الجزائر تؤكد وفرنسا تكذب طلب فتح الأجواء للتدخل عسكريا في النيجر

مصدر جزائري يؤكد أن فرنسا تستعد لتنفيذ تهديداتها الموجهة إلى المجلس العسكري في النيجر والمتعلقة بتدخل عسكري في حال عدم إطلاق سراح الرئيس بازوم.
الجزائر تتحدث عن رفضها التدخلات الخارجية لكنها تصمت امام تدخل روسيا وذراعها فاغنر
الجزائر تطالب بضرورة احترام استقلال ووحدة الدول بينما تدعم التوجهات الانفصالية لبوليساريو
ازمة النيجر تكشف حجم الخلافات الجزائرية الفرنسية

الجزائر - كشفت الاذاعة الجزائرية أن السلطات رفضت طلبا فرنسا بالسماح للطائرات الفرنسية بعبور أجواء البلاد لشن عملية عسكرية في النيجر على خلفية الانقلاب العسكري على محمد بازوم مشيرة الى ان الرفض الجزائري كان قويا وصارما فيما نفى الجانب الفرنسي هذه المعطيات.

وترى الحكومة الجزائرية أن أي تدخل يمكن أن يهدد أمنها القومي لكن مراقبين يرون ان المعطيات الجزائرية والتكذيب الفرنسي دليل على حجم الخلافات بين البلدين.
وقالت الاذاعة في تقرير مقتضب الاثنين أن فرنسا تستعد لتنفيذ تهديداتها الموجهة إلى المجلس العسكري في النيجر والمتعلقة بتدخل عسكري في حال عدم إطلاق سراح الرئيس بازوم.
ووفق مصادر مؤكدة أوضح التقرير ان التدخل العسكري بات وشيكا والترتيبات العسكرية جاهزة" وان "الجزائر التي كانت دائما ضد استعمال القوة، لم تستجب للطلب الفرنسي بعبور الأجواء الجوية الجزائرية من أجل الهجوم على النيجر".

وقد نفى رئيس هيئة أركان الدفاع في فرنسا فرانسوا لوكوانتر اليوم الثلاثاء أن تكون باريس قد طلبت من الجزائر استخدام مجالها الجوي لتنفيذ عملية عسكرية في النيجر ما يرجح ان تكون المعطيات الجزائرية محاولة لاحراج باريس في خضم توتر في العلاقات خاصة وان الحكومة الفرنسية نفت نيتها شن هجوم قريب على النيجر.

وكانت الجزائر أغلقت أجوائها أمام عبور الطائرات العسكرية الفرنسية إلى مناطق ودول الساحل خاصة مالي التي شهدت قيل سنتين انقلابا عسكريا شبيها بانقلاب النيجر وذلك خلال أزمة علاقات شهدها البلدان بسبب ما وصفتها الجزائر بتدخلات باريس غير المقبولة في شؤونها الداخلية واستهداف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لمؤسسات الدولة الجزائرية وبالأخص المؤسسة العسكرية حيث قرر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الاستدعاء الفوري لسفير الجزائر بفرنسا للتشاور قبل ان تعود الامور الى طبيعتها.

وقد نفى ماكرون في تصريحات اثارت جدلا وجود امة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي للجزائر مشيرا الى ان "النظام السياسي العسكري في الجزائر تم بناؤه على ريع مرتبط بالذاكرة وإنّه منهك بسبب الحراك" قبل ان يتراجع عنها بفعل الضغوط.

وعادت العلاقات للتدهور من جديد بسبب ملف لجوء المعارضة اميرة بوراوي الى فرنسا بعد هروبها عبر الحدود التونسية لكن السلطات الفرنسية سعت لتجاوز الازمة وادى مسؤولون فرنسيون على راسهم وزيرة الخارجية كاترين كولونا زبارة الى الجزائر لتهدئة الاجواء.
وتعرف العلاقات بين فرنسا والجزائر مراوحة بين التوتر والانفراج ولا تزال هنالك خلافات في عدد من الملفات مثل ملف الذاكرة الاستعمارية حيث اقر  تبون في تصريحات سابقة بأن العلاقات بين البلدين "متذبذبة"، بينما تأجلت زيارته المقررة إلى فرنسا إلى أجل مسمى بعد أن كانت مبرمجة في مايو/أيار الماضي قبل أن يتم إرجاؤها إلى حزيران/يونيو الماضي.
وتتهم الجزائر فرنسا بدعم مجموعات معارضة تصفها السلطات الجزائرية بانها إرهابية وتسعى لزعزعة استقرار البلد فيما تقول فرنسا انها لا تستطيع اغلاق افواه معارضين للسلطة في الجزائر.
وفي المقابل سعى تبون خلال الآونة الأخيرة إلى تعزيز التقارب بين الجزائر وروسيا، حيث توجت زيارته إلى موسكو في يونيو/حزيران الماضي بإعلان "الشراكة الإستراتيجية المعمقة".
ويثير تنامي العلاقات الروسية الجزائرية توجّس الدول الغربية التي تعتبر أن الرئيس تبون فتح منافذ واسعة للتمدد الروسي في فضاءات جيوسياسية بالغة الحساسية بالنسبة إلى أوروبا وللولايات المتحدة.
ورغم ان الجزائر أكدت على لسان تبون رفضها للانقلابات العسكرية وتاييد الشرعية الدستورية في الجارة الغربية لكنها طالبت بحلول سلمية للازمة في النيجر رافضة اي تدخل عسكري أجنبي.
وترفض الجزائر التهديدات التي تطلقها مجموعة دول غرب افريقيا" ايكواس" بالتدخل العسكري في النيجر حيث يعتبر مقربون من السلطة انه تهديد مدفوع من باريس التي خسرت مصالحها في منطقة الساحل والصحراء.
واثر الانقلاب عبر قادة عسكريون في دول غرب إفريقيا عن نيتهم إرسال قوات إلى النيجر إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في حل الأزمة هناك لكن ايكواس لا زالت تفسح المجال للحوار مع قادة الانقلاب واعادة الشرعية الدستورية.
وعبرت الخارجية الجزائرية السبت الماضي عن أسفها الشديد لما أسمته "إعطاء الأسبقية للجوء إلى العنف في النيجر عوض مسار الحل السياسي والتفاوضي الذي يسمح باستعادة النظام الدستوري والديمقراطي بشكل سلمي"، مؤكدة ان التدخلات العسكرية جلبت المزيد للمنطقة المزيد من المشاكل بدلا من الحلول.
وتسعى الجزائر لترويج فكرة انها دولة تدعم ضمان استقلال الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية رغم دورها التآمري ضد الوحدة الترابية للجارة المغرب بدعم جبهة البوليساريو الانفصالية في الصحراء المغربية.
وتروج الجزائر لنفسها صورة الدولة الداعمة للتحرر الوطني رغم انها صمتت على تدخلات وانتهاكات قوات فاغنر الموالية لروسيا في مالي بعد الانقلاب العسكري ورغم ان التدخل الروسي بات واضحا وجليا في منطقة الساحل والصحراء.