السلطة الفلسطينية تلاحق مؤسسة أهلية كشفت فساد مسؤولين كبار

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطيني تتهم السلطة الفلسطينية بالتغول وتستنكر تضييقها الخناق على 'الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة' بدلا من ملاحقة الفاسدين من كبار المسؤولين في مؤسسات السلطة.

رام الله - أثارت ملاحقة السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس لاثنين من المسؤلين في 'الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة' (أمان) بسبب التقرير السنوي للائتلاف تحدث فيه عن فساد مسؤولين كبار في مؤسسات السلطة تشمل الابتزاز والاستيلاء على أراض، انتقادات حادة وسلطت الضوء على سياسة تكميم الأفواه بدلا من متابعة الملف ومحاسبة الفاسدين.

ونددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأحد بما اعتبرته "تغول" السلطة الفلسطينية على عمل المؤسسات الأهلية، مشيرة إلى دعوى تقدم بها ديوان الرئاسة ضد "أمان" على خلفية تقرير اتهم موظفين كبار بالفساد وبابتزاز مستثمرين فلسطينيين والاستيلاء على أراض لزراعة التمور وتبييض تمور المستوطنات.

وطالبت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وهي فصيل يساري، السلطة الفلسطينية بوقف ما وصفته "التغول" على عمل المؤسسات الأهلية الفلسطينية، منتقدة في بيان قيام النيابة العامة في الضفة الغربية باستدعاء اثنين من العاملين في ائتلاف 'أمان' بغرض التحقيق معهما، مشيرة إلى أن الاستدعاء تم بناء على شكوى مقدمة من ديوان رئاسة السلطة الفلسطينية، على خلفية نشر تقرير لأمان يتهم موظفين كبار بالفساد.

واعتبرت ذلك "انتهاكا صارخا لحرية الرأي والتعبير التي كفلها القانون الفلسطيني والقوانين الدولية وقانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية، وتغولا على عمل المؤسسات الفلسطينية خاصة التي تراقب أداء السلطة وتلاحق الفساد الإداري والفاسدين فيها".

وقالت الجبهة في بيانها "بدلا من متابعة قضايا الفساد التي وثقتها مؤسسة أمان واتخاذ إجراءات وتدابير عاجلة للقضاء على الفساد داخل المؤسسات الرسمية الفلسطينية تقدم السلطة على توجيه سهامها إلى المسؤولين عن هذه المؤسسات وتبرئة الموظفين الكبار الذين اتهموا بالفساد".

وأضافت "ندعو السلطة إلى التوقف عن هذه السياسات والممارسات ووقف كل أشكال الملاحقة والتحريض والاستدعاءات للمؤسسات واتخاذ خطوات عاجلة لملاحقة الفاسدين وعدم التغطية على جرائم الفساد داخل المؤسسات الرسمية".

وختمت بالقول "لا حصانة لأي فاسد مهما كان وزنه أو درجته الوظيفية أو نفوذه من أعلى مراتب سلم الهرم في السلطة حتى أدناه، وأن كل من تورط في ملفات فساد يجب أن يخضع للمساءلة والمحاسبة والملاحقة".

وكان ائتلاف أمان أعلن قبل أيام استدعاءه إلى النيابة العامة على خلفية إطلاقه نتائج التقرير الخامس عشر الذي أصدره في 17 من مايو الماضي، بعنوان "واقع النزاهة ومكافحة الفساد في فلسطين للعام 2022."

وحذر الائتلاف من أنه يتعرض للملاحقة من قبل دعوى مقدمة عليه من ديوان الرئاسة الفلسطينية بتهمتي التشهير وقذف مقامات عليا على رأس عملها. ونشر التقرير على الموقع الالكتروني.

وعلق جورج جقمان عضو مجلس إدارة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة على استدعاء اثنين من أعضاء المجلس للتحقيق معهما بالقول "ينبغي أن ينظر لأمان كشريك مجتمعي للسلطة في تبيان مكامن الفساد إن وجدت، وواجب السلطة الفلسطينية أن تتابع أية حالات يوجد معلومات موثوقة حولها بإجراءات قانونية، لا أن تحيل مسؤولين رئيسيين في أمان إلى المحكمة. هذا هو المسار الصحيح من منظور الصالح العام وليس ما حصل."

وقالت حنان عشراوي عضو مجلس إدارة الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "بدلا من متابعة قضايا الفساد المفصلة في تقرير أمان السنوي وملاحقة الفاسدين، تقوم السلطات بملاحقة قياديين من أمان أمام القضاء"، مضيفة أن المجتمع المدني يشكل ضمانة الحوكمة الرشيدة و نزاهةالحكم".

وعقب ذلك عبر الاتحاد الأوروبي عن تضامنه مع طاقم ائتلاف أمان واستنكر استدعاء النيابة العامة في رام الله إدارة المؤسسة للتحقيق معها.

وقال الاتحاد في بيان على حسابه في تويتر "في غياب المجلس التشريعي والرقابة البرلمانية، من الضروري السماح للمجتمع المدني (الفلسطيني) من أن يخضع السلطات للمحاسبة".

وذكر البيان أن الاتحاد الأوروبي يتوقع من السلطة الفلسطينية أن "تفي بالتزاماتها حيال المعايير المنصوص عليها في اتفاقيات حقوق الإنسان على نحو يكفل أيضا حرية الرأي والتعبير، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي انضمت إليها دولة فلسطين من أجل ضمان حماية حقوق الإنسان".

وليست هذه المرة الأولى التي تثار فيه قضايا تتعلق بالفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية، لكن عادة ما يصار إلى التكتم أو تكميم الأفواه إلي تخوض في مثل هذه القضايا، في الوقت الذي تراجعت فيه شعبية الرئيس عباس (أبومازن) في الضفة الغربية وقطاع غزة. كما تتهم السلطة بممارسة القمع على معارضيها.

وتشير بعض المصادر إلى خلافات وانقسامات أضعفت حركة فتح التي يقودها محمود عباس الذي انتهت ولايته الرئاسية منذ 2009 لكنه يستمر في منصبه بعد أن تأجلت الانتخابات التي كان يفترض أن تعيد رسم المشهد السياسي الفلسطيني وتعيد أيضا ترتيب بيت الفتحاوي في ظل جهود مصالحة ترعاها القاهرة.

وتسود في الأراضي الفلسطينية حالة احتقان داخلي مع أزمة مالية فاقمت متاعب الفلسطينيين، بينما يئن قطاع غزة الذي تحكمه حركة حماس منذ العام 2007 والمتهمة أيضا بتضييق الخناق على الحريات وقمع معارضيها.