الجزائر تستغل قضية بوراوي للترويج لصراع داخل الأجهزة الفرنسية

صحف جزائرية قريبة من السلطة تتهم جهاز المخابرات الفرنسي وبعض الدبلوماسيين بإحراج ماكرون ووزارة الخارجية من خلال التورط في قضية تهريب أميرة بوراوي دون علم الاليزيه.
الجزائر تروج الى أن القرار السياسي في فرنسا ليس بيد ماكرون او الخارجية وإنما بيد المخابرات
الاعلام الجزائري القريب من السلطة يسعى لتصدير الأزمة وتحميل فرنسا المسؤولية
تصعيد الجانب الجزائري غير مفهوم كون بوراوي ليست شخصية حساسة او متورطة في الارهاب
فرنسا تتجنب التصعيد في محاولة لاحتواء الازمة حفاظا على مصالحها
امين عام جبهة التحرير يتهم اجهزة فرنسية بالاساءة للعلاقات بين باريس وبلاده

الجزائر - لا يزال ملف فرار المعارضة والحقوقية أميرة بوراوي من الجزائر إلى فرنسا عبر تونس يثير كثيرا من الجدل وسط توقعات بتصاعد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين وهو ما تؤكده الحملات الإعلامية غير المسبوقة من قبل صحف ومواقع جزائرية قريبة من دوائر القرار في الجزائر ضد فرنسا وعدد من أجهزتها ما يعني أن الأزمة ستستمر ولن يتم احتواؤها بسرعة وبالتالي ستكون لها كثير من التداعيات على العلاقات الثنائية التي شهدت تقاربا قبل أشهر وما تم التوصل إليه من اتفاقيات في مختلف المجالات.
وشنت الصحف الجزائرية القريبة من السلطة حملة ضد فرنسا وخاصة ضد من تصفه بتوجه معين في الدبلوماسية الفرنسية مدعوم من المخابرات لإثارة البلبلة في العلاقات بين البلدين التي شهدت تحسنا في محاولة للترويج لوجود صراع داخل الأجهزة الفرنسية بشان التعاطي مع ملف أميرة بوراوي وبان القرار ليس بيد الاليزيه والرئيس ايمانويل ماكرون ولكن بيد المخابرات وبعض الدبلوماسيين الذين يديرون الأزمة.
وتلقي صحيفة الخبر الجزائرية باللائمة على بعض الجهات الدبلوماسية والمخابراتية النافذة في إثارة الأزمة وذلك في إطار صراع سياسي لخلافة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مشددة على انها هذه القوى لا ترحب بالتقارب الذي شهدته العلاقات بين باريس والجزائر.
وسعت الصحف الجزائرية إلى تصدير الأزمة وتحميل الجانب الفرنسي المسؤولية والحديث عن حالة ارتباك داخلي بالإشارة إلى ما تصفه "بالحرج الذي وقع فيه الناطق باسم الخارجية الفرنسية فرنسوا ديلماس خلال مؤتمر صحفي قائلة انه "تهرب من الحديث عن القضية للإبقاء على ضبابية المسؤولية بين مختلف الأجهزة".
وأيدت جريدة الشروق الجزائرية نفس المسار حيث قالت الصحيفة في إحدى تقاريرها ان "الملف بات منقسما بين قصر الإيليزيه ومراكز قوى أخرى غير دستورية مستعدة لتدمير كل ما بناه الرئيس الفرنسي، مع نظيره الجزائري، عبدالمجيد تبون".
وكانت وكالة الأنباء الجزائرية اتهمت في برقية بصفة مباشرة "المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي" بالوقوف وراء التصعيد.
ويروج الإعلام الجزائري إلى أن القرار السياسي في فرنسا فيما يتعلق بالعلاقات الفرنسية الجزائرية ليس بيد الرئيس ماكرون او وزارة الخارجية وإنما بيد جهاز المخابرات وبعض الدبلوماسيين في محاولة للتنصل من مسؤولية الطرف الجزائري في التصعيد بشكل غير مسبوق في ملف لا يعتقد بأنه خطير ويهدد الأمن القومي الجزائري فالناشطة أميرة بوراوي معارضة سلمية ولم يحكم عليها بالسجن في ملفات إرهابية او عنف وانما لمواقفها السياسية المطالبة بالحرية.

ويعلل الجانب الجزائري موقفه بان عملية تهريب بوراوي التي تحمل الجنسية الفرنسية كذلك كانت تحت اشراف السفارة الفرنسية في تونس دون علم ماكرون او الاليزيه وان عملية تهريب الناشطة من مطار تونس قرطاج تم بين السلطات التونسية والسفارة وليس بين وزارتي الخارجية التونسية والفرنسية.

