السعودية لا تزال مهتمة بالتطبيع مع إسرائيل بعد حرب غزة

السفير السعودي لدى المملكة المتحدة يقول إن أي اتفاق تطبيع مع إسرائيل لن يكون على حساب الشعب الفلسطيني.
السفير السعودي لدى بريطانيا يحذر من تنامي التطرف بسبب حرب غزة
الأمير خالد بن بندر يتحدث عن فشل إنساني دولي في التعاطي مع أزمة غزة  

لندن - قال السفير السعودي لدى المملكة المتحدة الأمير خالد بن بندر إن بلاده لا تزال مهتمة بصفقة التطبيع مع إسرائيل بعد الحرب في غزة، إلا أنه شدد في المقابل على أن أي اتفاق في هذا الشأن يجب أن يكون مرتبطا بقيام دولة فلسطينية.

وأدانت السعودية مرارا العدوان الإسرائيلي على غزة وطالبت بوقف فوري للحرب وبحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني الذي يتعرض لأعنف قصف عشوائي تسبب في مقتل وإصابة عشرات الآلاف.

وأُرجأت عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حماس فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي على المناطق الإسرائيلية في غلاف غزة والتي تسببت في مقتل نحو 1200 إسرائيلي واحتجاز 240 رهينة بين عسكريين ومستوطنين وأجانب جرى الإفراج عن بعضهم، صفقة التطبيع بين المملكة وإسرائيل.

وكان مسؤولون أميركيون قد اعتبروا ان هجوم حماس كان يستهدف تقويض صفقة التطبيع التي جرى في الفترة السابقة للحرب التداول بشأن بعض تفاصيلها. وذكر مسؤولون سعوديون وإسرائيليون أنها في مراحلها الأخيرة.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في سبتمبر/أيلول من العام الماضي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الاتفاق بين السعودية وإسرائيل على تطبيع العلاقات بات وشيكا.

وقال الأمير خالد بن بندر في تصريح لـ'بي بي سي' إن الاتفاق كان "قريبا" عندما أوقفت المملكة المحادثات التي جرت بوساطة أميركية بعد هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مضيفا أن بلاده لا تزال تؤمن بإقامة علاقات مع إسرائيل رغم أرقام الضحايا "المؤسفة" في غزة، لكن ذلك "لن يأتي على حساب الشعب الفلسطيني"، محذرا أيضا من أن هناك "فشلا إنسانيا" مع عدم قيام المجتمع الدولي بما يكفي لإنهاء القتال.  وقال إنه يود أن يرى المملكة المتحدة "تعدل في موقفها" و"تعامل إسرائيل بنفس الطريقة التي تعامل بها الجميع".

وفي مقابلة مع برنامج اليوم على قناة 'بي بي سي' الثلاثاء، أكد السفير السعودي في لندن أن "هناك اهتماما مطلقا" بين قادة بلاده للتوصل إلى اتفاق، موضحا أن "الصفقة كانت قريبة، ليس هناك شك. بالنسبة لنا، نقطة النهاية النهائية لم تتضمن بالتأكيد أقل من دولة فلسطين المستقلة لذلك بينما لا نزال - بعد 7 أكتوبر- نؤمن بالتطبيع، إلا أنه لا يعني أن يأتي ذلك على حساب الشعب الفلسطيني".

وتابع "كنا قريبين من التطبيع وبالتالي قريبين من دولة فلسطينية. أحدهما لا يأتي دون الآخر. التسلسل وكيفية إدارته، هذا ما تمت مناقشته".

وردا على سؤال عما إذا كانت السعودية ترى حماس - التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول غربية أخرى كمنظمة إرهابية - كجزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية، قال الأمير خالد إن ذلك "يتطلب الكثير من التفكير".

وأضاف "هناك دائما مجال للتغيير إذا كان لديك التفاؤل والأمل، لكن عندما يكون هناك صراع، فإن أول شيء عليك أن تدركه هو أن كلا الجانبين قد خسرا"، مشددا على أن "المشكلة التي نواجهها اليوم مع الحكومة الحالية في إسرائيل هي أن هناك وجهة نظر متطرفة ومطلقة لا تعمل على التوصل إلى تسوية وبالتالي لن تتمكن أبدا من إنهاء الصراع".

ولم يخض السفير السعودي في المزيد من التفاصيل، لكن الولايات المتحدة نددت بوزيرين إسرائيليين من اليمين المتطرف هما وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعد دعوتهما مؤخرا إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة.

وحذر الأمير خالد أيضا من أن هناك خطر لانتشار التطرف في المجتمع الفلسطيني كنتيجة للحرب التي لم تسفر عن مقتل آلاف المدنيين في غزة فحسب، بل تسببت أيضا في دمار واسع النطاق وأزمة إنسانية عميقة.

وقال "إن المستوى غير المسبوق من العنف الذي ارتكبه كلا الجانبين - ولكن بشكل خاص من قبل ما يفترض أن تكون دولة مسؤولة في إسرائيل - على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، لا أعتقد أنني رأيت شيئا من هذا القبيل" مشيرا إلى أن عدد الضحايا المدنيين في الجانب الفلسطيني مهول وغير مسبوق، مضيفا "سيؤدي ذلك إلى انعدام الأمل ليس فقط بين الشعب الفلسطيني، بل أيضا بين السكان الساخطين في جميع أنحاء العالم. ويرى الجميع فشلا إنسانيا في ما يحدث، لأنه لم يفعل أحد أي شيء لوقفه... يتم بذل الجهود ولكن هذا ليس كافيا."

ولم تعترف السعودية رسميا بإسرائيل مطلقا منذ نشأتها عام 1948، وسيمثل اتفاق تطبيع العلاقات انفراجة كبيرة للدولة العبرية بعد اتفاق ابراهام للسلام مع كل من الإمارات والبحرين والمغرب والاتفاق المعلق مع السودان والذي تعثر بسبب اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.

وفي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيونية "نقترب كل يوم" من التوصل إلى اتفاق، مضيفا أن حل القضية الفلسطينية "مهم للغاية" وأن أي اتفاق يجب أن "يسهل حياة الفلسطينيين".

وبحسب ما ورد طلب المسؤولون السعوديون من الولايات المتحدة وقف المناقشات الثلاثية بعد أيام قليلة من هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول والتي قُتل فيها حوالي 1200 شخص واحتجز 240 آخرين كرهائن على أيدي مئات من مسلحي حماس الذين تسللوا إلى مجتمعات جنوب إسرائيل من غزة.

وتقول وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إن أكثر من 23200 شخص قتلوا في القطاع خلال الحملة العسكرية التي شنتها إسرائيل بهدف تدمير الحركة الفلسطينية المسلحة.

وبعد لقائه ولي العهد الأمير محمد يوم الاثنين، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولة شملت السعودية والإمارات ومنهما انتقل الى رام الله اليوم الأربعاء، إنه طرح موضوع التطبيع، مضيفا "هناك اهتمام واضح هنا بمتابعة ذلك، لكن ذلك سيتطلب إنهاء الصراع في غزة ومن الواضح أيضا أنه سيتطلب وجود مسار عملي لقيام دولة فلسطينية".