'انانية' المرأة وصعوبات الإخراج النسائي في مهرجان جسد بالرباط

رئيسة المهرجان ومؤسسة مسرح أكواريوم تجيب على خمسة أسئلة حول اختيار موضوع هذه الدورة، ومكانة المخرجات المغربيات في المشهد الفني الوطني وكيف يمكن للمسرح أن يسهم في تحسين وضعية المرأة المغربية والعربية والإفريقية.

الرباط  - سلط عرض "أنانية" (Ego) "الفني للإسبانية أنخيليس روسو، مساء الجمعة بمسرح محمد الخامس بالرباط الضوء على جانب حب الذات لدى المرأة ضمن فعاليات مهرجان "جسد"، فيما كشفت ندوة خلال نفس الامسية الصعوبات التي تلاقيها النساء المخرجات في قطاع يسيطر عليه الرجال.
وجمع عرض "أنانية" المنظم في إطار فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الدولي للنساء المخرجات "جسد"، بين الأداء والرقص والغناء على نغمات موسيقى الفلامنكو، إضافة إلى "مونولوغ" للفنانة الإسبانية استحضرت من خلاله مجموعة من المواضيع التي تستأثر باهتمام المرأة في العالم، من قبيل حب الذات والحرية والاحترام. 
وقالت روسو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن عرض "أنانية" يسلط الضوء، بالأساس، على حب الذات، "الذي يعد من الأمور المهمة التي يجب أن تتحلى بها المرأة"، لافتة إلى أن عملها يسعى إلى كسر الحواجز من خلال استحضار مبادئ الحرية والاحترام.
وأوضحت أن عنوان عرضها الفني نابع من أهمية فكرة التركيز على عيش الحاض، ومحاولة نسيان رواسب الماضي، مع التخلص من الهوس المرتبط بما يحمله المستقبل.
وبخصوص مشاركتها في مهرجان "جسد"، أعربت الفنانة الإسبانية عن سعادتها البالغة بتقاسم الخشبة مع نساء مبدعات في مهن المسرح من بلدان متعددة وثقافات متنوعة، مبرزة أن هذه المشاركة تشكل خطوة كبيرة في مسيرتها الفنية.
وأنخيليس روسو هي فنانة ومديرة مسرح إسبانية تلقت تكوينها الفني على يد أساتذة مثل ليليانا أراسيل، وغابرييلا إسترادا، وكريستيان نيلا، في مجالات مختلفة مثل الأداء والرقص والغناء. حصلت على دبلوم في الأداء والتمثيل من مدرسة الفنون الدرامية بإشبيلية، وأكاديمية "سيلفيو داميكو" الوطنية للفنون الدرامية بروما، كما حازت على درجة الماجستير من مؤسسة "كريستينا هيرين" لفن الفلامنكو.
بقعة ضوء على خصوصيات الإخراج المسرحي النسائي

وفي ذات الاطار، سلطت ندوة نظمت الجمعة في مسرح "أكواريوم" الضوء على التحديات والخصوصيات الرئيسية لمهنة النساء المخرجات.

وشكلت هذه الندوة، مناسبة لمناقشة رؤيتهن للمسرح ومكانة المرأة المخرجة المسرحية في المجال الفني الإفريقي والعربي والأوروبي، فضلا عن مقاربة آفاق الولوج إلى التمويل والمشاركة في المهرجانات.

وأجمعت المتحدثات، خلال هذا اللقاء، على التأكيد على صعوبة مهنة المرأة المخرجة المسرحية، مشيرات إلى عدة تحديات تتعلق بالصورة النمطية للمرأة في المجتمع، إلى جانب علاقتهن الجدلية بالمجال الفني.

وعلاوة على ذلك، أعربت المخرجات عن استيائهن من إسناد الأدوار الرئيسية للرجل في العديد من المسرحيات، في حين تكتفي المرأة بلعب الأدوار الثانوية في أغلب الأحيان، مشيدات، في المقابل، بجرأة بعض الرجال الذين يوافقون على لعب أدوار ثانوية عندما ي سند للمرأة الدور الرئيسي.

وعلى المستوى الفني، أكدت المخرجات المسرحيات أنهن يحاولن تفادي اقتصار نضالهن على قضايا المرأة فحسب، موضحات أنهن يعملن على مواضيع متنوعة.

ودعت المخرجات، انطلاقا من إدراكهن للمشاعر التي يثيرها الفن المسرحي لدى النساء والرجال على السواء، إلى إيجاد توازن بين الطرفين، سواء من حيث النص أو التمثيل الفني، ضمانا للمساواة في التمثيلية وحرية التعبير.

واعتبرن، بخصوص العمل في تآزر تام مع النساء والرجال، أن هناك اختلافا بين الكتابة والإخراج، مدافعات عن حريتهن في بلورة عرض مسرحي مختلف عن ذلك الذي يقترحه الكاتب المسرحي.

من جهة أخرى، تناولت المخرجات موضوع عدم المساواة في الاجور والتقدير مقارنة بالرجال، وطالبن بإجراء إصلاحات جوهرية على مستوى السياسة الثقافية، من خلال العمل الجاد على الذاكرة وعلاقتها بتاريخ التمثيل النسائي ومكافحة كافة أشكال التمييز التي تعاني منها المرأة.

