بعد بريطانيا، ايطاليا تعدل بوصلتها صوب الطاقات المتجددة في المغرب

المغرب يوجد في قلب المشروع الذي تقدمه إيطاليا من أجل دعم البلدان الإفريقية والتعاون معها من خلال شراكة متكافئة.

روما - تُبدي ايطاليا اهتماما كبيرا بالطاقات المتجددة في المغرب في خطوة كشف عنها رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش على هامش قمة "إيطاليا-إفريقيا.. جسر للنمو المشترك"، في روما بينما يأتي ذلك فيما تستقطب الطاقات المتجددة العديد من الدول الأوروبية حيث كانت بريطانيا سباقة في هذا المجال من خلال مشروع أطول كابل بحري لنقل الطاقة للمملكة المتحدة الذي من المتوقع أن يغطي حاجات نحو سبعة ملايين بريطاني من الطاقة الكهربائية بحلول عام 2030.

وقال أخنوش الاثنين أن اهتمام إيطاليا بالمشروع المغربي لتطوير الطاقات المتجددة يتضح جليا من خلال جميع اللقاءات والتدخلات التي تميزت بها هذه القمة ويتجلى على الخصوص من خلال عزمها على إنشاء مركز للتكوين في هذا المجال الواعد بالمغرب.

وأشار إلى أن مشاركته في هذه القمة شكلت مناسبة للحديث عن الأشواط الكبرى التي قطعتها المملكة منذ العام 2009، تحت القيادة المستنيرة للعاهل المغربي الملك محمد السادس، في مجال النهوض بالطاقات المستدامة وذلك في أفق بلوغ 52 في المائة من الكهرباء المنتجة انطلاقا من الطاقات المتجددة بحلول العام 2030.

وشكلت هذه القمة مناسبة لتسليط الضوء على المشروع المغربي لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومشروع إنشاء أنبوب الغاز الطبيعي الرابط بين نيجيريا والمغرب، والذي سيتم من خلاله ربط 11 دولة بهذا الأنبوب، في أفق إتمام الربط مع أوروبا. وخلص أخنوش إلى التأكيد على أن المغرب يوجد في قلب المشروع الذي تقدمه إيطاليا من أجل دعم البلدان الإفريقية والتعاون معها من خلال شراكة متكافئة.

وبرزت الطاقة المتجددة في المغرب ضمن أفضل ثلاث أسواق واعدة في جذب الاستثمارات، في ظل خطة البلاد الطموحة لتعزيز الطاقة الإنتاجية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.

استغلال مثالي للطاقات الطبيعية
استغلال مثالي للطاقات الطبيعية

وأظهر تقرير مؤشر جاذبية الدولة للطاقة المتجددة الذي أصدرته شركة الاستشارات العالمية إي.واي في ديسمبر/كانون الأول 2022 أن المغرب والدنمارك واليونان هي أفضل الدول ذات أداء أعلى من التوقعات بالنسبة إلى حجمها الاقتصادي.

وفي عام 2019 فاز تحالف بقيادة إي.دي.أف بعطاء لبناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميغاواط تم تصميمها لتجمع بين تقنيات الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة.

وطور المغرب، الذي سبق جيرانه في منطقة شمال أفريقيا لوضع أسس قوية للقطاع، في السنوات الأخيرة إستراتيجية بهدف الانتقال من بلد يستورد كل احتياجاته من النفط والغاز إلى منتج للطاقة المتجددة بغية تحقيق أمن الطاقة.

قمة "إيطاليا-إفريقيا.. جسر للنمو المشترك" تسليط الضوء على المشروع المغربي لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشروع إنشاء أنبوب الغاز الطبيعي الرابط بين نيجيريا والمغرب

وأكدت وزيرة انتقال الطاقة ليلى بنعلي مرارا أن بلدها يولي تعزيز التعاون الدولي أهمية خاصة عبر تطوير علاقات إستراتيجية مع العديد من المنظمات والدول، بهدف استقطاب الاستثمارات ونقل التكنولوجيات في القطاع. وقالت إنه "لتفعيل البرامج والمشروعات في الطاقة المتجددة، نواصل جهودنا لتطوير ترسانة قانونية وتنظيمية ومؤسسية، لتوفير المناخ والإطار بما يشجع الاستثمار الخاص في المجال".
وتقول وزارة انتقال الطاقة والتنمية المستدامة إن البلد يتطلع إلى أن يكون قبلة للاستثمارات الأجنبية في هذا المجال الواعد بعدما طرح العديد من المشاريع في هذا المضمار.

ووضعت بريطانيا خطة لمد كابل تحت سطح البحر لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا ونقل الطاقة المتجددة من المغرب إلى بريطانيا بعدما توفرت التمويلات اللازمة.

