملحنا موسيقيا، بأنه يكتب الشعر فقط. وتحدث عن عدد كبير من الشعراء والملحنين المصريين، وأشاد بالدور الذي يلعبه الشعر والغناء في ترسيخ الثقافة الكونية كما وضح في كتاب الدكتورة حورية؛ لكونها لا تتعامل مع نص فقط بل تتعامل مع رصد فني دقيق، كما أشاد بمنهجيتها في البحث ورجوعها للكبار أمثال ابن سينا والفارابي وصلاح عبدالصبور لمعرفة رأيهم في الغناء، وأثنى على ربطها الجيد بين  علاقة الشعر والغناء بالثقافة الكونية، وإلى قدرتها الفائقة بعد الجهد العلمي الممنهج، وبحثها الرائع في الشعر والغناء بين الفصحى والعامية، وبعد اختيارها لمجموعة كبيرة من نماذج الشعر العربي القديم والحديث والعامي، في الوصول بالقارئ إلى قناعة تامة بأننا أصبح لدينا القدرة والمقدرة على الاستماع واستيعاب الموسيقى البحتة شأننا في ذلك شأن المستمع الأجنبي.

وختم كلمته بتوجيه الشكر على كل ما قدمته من جهد علمي غير عادي في حديثها عن الشعر والغناء في الأدب العربي، وشكر لها إشادتها بريادة عبدالوهاب وأم كلثوم في مجال التلحين والغناء، ولكنه طالبها بأهمية ذكر كامل الخلعي وسيد درويش في كتابها، مشيرًا إلى أن عبدالوهاب نفسه قد حسم الأمر بأنه تكرار لما قدم سيد درويش، وأشاد بذكر الباحثة لديوان الشاعر عبدالرفيع جواهري الشاعر الغنائي المغربي الكبير.

وفتح باب المداخلات للأساتذة الحضور وكان من بينهم مداخلة للدكتورة هدى عطية رئيس شعبة النقد والدراسات الأدبية بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، ومداخلة أخرى للشاعر القدير محمد آدم، وختمت الندوة بكلمة موجزة للناقدة د. حورية الخمليشي عبرت فيها عن سعادتها البالغة بوجودها في النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، كما عبرت عن سعادتها بالقراءات المتعمقة التي تناولت منجزها النقدي، وأشادت بدور مصر الثقافي الكبير في احتضان كافة الثقافات، كما تحدثت عن مشكلة الشعر الكبرى في التلقي؛ معتبرة أن معظم القراءات تقرأ أصحاب النصوص لا النصوص، وردت على ما وجه لها من أسئلة ضيوف المنصة متحدثة عن عدة نقاط منها الشعرية العربية الموسعة، وامتزاج الفنون بعضها ببعض، وطالبت بحتمية التمييز بين الثقافة البصرية والكتابية، وتحدثت عن طه حسين وذكرت أنه أول من فصل بين الدين والشعر، وأعطى قداسة للشعر، وأشارت إلى كتابه المهم "مستقبل الثقافة في مصر"، كما تحدثت عن ثقافة الصورة في العصر الحديث، وعن أهمية مطالعة كتب التراث، كما تحدثت عن حبها للأصمعي، وعن أهمية وجود الموسيقى في الشعر، كما تحدثت عن موضع الشعر المنثور في الثقافة العربية القديمة وذكرت أن أبا الشعر المنثور هو  أمين الريحاني، وختمت بالحديث عن عشقها للشعر والأدب، وعن حبها للتنوع في كتاباتها.