البيت العربي يعقد ندوة حول 'الحرب التي أحرقت تولستوي'

المنتدى الثقافي يناقش أولى نتاجات الكاتبة الأردنية زينب السعود الروائية.

عمّان - ضمن النشاطات الثقافية التي يقيمها منتدى البيت العربي الثقافي، عقدت الثلاثاء الماضي ندوة نقاشية حول رواية "الحرب التي أحرقت تولستوي" التي صدرت في عام 2022 عن "الآن ناشرون وموزعون" وهي أولى نتاجات الكاتبة زينب السعود الروائية.

وفي النقاش الذي أداره الروائي والكاتب أحمد الطراونة في إطار حواري تحدث فيه كل من أستاذ الأدب العربي د. محمد العبسي والناقد والكاتب الأستاذ موسى أبورياش والناقدة د. عائشة الجمل وكان ضيف الشرف الإعلامي والصحفي الأستاذ حسن الشوبكي.

وقال الناقد الأستاذ موسى أبورياش "تتناول السعود في روايتها بعض آثار الحرب الروسية الأوكرانية، والسؤال: لماذا تذهب بعيدا إلى حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل، عن طرفين لا علاقة لنا بهما؟ وهل انتهت الموضوعات المحلية والأفكار التي تخص أوطاننا ومجتمعاتنا؟".

وأضاف "الحديث عن المعاناة الإنسانية لا يخص مجتمعا دون آخر، كما أن العولمة وتدفق المعلومات وسطوة الصورة، جعلت من العالم قرية صغيرة، ولا فرق حقيقيا بين ما يحدث على بعد عشرة آلاف كيلومتر وبين ما يحدث على بعد عشرة كيلومترات، اللهم بزيادة الروابط وعوامل القرب وربما الاستهداف المباشر".

والظاهر أن رواية "الحرب التي أحرقت تولستوي" تتحدث عن الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن من يقرأ الرواية يدرك أن الحرب كان إطارا خارجيا ليس إلا، ولكن السرد تناول شريحة من الطلبة الذين يدرسون هناك، وعلى الأخص اثنين من فلسطين، وصورت معاناتهم والتمييز الذي حدث تجاههم، وما واجهوه من صعوبات وعوائق حتى خرجوا من الحدود بشق الأنفس.

وتابع أبورياش "كما أن الرواية تناولت جانبا من حياة مراسل تلفزيوني أردني، ترك أسرته في عمّان، وصورت جانبا من معاناة أفراد الأسرة وحياتهم، وأثر هذا التباعد على مشاعرهم. أي أن الرواية، لم تتحدث عن الآخر، ولم تذهب بعيدا كما قد يتوهم للوهلة الأولى، أو القراءة السطحية للرواية".

فيما أثنى د. محمد العبسي على الكاتبة التي كانت إحدى طالباته النجيبات، قائلا إن الرواية تنبئ عن روائية مبدعة، متابعا "إن الرواية تنطوي على بعدين إنساني ولاإنساني وأن السعود كانت ثيمتها الرئيسة في العمل هو وضع الاختبارات ووضع الشخصيات على المحك لنرى كيف ستكون مواقفها وردات فعلها".

وأضاف أن "للحالة السردية النهائية أهمية كبيرة في النص السردي، لأنها تساعد على التعرف إلى التحول الذي يطرأ على الحالة الابتدائية، حيث أن الحالة النهائية في هذه الرواية ينهي السارد النص بلقاء جمانة ويوسف، بعد سفر طويل -وحوادث كثيرة عرضت لكليهما، كانت بمنزلة اختبارات للقيم التي يؤمن بها كل منهما. أما الحالة الابتدائية فيبدأ السارد النص بوداع جمانة لزوجها يوسف الذي سيسافر إلى عمله الجديد في أوروبا الشرقية (أوكرانيا)، لكونه صحفيًّا في قناة تلفزيونية، مع أنه وعد زوجته في كل مرة يعمل في خارج البلاد (سوريا، أربيل)،... بأنه سيستقر في مكتب القناة الكائن في بلده، من أجل زوجته وأولاده، لكنه لم يف بوعده فاتهمته جمانة بالأنانية، وأفضى ذلك إلى تفكيرها بالطلاق. وهاتان الحالتان تكشفان عن أهم معالم التحول في أحداث الرواية".

وقال أيضا "إن النص الأدبي إنما هو تسريد لبنية دلالية أولية رئيسة وتخطيب وشكلنة لها، من طريق اصطناع العوالم الممكنة والتفضية والتزمين، بإدراج ممثلين في فضاءات مكانية مخصوصة وضمن أزمنة معينة، من أجل إنفاذ برامج سردية معينة".

ومن وجهة نظر مسرحية قالت د. عائشة غازي الجمل "إن ما لفت نظري بشكل خاص، كمتخصصة في النقد المسرحي، بروز عناصر الدراما عموما، والمونودراما بشكل خاص في الرواية، بما يستحق التوقف عندها وتحليلها ومقاربة النص الروائي بأدوات مسرحية في محاولة استكشاف بواعث المونودراما ودلالاتها، لأن هذا يحيلنا إلى رؤية فلسفية مغايرة، وقراءة مختلفة لأثر واقعنا المعاصر على الإنسان وعلى الفن على حدٍّ سواء".

وقدّم الأستاذ حسن الشوبكي مقاربات حقيقية عن وضع الإعلامي والصحفي في الحروب وقال في سياق حديثه عن الرواية "ثمة إبحار في أدق تفاصيل ومهام المراسل الحربي، وهي الرواية العربية الأولى التي تناقش بعمق الجوانب الخفيّة في حياة المراسلين الصحافيين خلال الحرب الروسية الأوكرانية ومثلهم طلاب الطب العرب الذين غادروا أوكرانيا.

برعت الروائية السعود في نقل القارئ إلى عذابات اللجوء وصلة الوصل بين الحرب والأدب، ورصدت اتصالات وهواجس أبطال روايتها بذكاء حاد وعبر سردية بالغة الدهشة. ويرى الشوبكي أن الرواية تستحق أن تتحول لعمل درامي تلفزيوني.

وفي نهاية اللقاء أعربت الأستاذة زينب السعود عن سعادتها بنجاح الرواية التي لاقت صدى ترحيبيا، وأفصحت أن الجزء الثاني من الرواية سيكون في القريب إن شاء الله.

يذكر أن زينب السعود تربوية وناشطة لغوية، لها عدة ورشات وندوات في مجال التدريب اللغوي ولها العديد من المقالات والمدونات في الصحافة والمواقع الثقافية. وتعكف حاليا على تأسيس مباردة كلمة وكليمة لتمكين الشباب من مهارات اللغة العربية.