السعودية والإمارات ملتزمتان باتفاق أوبك+ وباستقرار أسواق الطاقة

رئيس الوزراء البريطاني يجري مباحثات مع ولي عهد السعودية التي قدم إليها من الإمارات بعد مباحثات مماثلة تشمل إمدادات الطاقة والغزو الروسي لأوكرانيا.
السعودية والإمارات تتفهمان ضرورة ضمان الاستقرار في أسواق الطاقة
بريطانيا المتحمسة للعقوبات على روسيا تواجه ارتفاعا في أسعار الطاقة
جونسون: على العالم أن ينأى بنفسه عن إمدادات النفط والغاز الروسية

الرياض/لندن - اتفق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الأربعاء على التعاون لضمان استقرار أسواق الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، وتعزيز التعاون في مجالات الدفاع والتجارة والأمن.

وقال متحدث باسم جونسون في بيان بعدما زار السعودية "اتفق رئيس الوزراء وولي العهد على التعاون للحفاظ على الاستقرار في سوق الطاقة ومواصلة الانتقال إلى التكنولوجيا المتجددة والنظيفة".

وأضاف "أشاد رئيس الوزراء بالتقدم في مبادرة رؤية السعودية 2030، بما في ذلك ما يتعلق بتمكين المرأة وعملها، لكنه أثار بواعث قلق المملكة المتحدة بشأن مشكلات مستمرة تتعلق بحقوق الإنسان".

وتكثف الولايات المتحدة وبريطانيا ضغوطهما على السعودية لضخ مزيد من النفط والانضمام لجهود فرض عزلة دولية على روسيا، لكن الرياض في المقابل لم تبد استعدادا يذكر للتجاوب وجددت تهديداتها السابقة بالتخلي عن الدولار في مبيعاتها النفطية للصين.

واجتمع جونسون مع زعماء السعودية والإمارات اليوم الأربعاء في زيارة تهدف لتأمين إمدادات النفط وزيادة الضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وقال عقب الاجتماع مع الأمير محمد إن السعودية تتفهم ضرورة ضمان الاستقرار في أسواق النفط والغاز العالمية.

وردا على سؤال من أحد الصحفيين عما إذا كانت السعودية ستزيد الإنتاج لمواجهة ارتفاع أسعار النفط الخام، قال جونسون "أعتقد أنك بحاجة إلى التحدث مع السعوديين بشأن ذلك، لكنني أعتقد أن هناك تفهما للحاجة لضمان الاستقرار في أسواق النفط والغاز العالمية"، مضيفا "قوة الاقتصاد العالمي والاقتصاد البريطاني... تصب إلى حد بعيد في مصلحة الدول المنتجة للنفط أيضا".

كما ذكر مكتب رئيس الوزراء البريطاني أنه شدد في محادثات مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على الحاجة للتعاون من أجل استقرار أسواق الطاقة العالمية.

وتوجه جونسون بعد ذلك إلى الرياض حيث اجتمع مع ولي العهد السعودي وأجرى معه محادثات حضرها أيضا وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

وتواجه بريطانيا، مثل معظم دول الغرب، ارتفاعا في أسعار الطاقة. ويسعى جونسون لحث المنتجين على زيادة الإنتاج وتأمين المزيد من الإمدادات لدعم المستهلكين وتقليل الاعتماد على الصادرات الروسية.

ولم تستجب السعودية والإمارات اللتان تشهد علاقتهما الوثيقة مع واشنطن توترا، حتى الآن لمناشدات الولايات المتحدة بزيادة إنتاج النفط للحد من ارتفاع أسعار الخام الذي ينذر بموجة ركود عالمية بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

وقال جونسون قبل اجتماعاته "على العالم أن ينأى بنفسه عن إمدادات النفط والغاز الروسية... السعودية والإمارات شريكتان عالميتان مهمتان في هذا الجهد".

والبلدان الخليجيان عضوان في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ويملكان فائضا في طاقة إنتاج النفط ويمكنهما زيادة الإنتاج وتعويض خسارة الإمدادات من روسيا، لكنهما يحاولان الحفاظ على موقف حيادي بين الحلفاء الغربيين وموسكو، شريكتهما في تكتل أوبك+ الذي يشمل أوبك ومنتجي نفط مستقلين خارجها.

وتلتزم مجموعة أوبك+ بهدف زيادة الإنتاج شهريا بمقدار 400 ألف برميل يوميا، وقاومت ضغوطا لفعل ذلك على نحو أسرع.

وعمقت الإمارات علاقاتها مع موسكو وبكين في الأعوام القليلة الماضية وامتنعت عن التصويت في الشهر الماضي على مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يندد بالغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال مكتب جونسون في بيان إنه "عبر عن قلقه العميق بسبب الفوضى الناتجة عن الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا. كما اتفق جونسون وولي عهد أبوظبي على أهمية تعزيز التعاون في مجالات الأمن والدفاع والمخابرات لمواجهة تهديدات تشمل الحوثيين الذين يخوضون صراعا مطولا في اليمن مع السعودية والإمارات.

