الجزائر تحتوي حرائق غابات ضخمة وسط حملة إيقافات

النيابة العامة الجزائرية توقف سبعة أشخاص للاشتباه بتسببهم في الحرائق التي اندلعت في 15 محافظة تعد بجاية الأكثر تضررا منها.

الجزائر – تمكنت الجزائر اليوم الأربعاء من احتواء حرائق استعرت في غاباتها، وفقا لما ذكر التلفزيون الرسمي في الجزائر، كما أوقفت السلطات المختصة سبعة أشخاص للاشتباه في وقوفهم وراء اندلاع تلك الحرائق.

واجتاحت حرائق الغابات مناطق في الجزائر فأودت بحياة 34 شخصا على الأقل، بينهم عشرة جنود، وأجبرت نحو 1500 شخص على إخلاء منازلهم.

وتشهد دول شمال أفريقيا وجنوب أوروبا موجة حر شديدة، حيث سجلت درجات حرارة 49 درجة مئوية في مدن تونسية.

وفي وقت سابق، جاء في بيان لوزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية "نجحت مصالح الحماية المدنية في إخماد غالبية الحرائق بنسبة 80 بالمئة، بعد التجند بدون انقطاع طوال ليلة أمس، وتعزيز العمليات الميدانية برا بالمورد البشري والعتاد وتعاضد الإمكانيات بين الولايات".

وكل صيف، يشهد شمال الجزائر وشرقها حرائق تطاول الغابات والأراضي الزراعية، وهي ظاهرة تتفاقم من سنة إلى أخرى بتأثير تغير المناخ الذي يؤدي إلى الجفاف وموجات الحر.

وفي تونس المجاورة، اندلعت في طبرقة الحدودية في الشمال الغربي حرائق خطيرة الاثنين في منطقة دمرتها النيران الأسبوع السابق.

وفي توجة بشمال شرق البلاد حيث قضى 16 شخصا، تم احتواء الحريق في شكل شبه كامل رغم استمرار بعض البؤر في الاشتعال، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ومنذ الأحد، اندلع حوالي 100 حريق في أكثر من 15 محافظة في الجزائر، خصوصا في البويرة وجيجل وبجاية، وهي مناطق تضررت بالفعل في العامين الماضيين بسبب حرائق خطيرة أودت بنحو 130 شخصا.

وقالت وزارة الدفاع إن الجنود العشرة الذين قضوا جراء الحرائق حوصروا بالنيران أثناء إجلائهم من بني كسيلة في منطقة بجاية برفقة سكان القرى المجاورة.

كما أسفرت الحرائق عن إصابة أكثر من 80 شخصا، بينهم 25 جنديا، في منطقة بجاية، وفق إذاعة "سومان" المحلية.

واستدعى الوضع إجلاء أكثر من 1500 شخص من بعض القرى مع اقتراب الحرائق من منازلهم. كما دمرت النيران منتجعات ساحلية تعد مقاصد سياحية في الصيف.

وتحيط غابات كثيفة بالقرى المتضررة التي يقع الكثير منها في منطقة القبائل الجبلية، وتتعرض لموجة حر شديد منذ أسابيع سجلت 48 درجة مئوية الإثنين.

وتسببت موجة الحر بجفاف الغطاء النباتي وجعلته أكثر عرضة لاندلاع الحرائق التي اشتعلت بفعل الرياح العاتية.

وقالت امرأة سبعينية وهي تبكي على قناة تلفزيونية أمازيغية بعدما فقدت زوجة ابنها وحفيدتها، في آيت أوصالح قرب بجاية "ليس لدي مكان أذهب إليه. لقد دمرت النيران بيتي ومنزل ابني تماما".

وأظهرت لقطات نشرتها وسائل إعلام محلية حقولاً وأراض مشتعلة وسيارات متفحمة وواجهات متاجر محترقة. وروى شهود كيف اندلعت ألسنة اللهب فجأة.

وفي أغسطس 2022، أودت حرائق هائلة بـ37 شخصا في ولاية الطارف في شمال شرق الجزائر. لكن صيف 2021 سجل أكبر حصيلة للقتلى خلال عقود عندما لقي أكثر من 90 شخصا حتفهم في الحرائق التي دمرت الشمال، ولا سيما منطقة القبائل.

