المغرب يحقق أولى نتائج خطته للاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي

من المتوقع ربط البنية التحتية لحقل تندرارة بأوروبا لكن المغرب سيضمن تلبية احتياجاته أولًا قبل بيع أي فائض من الغاز .
طفرة في الاكتشافات في حقل غاز أنشوا الذي تديره شركة شاريوت البريطانية
البنية التحتية المغربية مناسبة لنقل الغاز إلى مراكز الطلب على ساحل المحيط الأطلسي

الرباط – يعمل المغرب وفق استراتيجية ثابتة للبدء في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي والوصول إلى مرحلة الشروع في انتاج الغاز من الحقول التي يتم الاكتشاف فيها، بدل الاعتماد على استيراد الغاز المسال من الأسواق الدولية، وبحسب شركة "ساوند إنيرجي" البريطانية، فإن الخطة المغربية تؤكد فاعليتها متوقعة أن تُحقق أولى العائدات من انتاج الغاز بالمملكة انطلاقا من حقل تندرارة، ابتداء من الشهور الأولى من العام الجاري.

وسيخول استغلال غاز تندرارة الحصول على جزء من حاجياته لتشغيل محطتي الطاقة الحرارية لعين بني مطهر وتاهدارت. فيما قد يكون ميناء الناظور غرب المتوسط محطة لاستقبال وتخزين الغاز المسال المستورد مستقبلا، ليتم من خلاله إعادته إلى حالته الغازية قبل نقله إلى المناطق الصناعية ومحطات إنتاج الكهرباء.

وتستند "ساوند إنيرجي" في توقعاتها على سير الأعمال في حقل تندرارة، حيث كشف الرئيس التنفيذي للشركة غراهام ليون، بأن الشركة تمكنت من تسوية جميع مشاكلها مع السلطات الضريبية في المغرب، مشيرا إلى أن الشروع في تحقيق أولى العائدات سيكون في الشهور الأولى من 2024.

الغاز المحلي يضمن أمن الطاقة للبلاد ويخلق ثروة للمغرب من خلال الحصة التي يمتلكها المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن، فضلًا عن المزايا الإضافية للعمالة والاستثمار وتعزيز الإيرادات.

وأعلنت الشركة في وقت سابق، أن شركاء مشروع تندرارة المشترك، قد دخلوا في اتفاقية بيع وشراء ملزمة للغاز، فيما يتعلق بتطوير المرحلة الثانية من الامتياز، مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وتنص الاتفاقية على التزام شركاء المشروع بصفة مشروطة بتسليم الغاز من امتياز حقل تندرارة إلى أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، بحجم تعاقدي سنوي يصل إلى 350 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا لمدّة 10 سنوات.
وأفاد غراهام ليون أن اكتشافات الغاز التي حققتها شركة ساوند إنرجي تقع على بُعد 120 كيلومترًا من خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا، ويمكن تطويرها وربطها لتوفير الغاز لإعادة تشغيل هذه المحطات. ويرى أن الغاز المحلي لا يضمن أمن الطاقة للبلاد فحسب، بل يخلق ثروة للمغرب من خلال الحصة التي يمتلكها المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن البالغة 25 بالمئة، فضلًا عن المزايا الإضافية للعمالة والاستثمار وتعزيز الإيرادات.

ويتصدر قطاع المنبع في المغرب المشهد بعد سنوات من الركود، ولا سيما بعد طفرة الاكتشافات الأخيرة في حقل غاز أنشوا الذي تديره شركة شاريوت البريطانية.

ووصف ليون اكتشافات الغاز الخاصة بشركة ساوند إنرجي بأنها تغيير حقيقي لقواعد اللعبة في المغرب. وأشار إلى أن المغرب يواصل المضي قدمًا في خططه لتحول الطاقة؛ حيث تحظى الطاقة المتجددة بقدر كبير من الاهتمام، لكن ما زال يعتمد على الكهرباء العاملة بالفحم؛ لذا يُعَد الغاز الخيار الأفضل وعنصرًا رئيسًا لتلبية احتياجات البلاد.

