المغرب يستعد لتزويد بريطانيا بالطاقة عبر أطول كابل بحري

شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) ومجموعة 'أوكتوبوس إنرجي' البريطانية تستثمران 37.36 مليون دولار في مشروع كابل كهربائي بحري يربط المغرب بالمملكة المتحدة.
المشروع يهدف إلى مد أكبر كابل بحري للجهد العالي المستمر لمسافة تتجاوز 3800 كيلومتر
المغرب يطمح إلى التحول إلى مصدر عالمي للطاقة

الرباط - يواصل المغرب تحقيق نجاحات في قطاع الطاقة المتجددة من أجل تعزيز سيادة الممكلة في هذا المجال وتقليص كلفتها، فبعد تحقيقه الريادة عالميا بتدشين أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم يستعد لتزويد بريطانيا بالكهرباء المتجددة عبر أطول كابل كهربائي بحري في العالم يربط الرباط بالمملكة المتحدة.

واستثمرت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) ومجموعة أوكتوبوس إنرجي البريطانية 30 مليون جنيه إسترليني (37.36 مليون دولار) في مشروع كابل كهربائي بحري بهدف ربط المغرب بالمملكة المتحدة، وفقا لما أعلنته شركة 'إكس لينكس' المشرفة على المشروع اليوم الأربعاء.

وأضافت الشركة أن (طاقة) استثمرت 25 مليون جنيه إسترليني فيما استثمرت أوكتوبوس خمسة ملايين جنيه إسترليني في جولة تمويل التطوير.

وتعتزم الشركة مد أكبر كابل بحري للجهد العالي المستمر لمسافة تتجاوز 3800 كيلومتر بين المملكة المتحدة والمغرب مرورا بالبرتغال وإسبانيا وفرنسا.

وقالت 'إكس لينكس' إن الكابل يمكن أن يزود المملكة المتحدة بما يصل إلى 3.6 جيغاوات من الكهرباء المتجددة أي قرابة ثمانية في المئة من طلبها الحالي وما يكفي لتزويد سبعة ملايين منزل بريطاني بالكهرباء بحلول نهاية العقد، مضيفة أن توليد الكهرباء سيجري في منطقة كلميم-واد نون المغربية بواسطة مزارع شمسية ومزارع رياح.

وقال سايمون موريش الرئيس التنفيذي لإكس لينكس في بيان "الإمكانات الهائلة لمشروع الطاقة بين المغرب والمملكة المتحدة ستساعد المملكة المتحدة على تسريع تحولها إلى مصادر الكهرباء النظيفة وتعزيز أمن الطاقة وخفض فواتير الاستهلاك"، مشيرا إلى أن المشروع يلقى دعما حكوميا من بريطانيا والمغرب.

وأعلنت الشركة المصنعة للكابلات الفرعية 'XLCC' عن الشروع في المرحلة الأولى من تشييد أطول كابل بحري بين بريطانيا والمغرب في الفترة الممتدة من 2025 إلى 2027.

وسيتم تدشين أولى مراحل الكابل في مطلع عام 2027 وسيتم الاقتصار في البداية على أربعة كابلات، فيما ستدخل  الكابلات الثلاثة المتبقية حيّز الاستغلال بحلول عام 2029 انطلاقا من شمال "ديفون" ببريطانيا نحو كلميم، وفق صحيفة "إلكتريك" المتخصصة في أخبار الطاقة.

ويولي العاهل المغربي الملك محمد السادس أهمية بالغة لتطوير قطاع الطاقة المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من أجل تعزيز سيادة الممكلة في مجال الطاقة وتقليص كلفتها.

ويسعى المغرب إلى تحقيق هدفه المتمثل في إنتاج 50 في المئة من الكهرباء بفضل الطاقة الشمسية بحلول عام 2030.

وحقق المغرب في العام 2016 إنجازا عالميا في هذا المجال بتدشين محطة ورزازات كأكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم، إذ يفوق عدد ألواحها مليوني لوحة ممتدة على مساحة تزيد عن ثلاثين كيلومترا مربعا وتوفر الكهرباء لمليوني شخص في جميع أنحاء المغرب.

وتتميز محطات نور 1، 2، 3 بقدرة عالية للتخزين الحراري تمتد ما بين 3 و7 ساعات، لتشكل أبرز مشروعات تخزين الكهرباء بالمغرب.

وقالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ليلى بنعلي في تصريح سابق أن المغرب يستعد لإنجاز مشروعات عملاقة في مجال الطاقة النظيفة  خلال الفترة المقبلة، مشيرة إلى أن هناك 25 مشروعا دخلت حيز الاستغلال، بقدرة إجمالية تصل إلى 4 غيغاواط.

المغرب يهدف إلى إنتاج 50 في المئة من الكهرباء من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030
المغرب يهدف إلى إنتاج 50 في المئة من الكهرباء من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030

وكان المغرب قد وقّع مع الاتحاد الأوروبي في أكتوبر/تشرين الثاني 2022 اتفاقا من أجل إقامة "شراكة خضراء"، هو الأول من نوعه مع بلد من خارج الاتحاد، بهدف التعاون الثنائي في مجالات الطاقات المتجددة ومواجهة الاحتباس الحراري.

وتطمح هذه الشراكة إلى تحفيز الانتقال نحو "اقتصاد أخضر" من خلال خفض انبعاثات الكربون في الصناعة والنقل والاستثمار في الطاقات المتجددة والتكنولوجيا الخضراء.

وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة قد صرّح حينها بأن "الموثوقية أهم من وفرة الموارد عندما يتعلق الأمر بالطاقة كما أظهر ذلك الواقع الدولي الصعب في أوروبا كما في أفريقيا"، في إشارة إلى أزمة الطاقة التي سببتها الحرب في أوكرانيا والتوتر مع الجزائر الغنية بالغاز.

ويعتبر العاهل المغربي الملك محمد السادس أن مكانة الشريك تأتي قبل الشراكة، لتمثل الشراكة الخضراء فرصة بالنسبة إلى المغرب والاتحاد الأوروبي ولمد الجسور بين القارة الأفريقية والأوروبية.

وتطمح المملكة إلى التحول إلى مصدر عالمي للطاقة، في إطار الخطة الاستشرافية للملك محمد السادس التي تستهدف إحداث نقلة نوعية في خضم التحولات العالية للطاقات المتجددة.

وفرضت التقلبات الجيوسياسية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا وما تبعها من اضطرابات في إمدادات النفط والغاز وارتفاع في الأسعار اهتماما كبيرا بمصادر الطاقات البديلة وفي مقدمتها الشمس والرياح.

ويتوقع أن تكسب الطاقة المتجدّدة العالمية 2400 جيغاوات خلال الفترة بين العامين 2022 و2027، أي ما يساوي قدرة الطاقة الكهربائية الحالية في الصين وأكثر بالثلث ممّا توقّعه الخبراء في عام 2021، وفق تقرير الطاقات المتجددة. 

وتكثف أوروبا من مساعيها لاستبدال الغاز الروسي، ما يستوجب أن تتضاعف الطاقات البديلة التي أنشئت بين عامي 2022 و2027 مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.