برلمان تونس يسمح للبنك المركزي بإقراض الدولة لسد عجز الميزانية

وزيرة المالية تشدد على أن المبالغ ليست مخصصة لتمويل نفقات جارية وأن ثلاثة مليارات دينار ستستخدم لسداد ديون خارجية اضافة لتمويل استثمارات عامة.
خيراء اقتصاديون يحذرون من تداعيات القرار على التضخم وقيمة الدينار التونسي
مخاوف من تكرار القرار الاستثنائي في دعم الميزانية ليكون عادة ما سيؤثر سلبا على الاقتصاد

تونس - أقرّ البرلمان التونسي ليل الثلاثاء تعديلاً يمكّن البنك المركزي من منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامّة للدولة، في خطوة "استثنائية" وفق الحكومة لكنّ تداعياتها المحتملة على التضخّم وقيمة الدينار تثير قلق الخبراء.
وبغالبية 92 صوتاً من أصل 133 أقرّ مجلس نواب الشعب تعديلاً للقانون الذي يضمن استقلالية المركزي التونسي وكان يمنعه من تمويل الخزينة العامة.
ويرّخص النصّ الجديد للمركزي "بصفة استثنائية منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية في حدود مبلغ صاف يقدّر بسبعة آلاف (7000) مليون دينار تسدد على مدة عشر سنوات منها ثلاث سنوات إمهال ودون توظيف فوائد". وستتيح هذه المبالغ "تمويل جزء من عجر ميزانية الدولة لسنة 2024" بما في ذلك ديون خارجية بـ16 مليار دينار.
وكانت وزيرة المالية سهام البوغديري قد شدّدت خلال جلسة المناقشة على أن هذه المبالغ "ليست مخصصة لتمويل نفقات جارية" قائلة إنّ ثلاثة مليارات دينار ستستخدم لسداد ديون خارجية لكن "جزءا من (القرض) سيستخدم لتمويل استثمارات عامة".
وفي المقابل لم تنفي الوزيرة إمكانية حصول تضخم بشكل استثنائي في تونس في الفترة المقبلة بعد قرار تمويل البنك المركزي لعجز الميزانية.
ووجّه نواب انتقادات إلى الخطوة. وقال النائب المستقل هشام حسني إن الحكومة وبعدما تعذّر عليها الاقتراض من الخارج، لجأت إلى الاقتراض من الداخل فيما قال الخبير الاقتصادي آرام بلحاج إن اللجوء إلى البنك المركزي التونسي هو "نتيجة مباشرة لإغلاق الأبواب" في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول قرص بنحو ملياري دولار.
وكانت البلاد توصلت إلى اتفاق أوّلي مع صندوق النقد الدولي نهاية العام 2022 للحصول على قرض وضخ ملياري دولار في اقتصادها، لكن المفاوضات تعثّرت حين رفض سعيّد الإصلاحات التي أوصى بها صندوق النقد.
وحذّر حاكم المركزي مروان العباسي الذي تنتهي ولايته في منتصف شباط/فبراير من أن القرض سيؤدي إلى "تراجع احتياطات النقد الأجنبي مع تداعيات سلبية محتملة على الدينار التونسي موضحا أن السلطات "تطلب بصفة استثنائية سبعة مليارات لكن لا شيء يضمن ألا يحصل استثناء ثان في العام 2025 ثم ثالث ثم رابع فخامس".
واعتبر أنّ الاقتراض من البنك المركزي التونسي ينطوي على مخاطر ارتفاع معدّل التضخم (حاليا 8 بالمئة) لأن الكتلة النقدية المتداولة لن يكون هناك ما يقابلها من حيث السلع والخدمات محذرا من أنّ هذا الأمر سيؤخر أيضا "الإصلاحات اللازمة"، مشيرا إلى النفقات العامة التي يتعين تقليصها والشركات العامة الخاسرة التي يتعين إعادة هيكلتها.
وفشلت تونس في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار حيث طالب الصندوق بحزمة من الإصلاحات من بينها وقف الدعم وتجميد الانتدابات في الوظائف العمومية والتخلي عن الشركات المفلسة.
يشار الى أن الحكومة التونسية أعلنت الشهر الماضي تسديد ديون سنة 2023 لكن مراقبين يرون أن ذلك كان بسبب التداين مرة أخرى.