استياء يدفع قطر للتلويح بمراجعة الوساطة بين حماس وإسرائيل

من المستبعد أن تتخلى قطر عن لعب دور الوسيط بين حماس وإسرائيل، فهذا الدور يشكل العمود الفقري للقوة الناعمة للإمارة الخليجية الصغيرة.

الدوحة - أثار إعلان قطر عزمها على إعادة تقييم دور الوساطة الذي تقوم به بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية، المخاوف من توقف المفاوضات الهادفة إلى إرساء هدنة في غزة، في حين يرى خبراء أن موقف الدوحة هو احتجاج أكثر مما هو تهديد فعلي.

ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة مع شن حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل التي ردت بحملة قصف مدمرة وعمليات برية واسعة النطاق، أدت قطر التي تستضيف رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، دورا محوريا في المفاوضات إلى جانب الولايات المتحدة ومصر.

ونجحت الإمارة الخليجية التي تؤوي أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة، في انتزاع هدنة لأسبوع في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، أتاحت إطلاق سراح حوالي مئة رهينة من أصل 250 شخصا خطفوا من جنوب إسرائيل خلال هجوم حماس، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

غير أن كل المساعي لإحلال هدنة ثانية فشلت منذ ذلك الحين. وإزاء الانتقادات الصادرة بصورة خاصة عن إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الأربعاء أن الدوحة "تقوم بعملية تقييم شامل لدور" الوساطة الذي تقوم به.

ورفضت قطر مرارا انتقادات إسرائيلية ولا سيما من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي وصف دورها في المفاوضات بـ"الإشكالي" وكثف ضغوطه على الدوحة للإفراج عن الرهائن.

كما حملت السفارة القطرية في واشنطن الثلاثاء على تصريحات للنائب الديموقراطي الأميركي ستيني هوير دعا فيها الولايات المتحدة إلى مراجعة علاقاتها مع قطر، متهما الإمارة بعدم ممارسة ضغوط كافية على حماس للتوصل إلى إطلاق سراح الرهائن.

وندد الشيخ محمد بـ"استغلال وإساءة مرفوضة" وبـ"مزايدات سياسية من بعض السياسيين من أجل حملاتهم الانتخابية من خلال الإساءة لدور قطر"، مؤكدا أن الدوحة "ستأخذ القرار المناسب في الوقت المناسب" بشأن مواصلة جهود الوساطة أو وقفها.

ورأى جيمس دورسي الباحث في معهد الشرق الأوسط في جامعة سنغافورة الوطنية أن قطر تسعى من موقفها "للردّ" على الانتقادات ولا "تنوي جديا التخلي عن دورها كوسيط"، وهو دور يعتبر "من الركائز الأساسية لسياسة القوة الناعمة التي يعتمدها البلد".

وقال إن قطر أرادت أن تستهدف بصورة رئيسية "إسرائيل وبنيامين نتنياهو وأنصاره في الكونغرس الأميركي، لكنها تسعى أيضا إلى الضغط على إدارة الرئيس جو بايدن لحضها على الدفاع عنها".

ولفت أندرياس كريغ خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية كينغز كولدج في لندن إلى أن الدوحة لعبت "دورا حاسما" لانتزاع الهدنة في نوفمبر/تشرين، وهي "مستاءة لعدم اعتراف الجميع وخصوصا إسرائيل بذلك"، غير أنه من المستبعد برأيه أن "تنسحب من جهود الوساطة" بعدما "استأثرت بالعلاقة" مع حماس.

وباتت قطر قناة التواصل الرئيسية مع حماس التي تقيم مكتبها السياسي في الدوحة منذ 2012. وأكد  أندرياس كريغ أن الدوحة "لا غنى عنها" في جهود الوساطة لأن المصريين لا يملكون "إمكان التواصل" ذاته مع حماس.

وأكد دورسي أنه "إن انسحبت قطر من المحادثات، فستخضع لمزيد من الضغوط لطرد حماس من أراضيها". وفي حال خرجت حماس من قطر، تبدو الجزائر ولبنان وإيران مقرا محتملا لقيادتها السياسية. وتساءل الخبير في حال انتقال المكتب السياسي إلى إيران، "إلى من سيتوجه الأميركيون والإسرائيليون للوصول إلى حماس؟" ورأى أن تركيا التي يزورها هنية في نهاية الأسبوع قد تؤدي أيضا دور وساطة.

وتتبادل إسرائيل وحماس الاتهامات بإحباط اقتراح طرحه الوسطاء ينص على هدنة من ستة أسابيع وعلى إطلاق سراح 42 رهينة إسرائيلية في مقابل إطلاق سراح 800 إلى 900 فلسطيني في السجون الإسرائيلية.

وتطالب حماس بوقف نهائي لإطلاق النار وسحب إسرائيل قواتها من كل أنحاء قطاع غزة والسماح بعودة النازحين وزيادة تدفق المساعدات، بينما اتهم جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد) الحركة بأنها "لا تريد اتفاقا إنسانيا ولا عودة الرهائن".