الإيرانية الفائزة بجائزة نوبل تدعم من السجن الثورة ضد إلزامية الحجاب

نرجس محمدي تؤكد أن الحجاب الإلزامي هو المصدر الأساسي للهيمنة والقمع في المجتمع ويهدف إلى الحفاظ على الحكومة الدينية المستبّدة وضمان استمراريتها.

طهران - مكنت الناشطة الإيرانية نرجس محمدي من تسريب رسالة شكر على منحها جائزة نوبل للسلام من سجنها في طهران قالت فيها "الانتصار ليس أمراً سهلا، لكنه مؤكد"، وجددت معارضتها للحجاب الإجباري قائلة أنه وسيلة للقمع والسيطرة على المجتمع.

ويرى متابعون في إيران أن تركيز الإعلام الأجنبي على مواجهة السلطات عبر اختراق قواعد اللباس المحتشم يزيد من ضغوط التيار المحافظ والشريحة المتدينة على الحكومة لتطبيق القانون، لأنهم يعتبرون الحجاب مؤشرا على "إسلامية النظام" وأن الترويج لخلعه خطة محكمة من أعداء الثورة الإيرانية

وأعربت الناشطة والصحافية البالغة من العمر 51 عاماً في الرسالة التي قرأتها باللغة الفرنسية ابنتها كيانا رحماني ونشرت على موقع جائزة نوبل الرسمي، عن "امتنانها الصادق" للجنة نوبل النروجية. وانتقدت مرة جديدة إرغام النساء في إيران على وضع الحجاب، وهاجمت بشدّة السلطات الإيرانية.

وأعلنت بصوت ابنتها البالغة من العمر 17 عاماً واللاجئة في فرنسا مع بقية أفراد عائلتها "الحجاب الإلزامي هو المصدر الأساسي للهيمنة والقمع في المجتمع، ويهدف إلى الحفاظ على الحكومة الدينية المستبّدة وضمان استمراريتها".

وأضافت "هذه الحكومة رسخّت الحرمان والفقر في المجتمع منذ 45 عاماً. حكومة بنيت على الأكاذيب والخداع والمكر والترهيب. حكومة هدّدت السلام والاستقرار في المنطقة وفي العالم عبر سياساتها العدائية".

وتعدّ نرجس محمدي من الوجوه الأساسية لانتفاضة "امرأة، حياة، حرية" في إيران التي انطلقت بعد وفاة الشابة مهسا أميني وهي في عهدة القوى الأمنية التي أوقفتها بسبب عدم التزامها بقواعد اللباس الإسلامي.

وأوقفت محمدي خلال حياتها 13 مرة وحكم عليها بالسجن خمس مرّات لمدّة إجمالية تبلغ 31 عاماً مع 154 جلدة، ثم سجنت من جديد منذ العام 2021.

وبعد موت أميني، الشابة الكردية البالغة من العمر 22 عاماً، خرجت تظاهرات الى الشوارع في إيران وخلعت نساء غطاء الرأس وقصصن شعرهن في احتجاجات قمعتها السلطات.

وتوفيت السبت الشابة الإيرانية أرميتا جراوند البالغة من العمر 17 عاماً بعد شهر من دخولها غيبوبة، بعد أن أكّدت منظمات غير حكومية أنها تعرضت لاعتداء في المترو على يد شرطة الآداب المكلفة تطبيق الالتزام بالحجاب في الأماكن العامة. لكن السلطات تنفي ذلك وتقول إن الفتاة تعرضت لوعكة صحية.

وقالت محمدي في رسالتها "نحن الشعب الإيراني، نطمح إلى الديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان والمساواة. الجمهورية الاسلامية هي العقبة الأساسية أمام تحقيق هذا المطلب الوطني".

وأضافت من سجن إيفين "نسعى جاهدين عبر التضامن وعبر قوّة مستمّدة من آلية لا تستند الى العنف ولا يمكن إيقافها، إلى تجاوز هذه الحكومة الدينية المستبدة وإعادة إحياء شرف إيران والكرامة الإنسانية".

واختتمت قائلةً "الانتصار ليس أمراً سهلاً لكنه مؤكّد". ولم يعرف كيف تمكنت محمدي تمرير رسالتها.

ومنحت لجنة نوبل جائزة نوبل للسلام لمحمدي في 6 أكتوبر "لكفاحها ضدّ قمع النساء في إيران ونضالها من أجل حقوق الإنسان والحرية للجميع".

وبينما تقبع محمدي في السجن تواصل النساء الإيرانيات مواجهة قمع السلطات، حيث أوقفت المحامية الإيرانية والمدافعة عن حقوق الإنسان، نسرين ستوده، خلال حضورها، الأحد الماضي جنازة الشابة جرواند.

وقال زوج المحامية، رضا خندان، "أوقفت زوجتي خلال جنازة آرميتا غراوند مع الكثير من المشاركين الآخرين" مضيفا أن ستوده "تعرضت للضرب العنيف".

وذكرت وكالة فارس الايرانية للأنباء، أن المحامية ستوده "أوقفت وسلمت إلى الجهات القضائية، بتهمة عدم وضعها الحجاب، والقيام بأنشطة مخلة بالسلامة النفسية للمجتمع".

وأوقفت ستوده البالغة من العمر 60 عاما والحائزة على جائزة "سخاروف" لحرية الفكر من البرلمان الأوروبي عام 2012، عدة مرات في السنوات الأخيرة.

وأودعت السجن في 2018 لدفاعها عن امرأة أوقفت بسبب تظاهرها ضد إلزامية الحجاب في إيران. وفي عام 2019، حكم عليها بالسجن 12 عاما بعد إدانتها بتهمة "التشجيع على الفساد والفجور".

وإلى جانب السجن لجأت السلطات الإيرانية مؤخرا إلى أسلوب آخر ضد النساء اللواتي يرفضن ارتداء الحجاب، حيث ضاعفت السلطات القضائية أحكام "العلاج النفسي" بحق هؤلاء النساء، في خطوة اعتبرتها جمعيات الرعاية الصحية بمثابة استغلال القضاء للطب النفسي. فيما يكشف هذا الوضع بأن الدولة الإيرانية هي في موقف ضعف، حيث تعجز عن فرض احترام القانون الخاص بالحجاب رغم تكثيفها للإجراءات القمعية.