خمسة أسئلة لنعيمة زيطان رئيسة المهرجان ومؤسسة مسرح أكواريوم

رئيسة المهرجان نعيمة زيطان (يمين) خلال تكريم مخرجة عرض 'انانية'
نعيمة زيطان: 'الوقت حان لكي يستضيف المغرب حدثا دوليا كبيرا مخصصا للمخرجات'

وفي حوار أجرت منال قوبيع لوكالة المغرب العربي، اجابت رئيسة المهرجان ومؤسسة مسرح أكواريوم نعيمة زيطان على خمسة أسئلة حول اختيار موضوع هذه الدورة، ومكانة المخرجات المغربيات في المشهد الفني الوطني وكيف يمكن للمسرح أن يسهم في تحسين وضعية المرأة المغربية والعربية والإفريقية.

1. لماذا اخترتم "السينوغرافيا بصيغة المؤنث" موضوعا لهذه الدورة الثانية للمهرجان؟

ظلت الخبرة النسائية في مهنة السينوغرافيا محدودة في المجالات الفنية المرتبطة بالديكور والإضاءة والصوت والاشتغال على مواد مثل الخشب والحديد والزجاج.

واليوم، غيرت النساء السينوغرافيات الوضع في هذا المجال الذي يوصف عموما بأنه "مهنة الرجل". لذلك من المهم من اللقاء بهن لاكتشاف الطريقة التي انخرطن بها في هذا المجال، وتحديات مهنتهن، والصعوبات التي يواجهنها والاختلافات الموجودة بين العمل مع النساء المخرجات والرجال المخرجين.

2. ما هي مكانة المخرجات المغربيات في المشهد الفني الوطني؟

في المغرب، لدينا مخرجات كفؤات وعلى درجة عالية جدا من الإبداع، مثل إيمان زروالي، وسليمة مومني، وسليمة بن مومن، وأسماء المدير، ولطيفة أحرار، وفاطمة عاطف، وفاطمة الزهراء لهويتر.

وعلى الرغم من هذه الأسماء الكبيرة، إلا أن عدد المخرجات لا يزال متواضعا مقارنة بعدد الرجال، ولهذا السبب يدعو المهرجان النساء خريجات المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي لتطوير أعمالهن وخوض غمار الإخراج لأنهن قادرات على ذلك.

3. كيف يمكن للمسرح أن يساهم في تحسين أوضاع المرأة المغربية والعربية خاصة، والمرأة الإفريقية عامة؟

في الواقع، المسرح يسلط الضوء على قضايا معينة. وهو ليس ترافعا أو مؤتمرا نخلص في ختامه إلى توصيات نقدمها للبرلمان أو الحكومة. المسرح قبل كل شيء فن وشكل من أشكال الإبداع الذي ننقل من خلاله عددا معينا من الأفكار والتأملات والرسائل حول مواضيع معينة.

4. ما الذي دفعك للمشاركة في إنشاء هذا المهرجان؟

هذا المهرجان جاء عن فكرة للفاعلة عواطف زيطان خلال لقاء بين الأصدقاء في ظرفية خاصة تميزت بنهاية جائحة كوفيد 19، وفي وقت كان شعور اليأس والخوف واللاأمن يرخي بثقله على المجتمع. وفي الواقع، فقد رأت أن الوقت قد حان لكي يستضيف المغرب حدثا دوليا كبيرا مخصصا للمخرجات.

5. كيف يمكن تشجيع المرأة على الانخراط في مجال السينوغرافيا؟

السينوغرافيا هي تخصص ومجال للدراسة الأكاديمية لسنا ملزمين بتشجيعه، حتى لو تميزت فيه العديد من النساء اليوم. في الواقع، يتمتع كل فنان، أو فنان مستقبلي أو طالب، بإمكانية الاختيار حسب تفضيلاته بين التشخيص والسينوغرافيا والتنشيط الثقافي.

يشار الى ان الدورة الثانية للمهرجان الدولي للنساء المخرجات "جسد"، الذي ينظمه مسرح "أكواريوم" إلى غاية  29 كانون الثاني/يناير بالرباط، يضم برنامجا غنيا، يشمل تسعة عروض مسرحية من تسعة بلدان مختلفة (المغرب، وإيطاليا، والكاميرون، واليونان، وفرنسا، وتونس، وإسبانيا، ومصر، وألمانيا)، إضافة إلى تقديم "ماستر كلاس"، ولقاءين نسائيين، سيتم تخصيص الأول للنساء المخرجات، والثاني للنساء السينوغرافيات، من أجل استكشاف مختلف الجوانب الفنية والإبداعية للمهن المسرحية برؤية نسائية.

وتنظم الدورة بدعم من وزارة الثقافة والشباب والتواصل، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والمكتب الوطني المغربي للسياحة، والمعهد الفرنسي بالمغرب، والمعهد الثقافي الإيطالي بالرباط، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومؤسسة شرق-غرب.