ايرباص تُبقي الباب مواربا لحل نزاع قانوني مع الخطوط القطرية

في معركة قضائية لم يسبق لها مثيل في لندن، تقاضي الشركة القطرية إيرباص مطالبة بتعويض يتجاوز مليار دولار، مع ارتفاع قيمة المطالبات بمقدار أربعة ملايين دولار يوميا.
الرئيس التنفيذي لإيرباص: التواصل مستمر مع الخطوط القطرية بشأن الطائرة إيه350
شركات الطيران تناقش في الدوحة طيّ صفحة كوفيد وسبل إدارة التعافي

الدوحة - قال جيوم فوري الرئيس التنفيذي لشركة إيرباص لصناعة الطائرات إن الشركة تجري مناقشات مع الخطوط الجوية القطرية لمحاولة حل نزاع قانوني مرير يتعلق بسلامة طائرات إيه350.

وأوضح على هامش اجتماع لقطاع الطيران في الدوحة "هناك تقدم بمعنى أننا نتواصل ونعمل مع بعضنا البعض"، مضيفا "أعتقد أننا نتشارك الرأي القائل بأن التسوية ستكون طريقة أفضل للمضي قدما".

ويدور خلاف بين الجانبين بشأن صلاحية أحدث طائرات المقاصد البعيدة الأوروبية للتحليق بعد أن كشفت الأضرار التي لحقت بطلائها الخارجي الواقي عن فجوات في نظام الحماية من الصواعق، مما دفع السلطات القطرية إلى إيقاف أكثر من 20 طائرة.

وتعترف إيرباص بدعم من سلطات الطيران الأوروبية، بوجود عيوب تتعلق بالجودة في طائرات لدى عدد من شركات الطيران، لكنها تنفي أن مثل هذه المشكلات تصل إلى حد المخاطر المتعلقة بالسلامة، مؤكدة أن هناك حماية كافية احتياطية من الصواعق.

وتؤكد الخطوط الجوية القطرية بدعم من الهيئات التنظيمية الوطنية التي أمرت بخروج الطائرات من الخدمة عند ظهور المشكلة، أن التأثير على السلامة لا يمكن إدراكه بشكل صحيح قبل أن تقدم إيرباص تحليلا فنيا أعمق.

وفي معركة قضائية لم يسبق لها مثيل في لندن، تقاضي الشركة القطرية إيرباص مطالبة بتعويض يتجاوز مليار دولار، مع ارتفاع قيمة المطالبات بمقدار أربعة ملايين دولار يوميا.

وقال فوري "نحن في وضع صعب، لكننا في إيرباص مستعدون حقيقة لإيجاد مخرج"، مضيفا "نتباحث ولم ينقطع خط الاتصال بيننا وبين الخطوط الجوية القطرية. لا أقول إن الأمر سهل... لكننا نتحدث مع بعضنا البعض ونواصل دعم الخطوط الجوية القطرية في عملياتها".

وقال أكبر الباكر الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية للصحفيين الشهر الماضي إنه يأمل في أن يتم حل الخلاف خارج نطاق القضاء، لكنه لا يزال ينتقد بشدة تآكل طبقة الطلاء الواقية لهياكل الطائرات والذي عانت منه أيضا شركات طيران أخرى.

من الصعب إنهاء الشقاق وخصوصا بعد اتساعه في يناير عندما ألغت شركة إيرباص عقدا منفصلا مع الخطوط الجوية القطرية لشراء طائراتها الأصغر إيه321 نيو

وإلى الآن تقول مصادر في قطاع الطيران إنه لا توجد مؤشرات على تسوية، يشكك قاض بريطاني الشهر الماضي في إمكانية حل النزاع خارج نطاق القضاء في أي وقت قريب بالنظر إلى الفجوة الواسعة بين الطرفين.

ويحضر كل من فوري والباكر الاجتماع السنوي للاتحاد الدولي للنقل الجوي في الدوحة في الفترة من 19 إلى 21 يونيو/حزيران، لكن مندوبين قالوا إنه لا توجد بادرة على إجراء محادثات مباشرة حتى الآن.

وتقول مصادر بالقطاع إنه من الصعب إنهاء الشقاق وخصوصا بعد اتساعه في يناير/كانون الثاني عندما ألغت شركة إيرباص عقدا منفصلا مع الخطوط الجوية القطرية لشراء طائراتها الأصغر إيه321 نيو.

وترى الخطوط الجوية القطرية أن التحرك لمعاقبتها بسبب النزاع الخاص بإيه350، بإلغاء صفقة منفصلة، يشكل سابقة مقلقة في السوق، لكن إيرباص تقول إنها تطبق حقوقها التعاقدية.

ومع عودتها لحصد أرباح بعد عامين قاسيين وطويلين للغاية جراء تفشي كوفيد، تتفاوض شركات الطيران في اجتماع بدأ الأحد في الدوحة على زيادات معقدة في قدراتها في خضم أزمتين جيوسياسية ومناخية.

وعلى مدى ثلاثة أيام، سيشارك مندوبو الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) الذي يجمع 300 شركة تمثل 83 بالمئة من النشاط العالمي للقطاع، في اجتماعهم السنوي في العاصمة القطرية التي وقع الاختيار عليها بسبب الوضع الصحيّ في شنغهاي الصينية التي كانت ستستضيف اللقاء.

