النفط الليبي يضخّ آمالا في الداخل والخارج

أوبك تعلن أن ليبيا من بين اربع دول ساهمت في هبوط إنتاجها في يونيو إلى 629 ألف برميل يوميا، بعدما بلغ الإنتاج في أبريل 893 ألف برميل يوميا.
طرابلس

اتخذ مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الجديد برئاسة فرحات بن قدارة الذي تم تعيينه من طرف رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة الأسبوع المنقضي خلفا لمجلس الإدارة القديم الذي كان يترأسه مصطفى صنع الله، قرارا بعودة إنتاج النفط واستئناف عمليات التصدير نحو الأسواق العالمية.
ويُنتظر أن تشكل عودة ضخ النفط الليبي نحو الأسواق العالمية خطوة لتحقيق بعض الانفراج على المستوى الداخلي المحتقن اجتماعيا والمنهك اقتصاديا.
ويُتوقع أن يساهم النفط الليبي في استقرار نسبي لأسعار الطاقة التي تعاني أزمة عدم استقرار بسبب الحرب الروسية الأوكرانية مع التوجه نحو تقليل الاعتماد الأوروبي على النفط الروسي. 
ورست الإثنين بميناء البريقة الليبي أول ناقلة لشحن كميات من النفط بعد أن تم رفع القوة القاهرة واستئناف عمليات الإنتاج في كافة الحقول وبداية عمليات التصدير من كافة المونئ.
ويشكل الصراع على المؤسسة الوطنية للنفط خطرا على معيشة الليبيين إذ تُعتبر المؤسسة المملوكة للدولة الجهة الوحيدة المعترف بها رسميا ودوليا لتصدير النفط. كما تُعتبر إيرادات تصدير النفط والغاز أهم موارد الدولة الرئيسية إنْ لم تكن الوحيدة حاليا لتأمين قوت الليبيين.
وقال نائب الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق إن المنظمة تدعم وحدة واستقلالية المؤسسة الوطنية للنفط، مشيرا إلى أنه "من المهم أن توجد في ليبيا مؤسسات موحدة ومستقلة ومستقرة، بما في ذلك مؤسسة النفط الليبية". واعتبر أن "النفط في ليبيا يخص كل الليبيين ولا يجب استخدامه كأداة من أجل تسجيل نقاط سياسية".

الدول الأوروبية تصنف ليبيا في خانة أحد البدلاء عن النفط والغاز الروسييْن

ويأمل الليبيون في إنعاش اقتصاد بلادهم التي شحت مواردها بسبب توقف إنتاج النفط والغاز.
وبسبب غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية وتدني مستوى الخدمات العامة كالتزود بالكهرباء نظم الليبيون بداية الشهر الجاري مظاهرات شملت عدة مدن ليبية مهددين بالعصيان المدني ومطالبين بتنحي النخب الحاكمة المتنازعة فيما بينها. 
وفضلا عن تصاعد الصراع الداخلي على موارد النفط في ليبيا، يأخذ القطاع بُعدا دوليا، في ظل تصنيف الدول الأوروبية ليبيا في خانة "البديل للنفط والغاز الروسييْن" إلى جانب دول أخرى.
وتملك ليبيا أكبر احتياطي للنفط في إفريقيا وهي ثاني أكبر منتج له، إلى جانب احتياطات ضخمة من الغاز لا يزال معظمها غير مستغل.
ونقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية عن مصادر رسمية ليبية أن الحد الأقصى للطاقة التصديرية للموانئ النفطية التي رُفع عنها الإغلاق تُقدر بنحو 700 إلى 750 ألف برميل يوميا.
ونشر موقع الدستور الأحد تعليق نائب رئيس هيئة البترول المصرية الأسبق مدحت يوسف على استئناف ليبيا تصدير النفط بعد توقف دام قرابة الثلاثة أشهر، قائلا إن "عودة نشاط تصدير النفط الليبي للأسواق العالمية، خاصة الأوربية سينعش الاقتصاد الليبي بشكل مباشر في وقت تشهد فئة أسعار النفط طفرات كبيرة".
وأشار يوسف إلى الترقب العالمي بانخفاض أسعار النفط والتي "بدأت بالفعل بعد قرار السعودية بعودة الإنتاج لما يوازى 13 مليون برميل يوميا وتوقع انخفاض أسعار النفط في القريب العاجل".
وأوضح أن "لعودة التصدير مدلولا أمنيا وسياسيا باتفاق الأطراف الليبية وتقسيم عوائد التصدير بموافقة الأطراف المتنازعة".
ورحب المجتمع الدولي بقرار استئناف تصدير النفط الليبي خاصة مع تنامي المخاوف من تفاقم النقص الذي تواجهه الأسواق العالمية الذي أثر على أسعار الخام في وقت يمر فيه الدولار بمرحلة ضعف.
زد على ذلك تعاظم المخاوف من إغلاقات واسعة النطاق بالصين في إطار مكافحة فيروس كورونا. 
وتعتبر أوبك (منظمة الدول المصدرة للنفط) الخبر سارا مع سعي المنظمة للسيطرة على الأسعار.

المؤسسة الوطنية للنفط تتعهد برفع الإنتاج إلى 3 ملايين برميل نفط يوميا خلال العامين المقبلين

وأبدت أوبك قبل أيام قليلة تذمرها من تراجع إنتاج ليبيا من النفط خلال حزيران/ يونيو الماضي، بـ78 ألف برميل يوميا، الأمر الذي جعل ليبيا ضمن 4 دول قادت هبوط إنتاج أوبك خلال الشهر الماضي.
وأعلنت أوبك أن ليبيا ساهمت في هذا الهبوط بانخفاض إنتاجها إلى 629 ألف برميل يوميا في يونيو، بينما كان الإنتاج في نيسان/ أبريل الفائت 893 ألف برميل يوميا.
والدول الثلاث الأخرى التي قادت تراجع أوبك هي فنزويلا والكونغو وغينيا الاستوائية. 
ووعد بن قدارة باحترام العقود الحالية مع شركات النفط الأجنبية والعودة إلى معدلات إنتاج النفط السابقة للإغلاق والمقدرة بـ1.2 مليون برميل يوميا، متعهدا بالسعي لرفع الإنتاج إلى 3 ملايين برميل نفط يوميا خلال العامين المقبلين. 
ويتوقع محللون أن تقف أطراف دولية وراء قرار إعادة إنتاج النفط الليبي واستنئناف ضخه نحو الأسواق العالمية للسيطرة على أسعار الطاقة.
وفي وقت سابق عبرت الولايات المتحدة عن استيائها من افتقاد النفط الليبي في الأسواق العالمية في وقت كانت تمارس ضغطا على الدول المصدرة للنفط لزيادة صادراتها من أجل استقرار الأسعار.
وطالب المبعوث الأمريكي إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند، بفك الحصار عن النفط.