ويربط المشروع بين المغرب وبريطانيا من جهة كلميم واد نون المغربية. ومن المقرر أن تمر الكابلات بكل من البرتغال وإسبانيا وفرنسا لمسافة تتجاوز 3800 كيلومتر. إذ ستتولى شركة إكس لينكس مهمة مد الكابلات البحرية لنقل إمدادات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من الصحراء الكبرى إلى سبعة ملايين منزل في بريطانيا بحلول عام 2030. ومن المقرر أن تزود الشركة أربعة خطوط تحت سطح البحر سيجري تصنيعها من قبل شركة إكس.إل.سي.سي. كما أنه من المقرر أن تستمر المرحلة الأولى لبناء الكابل البحري بين عامي 2925 و2027 لربط الطاقة المتجددة المولدة في المغرب بقرية ألفردسكوت بمقاطعة ديفون الشمالية في بريطانيا.

ومن الجدير بالذكر أن شركة إكس لينكس حصلت على مبلغ قدره 37.36 مليون دولار في جولة تمويلية في أبريل/نيسان الماضي. إذ ستقدم شركة طاقة الإماراتية حوالي 31.4 مليون دولار منه. في حين أن باقي المبلغ ستقدمه شركة أكتوبوس إنيرجي.

بالإضافة إلى الحاجة لمد أطول كابل بحري في العالم للتيار المستمر عالي الجهد، تحتاج شركة إكس لينكس للحصول على مزيد من التمويل والاتفاق على عقود تسعير طويلة الأجل. كما أنها تحتاج للأذونات للمرور عبر المياه الإقليمية الإسبانية والفرنسية.

ويلعب مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا دوراً مهماً في تمكين نظام الطاقة الذي يفي بالتزام المملكة المتحدة بالحد من الانبعاثات الكربونية وأهداف الحكومة المتمثلة في توفير إمدادات طاقة آمنة وبأسعار معقولة للمستهلكين. كما تتجلى أهميته في توفير حوالي 10 آلاف فرصة عمل في المغرب منها 2000 وظيفة ستصبح دائمة. بالإضافة إلى ذلك سيساهم المشروع في تحقيق هدف المغرب وطموحاته بأن يكون أحد رواد الطاقة النظيفة في المنطقة العربية وفي العالم. كما أنه يتسق مع استراتيجية المغرب لتصدير الطاقة.

وقالت وزيرة الطاقة البريطانية كلير كوتينيو في تصريحات سابقة إن مشروع الكابل البحري لنقل الطاقة المنتجة بالمغرب لبريطانيا، والذي سيكلف 20 مليار جنيه أسترليني، هو مشروع “ذو أهمية وطنية”.

وسيؤدي هذا التوصيف إلى تبسيط عملية التخطيط للمشروع الذي يقول المؤيدون إنه يمكن أن يجلب ما يكفي من الكهرباء من المغرب لتزويد أكثر من 7 ملايين منزل بالطاقة، أو 8 في المائة من احتياجات بريطانيا من الكهرباء.

وصرح ديف لويس رئيس تيسكو السابق والرئيس التنفيذي لمشروع إكس لينكس لصحيفة فايننشال تايمز إن هذه الخطوة كانت “خطوة مهمة”، مضيفا إن مشروع الطاقة المغربي “يتقدم بشكل جيد”. وأضاف إن المشروع ستبلغ قدرته التوليدية 10.5 جيجاوات، منها 7 جيجاوات ستأتي من الطاقة الشمسية و3.5 جيجاوات من طاقة الرياح. متابعا “الشمس تشرق هناك كل يوم، والرياح تهب كل مساء”.

وقال لويس إن تكاليف المشروع بأكمله تقدر الآن بما يتراوح بين 20 مليار جنيه استرليني و22 مليار جنيه استرليني، لكنه أصر على أن الشركة البريطانية الناشئة يمكنها بناء المشروع دون “أي دعم أو مساعدة حكومية” وأن المشروع سيكون تحويليا.

وقالت وزارة أمن الطاقة، في بيان لها إن كوتينيو يعتقد أن المشروع “يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تمكين نظام الطاقة الذي يلبي التزام المملكة المتحدة بخفض انبعاثات الكربون وأهداف الحكومة لخلق طاقة آمنة وموثوقة وبأسعار معقولة”، وأن تصنيف المشروع على أنه “ذو أهمية وطنية” يعني تطبيق تخطيط لمحطة تحويل في ألفيرديسكوت، والتي ستكون ضرورية لنقل الكهرباء إلى الشبكة، وستذهب أعمال البنية التحتية الأخرى مباشرة إلى الحكومة، وليس مجلس مقاطعة توريدج. ديفون.