جو أجرى مباحثات مع ولي عهد أبوظبي ولاحقا مع ولي العهد السعودي
جو أجرى مباحثات مع ولي عهد أبوظبي ولاحقا مع ولي العهد السعودي

وجونسون ثاني زعيم غربي كبير يزور المملكة منذ مقتل الصحفي جمال خاشقجي في 2018 في إسطنبول وما تلاها من توتر وضغوط غربية على المملكة.

وتأتي زيارته بعد أربعة أيام من إعدام السعودية 81 شخصا، وهو أكبر عدد يجري إعدامه في يوم واحد منذ عقود، بتهم تتراوح بين الانضمام لجماعات مسلحة واعتناق "معتقدات منحرفة".

وقال جونسون "لدينا علاقات قائمة منذ فترة طويلة للغاية مع هذا الجزء من العالم ونحتاج لأن ندرك العلاقة المهمة جدا التي لدينا... وليس فقط فيما يتعلق بالموارد الهيدروكربونية".

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن جونسون والأمير محمد بن سلمان ناقشا الصراع في أوكرانيا وقضايا دولية أخرى، مضيفة أن الرياض والمملكة المتحدة وقعتا مذكرة تفاهم لتأسيس شراكة إستراتيجية.

وسبق للسعودية والإمارات وهما من بين عدد قليل من المنتجين الذين لديهم فائض طاقة إنتاجية، أن تجاهلتا الدعوات الغربية بضخ مزيد من الخام لتهدئة الأسعار الآخذة في الارتفاع والتزمتا بدلا من ذلك بترتيب متفق عليه بشأن الإمدادات في إطار تكتل أوبك+ مع روسيا ودول أخرى وهو موقف معلن ضمن التزام الدولتين.

ومع وصول العلاقات الأميركية السعودية إلى مستوى متدن، لجأ الأمير محمد إلى تعزيز العلاقات مع روسيا والصين، على الرغم من أن المملكة لا تزال تتمتع بعلاقات أمنية وثيقة مع واشنطن.

وقال مصدران إن منسق مجلس الأمن القومي الأميركي للشرق الأوسط، بريت ماكغورك ومسؤولين أميركيين آخرين اجتمعوا بمسؤولين سعوديين كبار أمس الثلاثاء وضغطوا عليهم لضخ مزيد من النفط وإيجاد حل سياسي لإنهاء الحرب في اليمن، حيث تقاتل قوات تقودها السعودية جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

وقال أحد المصدرين والذي اطلع على المناقشات "ستكون مخطئا إذا كنت تعتقد بأن واشنطن ستتخلى عن هذين الملفين".

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن ماكجورك زار الشرق الأوسط "لمناقشة مجموعة واسعة من القضايا، من بينها اليمن"، لكنه امتنع عن الخوض في التفاصيل.

ووصف رئيس الوزراء البريطاني السعودية والإمارات بأنهما "شريكان دوليان رئيسيان" في جهود تخلي العالم عن النفط والغاز الروسيين والضغط على الرئيس فلاديمير بوتين بعد غزو موسكو لأوكرانيا.

لكن المحلل السياسي الإماراتي البارز عبدالخالق عبدالله قال إن على جونسون ألا يتوقع الكثير. وكتب على تويتر "سيعود بوريس بخفي حنين".

وفي الوقت الراهن، لم تظهر السعودية أي بوادر على التخلي عن الاتفاق بشأن الإمدادات بين منظمة أوبك وحلفائها ومن بينها روسيا والذي يقضي بأن يكتفي أوبك+ بزيادة الإنتاج تدريجيا.

في اجتماع أوبك+ الأخير في الثاني من مارس/آذار، أي بعد أقل من أسبوع من غزو روسيا لأوكرانيا وفي خضم تشديد الغرب لعقوباته على موسكو، تجنب الوزراء مناقشة قضية أوكرانيا في المحادثات ووافقوا على عجل على التمسك بسياسة الإنتاج الحالية.

وألمحت الرياض إلى أنها تريد علاقات أقوى مع بكين من خلال دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارتها هذا العام. وأفادت صحيفة وول ستريت جورنال بأن المملكة تجري محادثات لتسعير بعض مبيعاتها من النفط للصين باليوان.

وقال مصدر مطلع "إذا فعلت السعودية ذلك، فإنها ستغير آليات سوق العملات حول العالم"، مضيفا أن مثل هذه الخطوة، التي قال المصدر إن بكين طلبتها منذ فترة طويلة والتي هددت بها الرياض عام 2018، قد تدفع مشترين آخرين ليحذو حذوها.

وقال مصدر دبلوماسي إن الرياض تلجأ إلى "التهديدات القديمة" للرد على الغرب، على الرغم من أنه وآخرين يقولون إن أي تحول إلى اليوان سيواجه تحديات عملية نظرا لأن النفط الخام مسعر بالدولار وأن الريال السعودي نفسه مرتبط بالدولار كما أن اليوان لا يتمتع بنفس جاذبية الدولار كعملة احتياطي نقدي.