وتدخل أمين عام جبهة التحرير الوطني " أفلان" ابوالفضل بعجي في حوار نشر في موقع " الجزائر الان" الأحد ليشير الى وجود محاولات من دوائر فرنسية للإضرار بالعلاقات الفرنسية الجزائرية في إحراج للرئيس ماكرون الذي سعى للتقارب.
وقال إن "عملية تهريب بوراوي كان وراءها اللوبي الفرنسي المعادي للجزائر مضيفا انه "يستغرب أن تشرف وزارة الخارجية الفرنسية ومديرية الأمن الخارجي على العملية دون علم ماكرون".
وأكد بأن ما يحدث هو دليل ن في فرنسا قوى كبرى متناحرة مشيرا إلى ان هذه الدوائر تعمل على تعكير العلاقات الجزائرية التونسية وان الناشطة أميرة بوراوي مجرد أداة.

علاقات على المحك بسبب التصعيد الجزائري
علاقات على المحك بسبب التصعيد الجزائري

ويفوت الاعلام الجزائري ومن يقف وراءه من قوى تدفع لتاجيج التوتر ان الدولة الفرنسية دولة ديمقراطية تحكمها القوانين وليس مراكز النفوذ داخل المؤسسات وان السياسة الرسمية يمارسها القادة السياسيون وليست الاجهزة المخابرتية وان الرئيس لا يتم التحكم به من السلطات العسكرية عكس الوضع الجزائري.

بدوره رد الإعلام الفرنسي على الحملة الجزائرية قائلا بأن الجزائر تتجه نحو الاستبداد والدكتاتورية بشكل اكبلا مما شهدته في فترة الرئيس الجزائري الراحل عبدالعزيز بوتفليقة.
ونشرت صحيفة 'لوموند' الفرنسية  الاحد تقريرين سلطت فيهما الضوء على ما آلت إليه الأوضاع في الجزائر بعد نحو أربع سنوات من انطلاق حراك شعبي هزّ في بدايته النواة الصلبة للنظام قبل أن يعيد الأخير إحكام قبضته السلطوية مستفيدا بداية من الأزمة الصحية وتدابير مواجهة فيروس كورونا ثم من الغزو الروسي لأوكرانيا الذي مكنه (النظام) من إيرادات ضخمة بعد ارتفاع أسعار النفط والغاز مما مكن السلطة من شراء السلم الاجتماعي واتجاه الاهتمام الدولي لأزمة شح إمدادات الطاقة، بينما قلل من اهتمامه بحقوق الإنسان في الجزائر التي بات ينظر لها كمصدر بديل للغاز من روسيا.

في المقابل يشير الاعلام الفرنسي ان باريس تتجنب الانزلاق في توتر مع الجزائر رغم التصعيد الاخير والحديث عن ازمة دبلوماسية يمكن ان تصل لقطع العلاقات حيث اشار الكاتب في لومند فيليب ريكارد ان ماكرون متمسك بالتقارب مع الجزائر بسبب عدة عوامل جيوسياسية اهمها ازمة الطاقة والغاز بعد توقف الامدادات الروسية.

وشدد الكاتب ان باريس لا تريد الرد على التصعيد الجزائري فيما يتعلق بملف بوراوي وانها تسعى لاحتواء الازمة من خلال خطاب هادئ.
ووصل بالتصعيد الجزائري الاخير إلى حد التضييق على عدد من التونسيين الذين علقوا في المعابر على الحدود ولو لا التدخل الشخصي من الرئيس تبون لاحتواء الأزمة حتى لا تزيد عزلة الجزائر في المنطقة وتخسر حليفا مثل تونس لتصاعدت الخلافات بشكل غير مسبوق.
وتقول الدوائر الجزائرية انه ليس من مصلحة ماكرون تعكير العلاقات مع الجزائر بعد فترة من التقارب كانت من ابرز سماتها زيارة ماكرون للجزائر في اب/اغسطس الماضي ولقائه بتبون حيث تم عقد العديد من الاتفاقيات في مختلف المجال خاصة في مجال الطاقة والغاز.
وفي أكتوبر/تشرين الأول توجهت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن برفقة 15 وزيرا إلى الجزائر لترسيخ المصالحة بين البلدين وتوقيع اتفاقيات في مجالات الصناعة والشركات الناشئة والسياحة والثقافة.
كما أمضى السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش الجزائري مؤخرا ثلاثة أيام في باريس لبحث القضايا العسكرية ومن بينها منطقة الساحل الأفريقي واجتمع مع ماكرون ومن المزمع أن يزور تبون باريس في وقت لاحق هذا العام.