واستطرد "يمكن لتطوير حقل تندرارة أن يؤدي دورًا كبيرًا في تحقيق طموحات المغرب، مشيرا أن اكتشاف الغاز البري يفسح المجال لتنفيذ عمليات تطوير على مراحل تستهدف أسواقًا مختلفة.

وهناك مشروعان قيد التنفيذ؛ أولهما مشروع الغاز المسال الصغير لتزويد الأسواق الصناعية الكبرى بالغاز، وستوفر الشركة نحو 100 مليون متر مكعب سنويًا من الغاز المسال إلى الأسواق الصناعية. والمشروع الثاني يتعلق بتطوير خط الأنابيب الذي يوفر الغاز لأسواق الكهرباء، وفي انتظار اتخاذ قرار استثماري نهائي.

مشروع تندرارة أكبر اكتشاف بري في المغرب، ويحظى برواج كبير وسط العديد من المشترين الصناعيين والشركات المملوكة للدولة.

ويحظى المشروع بدعم من مجموعة التجاري وفا بنك لتمويل الديون، وتعمل الشركة على تحديد مصادر التمويل المتبقية، وتخضع اتفاقيات بيع الغاز المتعاقد عليه مع شركة ساوند إنرجي لشروط شراء بضمان الحد الأدنى لمدة 10 سنوات.

وأوضح ليون أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب سيشتري 300 مليون متر مكعب سنويًا بموجب عقد آخر مدته 10 سنوات.

وردًا على سؤال من وسائل إعلام محلية يتعلق باحتمال إجراء المزيد من الاكتشافات في حقلي تندرارة الكبير وأنوال، أجاب ليون بأن الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائية أكدت وجود إمكانات كبيرة بالتراخيص الاستكشافية.

وهناك توقعات بوجود أكثر من 20 تريليون قدم مكعبة، وبعضها يتضمن موارد غاز مكتشفة لمشغلين سابقين، وليست جزءًا من حقل تندرارة هورست، ويرى ليون أن خط الأنابيب يفتح المجال أمام البنية التحتية في المنطقة لتسريع تطوير أي اكتشاف تجاري؛ ومن ثم تمهيد الطريق لمزيد من أنشطة التنقيب والاستكشاف في شرق البلاد.

ومن المقرر أن تتضاعف احتياجات المغرب من الكهرباء العاملة بالغاز بحلول عام 2030، لتصل إلى 1.6 مليار متر مكعب سنويًا. ويعتبر مشروع تندرارة أكبر اكتشاف بري في المغرب، ويحظى برواج كبير وسط العديد من المشترين الصناعيين والشركات المملوكة للدولة.

وأضاف ليون أن السر يكمن في وضع البنية التحتية المناسبة لنقل الغاز من شرق البلاد إلى مراكز الطلب على ساحل المحيط الأطلسي، وسيصبح خط أنابيب المتصل بخط أنابيب المغرب العربي وأوروبا جزءًا مهمًا من البنية التحتية للغاز المغربي.

وتابع "هناك إدراك لحجم الطلب في أوروبا، ومن المقرر أن يزداد مع تحول الدول إلى مصادر متنوعة وآمنة بعيدًا عن روسيا".

وأوضح أنه من المتوقع ربط البنية التحتية لحقل تندرارة بأوروبا، لكن المغرب سيضمن تلبية احتياجاته أولًا قبل بيع أي فائض من الغاز إلى أوروبا.

ويبلغ إنتاج المغرب من الغاز الطبيعي 100 مليون متر مكعب حالياً، فيما يصل الاستهلاك الإجمالي السنوي إلى مليار متر مكعب تجري تلبيته من السوق الدولية. عبر أنبوب يربط إسبانيا بالمغرب، وكان المغرب يحصل على حصة مهمة الغاز الطبيعي من الجزائر عبر خط "الأنبوب المغاربي الأوروبي". لكن بعد نهاية العقد الموقَّع مع الجزائر في أكتوبر 2021، لجأت المملكة إلى استغلال الجزء الواقع في أراضيها من الأنبوب بشكل عكسي للحصول على الغاز الطبيعي المسال من السوق الأوروبية عبر إسبانيا.