وبعث الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الإثنين بتعازيه إلى أهالي الضحايا.

وقالت السلطات إن أكثر من 8000 من عناصر الحماية المدنية و525 شاحنة من مختلف الأحجام تدخلت لمكافحة النيران إلى جانب طائرات الإطفاء والمروحيات التي استؤجرت مؤخرا بالإضافة إلى قاذفة ذات قدرة عالية لإلقاء المياه على الحرائق.

وبعدما امتدّت حرائق عدّة إلى قرى مأهولة بالسكان، دعت وزارة الداخلية المواطنين الذين يقطنون في الولايات المتضرّرة إلى توخّي الحيطة واتّباع إرشادات السلامة، من خلال تجنّب الاقتراب من المناطق التي تشهد حرائق، إلى حين إخمادها نهائياً.

وأمر النائب العام في بجاية بفتح تحقيقات أولية للوقوف على أسباب الحرائق وتحديد الفاعلين.

وذكر بيان النيابة العامة لدى محكمة الأخضرية "تم توقيف شخصين للاشتباه في تسببهما في اندلاع حرائق الغابات بمنطقة الأخضرية (البويرة)، وتم تحويل ملفهما أمام قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمحكمة سيدي امحمد.". وفقا لصحيفة "المساء" المحلية.

وأضاف البيان أن التحريات أسفرت عن "توقيف مشتبه فيهما (02)، تم تقديمها الثلاثاء أمام نيابة العامة وتم تحويل الملف أمام قسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمحكمة سيدي امحمد".

وحسب بيان لمجلس قضاء سكيكدة فقد "تم فتح تحقيق بعد اندلاع الحرائق في أكثر من 12 نقطة بالولاية، لمعرفة الأسباب وتوقيف الفاعلين، وهو ما أسفر عن توقيف ثلاث مشتبه فيهم من بينهم امرأة، وتم تقديمهم وفق إقليم الاختصاص بمحكمتي القل والحروش".

كما تم توقيف شخصين للاشتباه في تسببهما في اندلاع حرائق الغابات بولاية بجاية، حسب بيان النيابة العامة لمجلس قضاء بجاية.

وأوضح البيان "يعلم النائب العام لدى مجلس قضاء بجاية الرأي العام، أنه تبعا لنتائج التحقيقات الابتدائية المفتوحة بخصوص الحرائق المندلعة بغابات الولاية، تم توقيف شخصين مشتبه فيهما."

وقد أمر النائب العام لدى مجلس قضاء بجاية الجهات المعنية بتسليم "الملفين لقسم مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة" بمحكمة سيدي إمحمد في ولاية الجزائر العاصمة..

وفي بيان لوزارة الخارجية المغربية، أعلن المغرب الذي قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية معه في أغسطس 2021، أن المملكة "تتابع ببالغ الأسى والأسف حرائق الغابات التي اندلعت في عدد من المناطق بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية".

وتابع البيان "تتقدم المملكة المغربية بصادق التعازي لما خلفته هذه الحرائق من خسائر في الأرواح، وخالص المتمنيات بالشفاء العاجل للمصابين".

وكانت السلطات الجزائرية قد سعت لتجنب تكرار سيناريو 2021 و2022، عبر تعبئة مواردها مع اقتراب فصل الصيف.

وفي نهاية أبريل، أمر الرئيس تبون بشراء ست طائرات قاذفة للماء متوسطة الحجم وتقديم طلبات عروض للشركات الناشئة لتوفير طائرات مسيّرة تستخدم في مراقبة الغطاء الحرجي.

ثم في مايو، أعلنت وزارة الداخلية عن اقتناء وشيك لطائرة قاذفة للماء، وتأجير ست طائرات أخرى من شركة أمريكية جنوبية مع فرقها الفنية، وأعلنت طلب العروض لشراء ست قاذفات للماء متوسطة الحجم.

كما هيأت السلطات مواقع لهبوط المروحيات في عشر ولايات. وقدمت الجزائر أيضا طلبية إلى روسيا لشراء أربع طائرات قاذفة للماء، لكن تسليمها تأخر بسبب "تداعيات الأزمة في أوكرانيا".