السلطة الإيرانية تواجه غضبا عماليا بسبب تردي الأوضاع المعيشية

العمال ينددون بوعود إدارية غير صحيحة بتحسين ظروف عملهم، مع المطالبة بإعادة العديد من زملائهم الذين جرى إيقافهم عن العمل بسبب الاحتجاجات.

طهران - تشهد إيران احتجاجات عمالية في عدة مناطق من البلاد، بالتزامن مع المشاورات السنوية بشأن رفع الحد الأدنى للأجور بغية مواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة، حيت بدأت الجولة الجديدة من الإضرابات وتجمعات العمال في الأسابيع الأخيرة احتجاجًا على كيفية تنفيذ خطة التصنيف الوظيفي، ومساواة الرواتب وعودة الزملاء المفصولين إلى العمل.

وقال موقع "فويس أوف أميركا" أن من بين الاحتجاجات العمالية الأكثر استمرارا في الأسابيع الأخيرة، برز إضراب العمال في المجموعة الوطنية لصناعة الصلب الإيرانية في مدينة الأهواز جنوب غرب البلاد.

ونظم عمال شركة "فولاد" لصهر الحديد في مدينة الأهواز، إضرابا عن العمل الثلاثاء الماضي، وأوقفوا كافة نشاطات الشركة احتجاجا على فصل مجموعة من زملائهم.

وذكرت وكالة "إيلنا" الإيرانية أن العمال أضربوا عن العمل بعد أن علموا بخبر تعليق عمل خمسة من زملائهم، وإبطال بطاقة دخولهم إلى الشركة بسبب مواقف احتجاجية سابقة لهؤلاء العمال الخمسة.

وكان هؤلاء العمال الذين تم فصلهم عن العمل قد تجمعوا الاثنين أمام مدخل الشركة، ونصبوا خياما من أجل تنظيم اعتصام تنديدا بظروف العمل في الشركة، وتردي الأوضاع المعيشية.

وسبق لشركة "فولاد" أن فصلت عشرات العمال المحتجين بسبب مواقفهم ومشاركتهم في الفعاليات العمالية المنددة بفساد مدير الشركة وقضايا حقوقية أخرى.

ونشرت قناة على تطبيق "تليغرام" تابعة للعمال صورا ومقاطع فيديو تظهر العشرات منهم يتجمعون خارج مصنعهم للصلب من الثلاثاء إلى الخميس، للتنديد بما يعتبرونه وعودا إدارية غير صحيحة بتحسين ظروف عملهم، والمطالبة بإعادة العديد من زملائهم الذين جرى إيقافهم عن العمل.

ويرزح ما يصل إلى 10 ملايين مواطن إيراني تحت خط الفقر بسبب الإدارة الاقتصادية السيئة والعقوبات الأميركية المفروضة على البلاد خلال "عقد ضائع" من النمو، وفقا لتقرير صادر عن البنك الدولي.

وفي أحد مقاطع الفيديو التي تظهر مسيرة احتجاجية جرت الثلاثاء، إذ هتف رجال يرتدون زي عمال مصنع الصلب الإيراني "لم تعد التهديدات ولا السجن يخيفنا بعد الآن".

وأشارت تقارير وصور أخرى عبر الإنترنت إلى أن متقاعدين من شركات الاتصالات تجمعوا في 10 مقاطعات على الأقل الاثنين، للشكوى من الحرمان من حقوقهم التقاعدية، كما رددوا شعارات ورفعوا لافتات ضد الفساد والقمع في النظام المالي.

وتواجه إيران عادة تنظيم مسيرات قبل العمال والمتقاعدين في الشهر الأخير من السنة الفارسية الذي ينتهي في 19 مارس. حيث يتخذ مجلس العمل الأعلى في إيران قراره النهائي بشأن الحد الأدنى للأجور للعام الجديد.

ويضم المجلس ممثلين عن وزارة العمل الإيرانية وأصحاب العمل والعمال الذين يختارهم مجلس العمل الإسلامي التابع للحكومة.

وبحسب خبراء اقتصاديين، فقد أدت سنوات من الارتفاع السريع في أسعار المستهلكين وضعف الاقتصاد الذي تعرقله العقوبات الغربية، والفساد الحكومي وسوء الإدارة إلى دفع العديد من الإيرانيين إلى الفقر، إذ يبلغ الحد الأدنى الحالي للأجور لمعظم العمال في إيران حوالي 160 دولارا شهريًا.

وأدت الظروف الاقتصادية الصعبة في إيران لتزايد موجات هجرة الأطباء والعاملين في القطاع الطبي خلال السنوات الماضية.

ويقدر صندوق النقد الدولي معدل التضخم في إيران بنسبة 47 بالمئة، بينما وصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3 بالمئة خلال عام 2023.

ولم تؤد الاحتجاجات الصغيرة الأخيرة التي قام بها العمال والمتقاعدون الإيرانيون المحبطون بسبب الظروف الاقتصادية السيئة إلى إطلاق حملة قمع حكومية عنيفة، وفقا للموقع الأميركي.

وكان مئات المتظاهرين لقوا حتفهم، في حين جرى اعتقال آلاف آخرين أثناء قمع حركة احتجاجية طالبت ببعض الحريات الشخصية والعامة.

واستمرت الاحتجاجات عدة أشهر على مستوى البلاد بعد أن اندلعت شرارتها في سبتمبر/أيلول من العام 2022، وذلك عقب وفاة الشابة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، ذات الـ 22 عاما، عقب أيام من احتجازها في مركز شرطة الأخلاق بسبب مخالفة قانون الحجاب.

وفي السنوات الماضية، تظاهر عمال مختلف الشركات في إيران عدة مرات؛ احتجاجًا على عدم الاستجابة لمطالبهم.