موقفا ليبيا وموريتانيا يجبران الجزائر عن التراجع عن فكرة تكتل مغاربي جديد

رفض ليبيا تقويض الاتحاد المغاربي رافقه تراجع صحف جزائرية عن توصيف اللقاء التشاوري الثلاثي بأنه “يؤسس لمغرب عربي جديد”.

الجزائر – وجدت الجزائر نفسها في موقف حرج بعد إعلان ليبيا وموريتانيا تبرؤهما من التكتل المغاربي الجديد، فأقرت بأن الاجتماع التشاوري بين زعماء الدول المغاربية الثلاثة ليس بديلا عن التكتل الإقليمي الذي يجمع الدول الخمسة الأعضاء المؤسسة.

وأكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، بأن الاجتماع التشاوري الأول الذي جمع مؤخرا بتونس الرئيس عبد المجيد تبون، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد يونس المنفي، "ليس بديلا عن اتحاد المغرب العربي"، على الرغم من كونه "ناجحا وليس وليد ظروف خاصة".

وقال عطاف في لقاء مع ممثلى الصحافة إن اللقاء التشاوري بين القادة الثلاثة بتونس "ليس موجها ضد أي طرف"، وأن اتحاد المغرب العربي يظل "مشروعا وهدفا تاريخيا، كما أن باب المشاورات يبقى مفتوحا أمام الجميع إذا توفرت النية والإرادة السياسية".

واختارت ليبيا توضيح موقفها بشكل صريح، حيث أوفدأن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي مبعوثين خاصين إلى كل من المغرب وموريتانيا خلال انعقاد القمة المغاربية الثلاثية في تونس التي جمعته مع الرئيسين التونسي قيس سعيد والجزائري عبدالمجيد تبون، لتوضيح خلفيات القمة الثلاثية ودوافعها وضمان عدم التخلي عن هيكلية الاتحاد المغاربي.

وتأكيد ليبيا عن النأي بنفسها عن أي دور في تقويض اتحاد دول المغرب العربي أو الانخراط في المشاركة في التأسيس لتكتل مغاربي جديد، رافقه تراجع عدد من الصحف الجزائرية عن توصيف اللقاء التشاوري الثلاثي بين تونس و الجزائر وليبيا بأنه “يؤسس لمغرب عربي جديد” وعادت للحديث عن “اللقاء التشاوري” و“الاتفاق الجزائري التونسي الليبي” و”قمة تونس الثلاثية”.

وقال عطاف أيضا في تصريحاته إن رئيس تبون، "فكر في هذه المبادرة منذ مدة طويلة وتطرق إليها مع قادة دول المغرب العربي ووزراء خارجيتها خلال مختلف الزيارات التي قاموا بها إلى البلاد".

وبرر هذه الخطوة بأن "شمال افريقيا والمغرب العربي تكاد تكون المنطقة الوحيدة في العالم التي تفتقر إلى آلية للتشاور المنتظم والدوري بين دول هذا الفضاء"، لذلك "كان رئيس الجمهورية يصر في كل مناسبة على استحداث آلية لسد هذا الفراغ وإسماع صوت المنطقة في كافة المحافل الدولية والجهوية".

وعاد عطاف ليعبّر عن "أسفه"، لكون منطقة المغرب العربي "تتضمن ملفات تصنع الحدث في العالم، على غرار الملف الليبي ومنطقة الساحل الصحراوي"، غير أن هذه الملفات "تخوض فيها كل الدول إلا دول المنطقة التي تعتبر معنية بهذه الملفات بالدرجة الأولى وهو "واقع مرير"، على حد قوله.

وقال الوزير الجزائري، أيضا إن بلاده وبصفتها عضوا غير دائم بمجلس الأمن الأممي، بحاجة الى التعرف على آراء الأشقاء في الكثير من الملفات المطروحة على مستوى مجلس الأمن، لاسيما تلك التي تعني مباشرة دول المغرب العربي، مضيفا أن "التنسيق مع الدول الشقيقة في المنطقة أولى من غيرها، لكون الجزائر ترى فيهم أبناء العائلة الواحدة".
ورغم هذه الادعاءات إلا أن التصريحات الجزائرية تبدو متناقضة، إذ سبق وأن أعلن تبون عن رغبته في تشكيل تحالف جزائري تونسي ليبي استثنى منه المغرب وموريتانيا. حيث لم توجه الدعوة للمغرب للمشاركة، فيما أكدت مصادر أن موريتانيا رفضت المشاركة في أي مبادرة يمكن أن تشكل تشويشا على اتحاد المغرب العربي.

وقال تبون "الدول الثلاثة المشاركة في هذه القمة تسعى إلى تشكيل تحالف سياسي أمني يكون بمثابة حائط صد منيع ضد الإرهاب وقادر على مواجهة التقلبات داخل المنطقة والصراعات الإقليمية التي يمكن أن تهدد أي دولة.

ويسعى النظام الجزائري إلى إيجاد دول مغاربية تساندها في نفس التوجه، وتشجّع الفضاء المغاربي على منع تأسيس اتحاد مغاربي قوي ومبني على فكرة تقاسم المساهمات بين أعضائه، مستغلة الظروف الاقتصادية التي تعيشها تونس، لكن مع فشل هذا المسعى غير المسؤولون من لهجتهم.

وعاد عطاف، ليتحدث عن الاجتماع التشاوري الأول بين قادة الجزائر وتونس وليبيا، ليؤكد أن هذا اللقاء تمخضت عنه "نتائج إيجابية، لاسيما من الجانب السياسي", مشيرا إلى أنه "لم يسبق وأن تم عقد لقاء مثل قمة تونس، حيث كان النقاش بين قادة الدول الشقيقة الثلاث عائليا ومفتوحا واتسم بالصراحة، وهو ما يعكسه مضمون البيان الختامي الذي توج بـ 4 ملفات أساسية تمس حياة مواطني هذه البلدان، وهي تنمية المناطق الحدودية، الطاقة، الأمن الغذائي وتذليل مشاكل التبادل التجاري"، كما من "أولويات العمل المشترك بين الدول الثلاث قبل القمة القادمة التي ستعقد بطرابلس بعد ثلاثة أشهر".

وأثارت هذه المبادرة الجزائرية الكثير من الجدل بشأن نية الجزائر تأسيس تكتل مغاربي ثلاثي يقصي المغرب، لكن توضيح بعض الأطراف، خاصة الطرف الليبي، موقفه في هذا الصدد، أجهض المبادرة، وقال عبد الهادي الحويج، وزير الخارجية والتعاون الدولي المفوض بالحكومة الليبية برئاسة أسامة حماد، إن “المنطقة المغاربية ليست بحاجة إلى تأسيس كيانات جديدة، إذ لدينا مؤسسات موجودة وقارة، نحتاج فقط إلى تفعيل عملها وتقويتها؛ وهو ما يتطلب بدوره الارتقاء بمستوى الشراكات بين الدول لما فيه مصلحة الشعوب المغاربية والعربية والإفريقية”.