الجزائر تعمد للتضييق على الحريات بالتحذير من أشباح الفضاء السيبراني

قائد الجيش الجزائري يحذر من أسماه المنظمات التخريبية التي تستغلّ وسائل تكنولوجية متطوّرة للتجسّس وخلق الفوضى في إشارة إلى دوائر المعارضة السياسية كحركتي "رشاد" واستقلال القبائل "ماك".

الجزائر – سلط تحذير رئيس أركان الجيش الجزائري الجنرال سعيد شنقريحة مما أسماها "المنظمات التخريبية" التي تعمل على استغلال وسائل تكنولوجية متطورة لأغراض التجسس والتخريب، وتستهدف محاولة خلق حالات انسداد وفوضى، والعمل على فك تلك الرابطة الوثيقة التي تجمع بين الشعب ومؤسساته، الضوء على مضيها في استخدام جميع الوسائل لمزيد التضييق على الحريات.

ولمح الرجل الأول في المؤسسة العسكرية الجزائرية بذلك إلى بعض دوائر المعارضة السياسية، لاسيما التي صنفتها الجزائر منذ مايو 2021 في خانة التنظيمات الإرهابية، كحركتي "رشاد" واستقلال القبائل "ماك".

وفي كلمة توجيهية خلال زيارة عمل، السبت، إلى مقر قيادة جهاز الدرك الوطني الذي يتبع وزارة الدفاع، قال شنقريحة "سجل تحقيق الدرك الوطني لنتائج مشجعة في مجال محاربة الجريمة الإلكترونية، وذلك من منطلق أن الفضاء السيبراني قد أصبح مسرحا للجريمة المنظمة، والهجمات ضد المواقع الحكومية".

ودعا مختلف الأجهزة الأمنية ووحدات الجيش الجزائري، لمواصلة بذل جهود أكثر، والتحلي بالمزيد من اليقظة والحذر لإفشال كافة المؤامرات، واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بضمان التأمين التام والشامل لمختلف مناطق الوطن وحدوده، خدمة لمصلحته العليا.

وسخرت قيادة الجيش الجزائري في السنوات الأخيرة إمكانيات ضخمة للأمن السيبراني، كما استحدثت مديريات مختصة في مختلف القطاعات العسكرية والأمنية لمتابعة ما ينشر ويبث على شبكات التواصل الاجتماعي، لاسيما ما تصفه بـ"الحملات المغرضة التي تستهدف أمن واستقرار البلاد".

غير أنه في المقابل تحولت ذريعة الأمن الإلكتروني إلى مبرر لممارسة المزيد من التضييق والمراقبة على تلك الشبكات، وتحول محتوى تلك المنصات إلى تهم تلاحق الكثير من الجزائريين خاصة أولئك المعروفين بمواقفهم المناوئة للسلطة القائمة، وهو ما وضع واقع الحريات الفردية والجماعية أمام محك حقيقي، حيث يتابع الكثير من الموقوفين خلال السنوات الأخيرة بتهم النشر المغرض على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأكد شنقريحة أن سلاح الدرك الوطني أوكلت له مهام حساسة كثيرة، من أهمها حفظ الأمن العمومي، وحماية الأشخاص والممتلكات وحرية التنقل، وكذا محاربة الجريمة المنظمة، إضافة إلى مهام حماية الحدود البرية، ومراقبة كل ما من شأنه المساس بأمن وسلامة التراب الوطني، على غرار الهجرة غير الشرعية، ونشاطات عصابات التهريب والمتاجرة بالمخدرات.

واعتبر شنقريحة، هذا الدور في غاية الحيوية، لاسيما في ظل الظروف غير العادية التي تعرفها المنطقة الإقليمية، مبرزا النتائج المشجعة المحققة في مجال محاربة الجريمة الإلكترونية، وذلك من منطلق أن الفضاء السيبراني قد أصبح مسرحا للجريمة المنظمة، والهجمات ضد المواقع الحكومية.

ومازالت الجزائر تحتل ذيل ترتيب دول العالم في مجال تدفق الإنترنت، كما تلجأ السلطات المختصة إلى قطعها في بعض الأحيان، مما يكرس طبيعة الاقتصاد القائم في البلاد، رغم خطاب اقتصاد الرقمنة الذي ترافع له الحكومة واستحدثت له السلطة وزارة كاملة.

وفي ظل غياب بدائل حقيقية وعدم تحكم في هذا القطاع، تلجأ الحكومة خلال السنوات الأخيرة إلى قطع الشبكة خلال أيام اجتياز امتحان شهادة البكالوريا، كما لجأت إلى ذبذبتها أو قطعها كلية خلال أيام الجمعة طيلة العامين الأخيرين، للحيلولة دون تسويق الاحتجاجات السياسية والمسيرات الشعبية الأسبوعية، وهو ما صنف البلاد في خانة الدول البدائية في هذا المجال.

ومع ذلك، سجلت المصالح المختصة محاولات لاختراق بعض المؤسسات والهيئات السيادية، على غرار بعض الوزارات والشركات الكبرى كسوناطراك النفطية وسونلغاز (توزيع الكهرباء والغاز)، وأرجعت التحقيقات المحاولات إلى جهات خارجية.

ولكن خبراء في التكنولوجيات الاتصالية يرون أن لبسا متعمدا مازال قائما في عمل السلطة في هذا المجال، بتعمد الخلط بين الأمن الإلكتروني والمناعة من الاختراق الخارجي للوصول إلى القاعدات البيانية، وبين المحتوى الذي يبث أو ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي، الذي يندرج في إطار حريات الأفراد، خاصة في ظل غياب إعلام مهني بالبلاد.