وتسببت الأزمة وهي الأخطر في تاريخ الطيران التجاري في خسارة شركات الطيران 60 بالمئة من زبائنها عام 2020، وارتفعت نسبة الإشغال عام 2021 إلى 50 بالمئة فقط، ما كبّدها خسائر إجمالية تناهز 200 مليار دولار خلال العامين.

ورغم استمرار انتشار الوباء وبعض القيود المفروضة على السفر، لا سيما في آسيا، فإن القطاع يتعافى.

وبمعيار عائدات الركاب بالكيلومترات الذي يمثل وحدة القياس المرجعية للقطاع، بلغ النشاط في أبريل/نيسان 62.8 بالمئة مما سجل في الشهر نفسه عام 2019، وهو أفضل رقم منذ مارس/اذار 2020. وأداء الأسواق المحلية (74.2 بالمئة من أبريل 2019) أفضل من تلك الدولية (56.6 بالمئة).

وعلى غرار مجموعة 'إير فرانس-كاي إل إم'، ترى الشركات الأوروبية "صيفا واعدا" يلوح في الأفق مع حجوزات أعلى في بعض الأحيان من تلك المسجلة عام 2019 في بعض الوجهات، بينما في الولايات المتحدة تعافت السوق المحلية الضخمة بشكل شبه كامل.

وقال المدير العام لمنظمة 'إياتا' ويلي والش خلال زيارته باريس مؤخرا "الشركات تجني الأموال مرة أخرى وهذا أمر إيجابي للغاية"، معتبرا أن آفاق القطاع جيدة بعد "عامين مجدبين طويلين للغاية".

الخطوط القطرية ترى أن التحرك لمعاقبتها بسبب النزاع الخاص بإيه350، بإلغاء صفقة منفصلة، يُشكل سابقة مقلقة في السوق، لكن إيرباص تقول إنها تطبق حقوقها التعاقدية

ورغم إفلاس عدد من الشركات، إلا أن أخرى حظيت غالبيتها بدعم من الدول صارت نظريا أكثر ربحية بعد الاضطرابات، لكن مع تراجع عدد موظفيها.

وعانى بعض المسافرين جراء ذلك مع إلغاء رحلات بسبب نقص عدد الطيارين أو طاقم الطائرة، واضطرارهم للانتظار لساعات عدة في بعض المطارات الأوروبية التي تفتقر للعمال الأرضيين وعناصر الجمارك.

وأضاف والش أن "نظام العمل لم يصل بعد إلى سرعته القصوى" لكنه عبر عن أمله في أن تتم معالجة هذه الصعوبات مع الوقت. كما أعرب المسؤول عن تفاؤله بشأن استمرار الانتعاش رغم الحرب في أوكرانيا وتداعياتها وارتفاع التضخم وأسعار الوقود القياسية.

ويمثل الوقود ما بين 25 و30 بالمئة من تكاليف شركات الطيران ونظرا لوضعها المالي الذي لا يزال هشا، زادت الشركات أسعار التذاكر للحفاظ على الربحية.

وإلى جانب التآكل المتوقع للقوة الشرائية للمسافرين، يمكن أن تؤدي زيادات الأسعار إلى إضعاف الطلب في وقت يتعين فيه على الشركات الاستثمار بشكل مكثف لمواجهة تحد وجودي: تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

والتزم أعضاء الاتحاد الدولي للنقل الجوي تحقيق "صافي انبعاثات صفرية" بحلول عام 2050، وهو هدف سيتم تقديمه هذا الخريف إلى الجمعية العامة لمنظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) التابعة للأمم المتحدة حيث من غير المؤكد أن تتوصل الدول الأعضاء إلى اتفاق.

وترفض 'إياتا' التي تتوقع 10 مليارات مسافر سنويا بحلول منتصف القرن مقارنة بـ4.5 مليارات عام 2019، النظر في فرض قيود على نموها يرى بعض المنظمات غير الحكومية أنها ضرورية لتحقيق أهداف اتفاق باريس بشأن المناخ.

وحاليا، يمثل الطيران التجاري الذي يتعرض لانتقادات كثيرة من الناشطين البيئيين، ما بين 2.5 و3 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.

وتحذر الشركات من خطر وقف إتاحة النقل الجوي لعدد متزايد من الناس وتكبيد المسافرين قسما كبيرا من فاتورة خفض انبعاثات الكربون، إذ أن جعل الطائرات "أكثر نظافة" والوقود مستداما يتطلب استثمار 1550 مليار دولار خلال 30 عاما.

ويجري حاليا التركيز على معالجة تداعيات الحرب في أوكرانيا التي أحدثت صدمة جديدة للقطاع الجوي، فقد باتت الطائرات الأوروبية المتجهة إلى آسيا مضطرة للقيام بالتفافات طويلة لتجنب الأجواء الروسية، كما أن موسكو متهمة بسرقة 220 طائرة بوينغ وإيرباص من شركات تأجير قيمتها عدة مليارات من الدولارات.