اليمين المتطرف الفرنسي أمام اختبار حاسم في الدورة الثانية لـ'التشريعية'

في حال تمكن من تشكيل كتلة في الجمعية الوطنية الفرنسية ويحتاج لذلك إلى 15 مقعدا، سيتمتع التجمع الوطني بزعامة مارين لوبن عندها بثقل أكبر في النقاشات.

باريس - تشير نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الأخيرة في فرنسا إلى احتمال حصول اليمين الفرنسي المتطرف على كتلة في الجمعية الوطنية تمكنه من التأثير أكثر في المشهد السياسي وسيشكل ذلك إن حصل، سابقة في أكثر من 35 عاما.

وفي حال تمكن من تشكيل كتلة في الجمعية الوطنية ويحتاج لذلك إلى 15 مقعدا، سيتمتع التجمع الوطني عندها بثقل أكبر في النقاشات.

وتأتي هذه النتائج التي يبقى أن تتأكد الأحد المقبل خلال الدورة الثانية، بعد إستراتيجية قادتها مارين لوبن مدة عشر سنوات لـ"تطبيع" و"تلميع صورة" التجمع الوطني من دون أن يمس التغيير جوهر برنامجه.

والاثنين، قالت لوبن التي تخوض الدورة الثانية الأحد لمقبل مع أفضلية لفوزها، في روفروا في معقلها في مقاطعة با دو كاليه في شمال البلاد "نحن هنا، نحن حقا هنا ونحن على مسار قوي منذ 2017" موعد الانتخابات التشريعية السابقة.

وأتت هذه النتيجة رغم أن وضع التجمع الوطني لم يكن مناسبا في بداية المعركة الانتخابية الخافتة مع تصدر ائتلاف "معا!" بقيادة حزب الرئيس إيمانويل ماكرون الوسطي الليبرالي وتحالف اليسار، الواجهة.

وقد حصل مرشحو التجمع الوطني على 18.68 بالمئة في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية الأحد ولم يتمكنوا تاليا بالكامل من ركوب الموجة التي خلفها حصول لوبن على 23 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية وأكثر من 41 بالمئة في الدورة الثانية.

ويتقدم تحالف اليسار و"معا!، على التجمع الوطني وقد يفوزان على التوالي بـ150 إلى 210 مقاعد و255 إلى 295 مقعدا وفق التوقعات من أصل 577 تضمها الجمعية الوطنية.

إلا أن عدد نواب التجمع الوطني في الجمعية الوطنية الجديدة سيكون أكبر من عددهم في 2017 عندما نال الحزب اليميني المتطرف ثمانية مقاعد. ويتوقع أن تكون مارين لوبن عضوة فيها مجددا.

ويمكن لحزب يتمتع بكتلة أن يؤثر أكثر على الحياة السياسية، فيمكن لرؤساء الكتل المطالبة بتشكيل لجنة خاصة أو معارضة تشكيل لجنة كهذه وبتعليق جلسة أو التمتع بحيز كلام أطول عند مساءلة الحكومة.

واحتل التجمع الوطني المرتبة الأولى في حوالي 11300 مدينة وبلدة من أصل 35 ألفا متقدما على ائتلاف "معا!" (أكثر من تسعة آلاف) وتحالف اليسار (حوالي 7500) وحزب الجمهوريين اليميني (حوالي 4900).

وقال فريدريك دابي من معهد "إيفوب" لاستطلاعات الرأي لمحطة "ال سي آي"، "هذا أداء جيد جدا مقارنة بما يحصل تقليدا بين انتخابات رئاسية وتشريعية إذ يتراجع أداء لوبن أكان جان ماري (مؤسس الحزب ووالد مارين لوبن) أو مارين بشكل كبير بل ينهار عادة. لكن هنا نرى أن التجمع الوطني صمد نسبيا".

وبالمقارنة مع 2017 حصلت مارين لوبن في 2017 على 21.5 بالمئة في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وبعد أسابيع قليلة حصل التجمع الوطني على 13.2 بالمئة خلال الانتخابات التشريعية في الدورة الأولى أيضا.

ويرى بريس تانتورييه المدير العام المنتدب لمعهد "إيبسوس" في فرنسا "الرابح الوحيد مقارنة بالعام 2017 في الدورة الأولى هو التجمع الوطني الذي أحرز تقدما وسيحصل على عدد أكبر من المقاعد".

وسيكون تشكيل كتلة في الجمعية الوطنية سابقة لحزب يميني متطرف منذ العام 1986 عندما حصل التجمع الوطني الذي كان يومها الجبهة الوطنية على 35 مقعدا بعد اعتماد نظام نسبي جزئيا في العام 1988 فشكل كتلة برلمانية.

وبعد 35 عاما على ذلك يتوقع معهد "إيفوب" حصول الحزب اليميني المتطرف على ما بين 5 إلى 25 مقعدا و23 إلى 45 مقعدا بحسب معهد "هاريس" و25 إلى 35 مقعدا بحسب "إيلاب".

وتناولت مارين لوبن بحذر الأحد "إمكانية تشكيل كتلة كبيرة" في الجمعية الوطنية من دون أن تعطي أي تفاصيل حول الأرقام المتوقعة.

وثمة نقطة إيجابية أخرى بالنسبة لمعسكر لوبن، مع انفجار فقاعة إريك زمور الذي أثار ترشحه المفاجئ للانتخابات الرئاسية الأخيرة انتقادات كبيرة في صفوف التجمع الوطني.

وغداة خروج زمور من المنافسة من الدورة الأولى الأحد في مقاطعة لوفار، مدت لوبن اليد إلى ناخبيه معربة عن أملها في أن يصوتوا لحركته الأحد المقبل خلال الدورة الثانية.

وثمة نقطة لا يستهان بها بالنسبة لحزب يعاني من دين يزيد عن 20 مليون يورو، إذ يمكن للتجمع الوطني أن يحصل على ما يقل عن 6.9 ملايين يورو من المال العام سنويا مع حصده أربعة ملايين و248 ألفا و626 صوتا إذ يحصل الحزب على 1.64 يورو بالسنة عن كل صوت يحصل عليه.

وفي سياق الانتخابات التشريعية أيضا حث الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون مواطنيه الاثنين على إعطاء معسكره "غالبية متينة"، مشددا على "المصلحة العليا للأمة"، مؤكدا في مطار أورلي قبل انطلاقه لزيارة رومانيا وأوكرانيا الثلاثاء "حان وقت الخيارات والخيارات الكبيرة لا تكون من خلال الامتناع. أناشدكم بضرورة تحكيم العقل وحصول يقظة جمهورية".