بوتين يحارب الغرب بالغاز والطاقة.. "مَن يعاقب الآخر أكثر"

اعتبر بوتين أن عزل روسيا "مستحيل"، رغم العقوبات غير المسبوقة التي تفرضها دول غربية على موسكو على خلفية غزوها لأوكرانيا.

موسكو - رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سقف التحدي للغرب وكأنه بذلك يحول الوضع المتعلق بالغاز والطاقة من مناوشات بحجج تقنية إلى حرب "من يعاقب الآخر أكثر"، وقال إن الحد الأقصى المقترح على أسعار الغاز الروسي أمر "غبي" وسيؤدي إلى زيادة الأسعار.

وأضاف بوتين بنبرة تحدّ جلية: إننا سنبيع الغاز في جميع أنحاء العالم. وقال إننا مستعدون للتعاون مع أي دولة في مجال الطاقة. وأكد على أنه ليس لدى روسيا مشاكل في بيع مواردها من الطاقة.

ونفى الرئيس الروسي أن تكون روسيا تستخدم الطاقة "سلاحا" ضدّ أوروبا، بعد أيام من توقف شحنات الغاز الروسي عبر خطّ أنابيب "نورد ستريم".

وصرح بوتين خلال المنتدى الاقتصادي في مدينة فلاديفوستوك في أقصى الشرق الروسي أن الدول الغربية تقول "إن روسيا تستخدم الطاقة كسلاح. كلام فارغ! أي سلاح نستخدم؟ نقوم بتوفير الكميات الضرورية وفقًا لطلبات" الدول المستوردة.

وتابع الرئيس الروسي أمام قادة اقتصاديين وسياسيين آسيويين "أعطونا توربينًا ونعيد إطلاق نورد ستريم غدًا".

وأعلنت مجموعة "غازبروم" الروسية الجمعة توقف عمل خط أنابيب "نورد ستريم" الحيوي لإمداد أوروبا بالغاز، "بالكامل"، حتى انتهاء إصلاح توربين فيه، بعدما كان من المقرر أن يعاود العمل السبت إثر عملية الصيانة.

وعزّز هذا الإعلان مخاوف الدول الأوروبية من انقطاع تامّ للغاز الروسي في أوروبا، قبل حلول فصل الشتاء وعلى خلفية تضخّم متسارع في أسعار الطاقة.

ويتّهم الاتحاد الأوروبي موسكو باستخدام شحنات الغاز كسلاح ضغط في إطار النزاع في أوكرانيا.

واعتبر بوتين أن عزل روسيا "مستحيل"، رغم العقوبات غير المسبوقة التي تفرضها دول غربية على موسكو على خلفية غزوها لأوكرانيا.

وحذر بوتين الغرب من أنه يقوض الاقتصاد العالمي بما وصفه بمحاولة عقيمة وعدوانية لفرض هيمنته، معتبرا أن القوى الصاعدة في آسيا هي المستقبل.

وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها أشد العقوبات في التاريخ الحديث على روسيا بسبب ما وصفه بوتين بأنه عملية عسكرية خاصة في أوكرانيا. ويقول الكرملين إن العقوبات أشبه بإعلان الحرب.

وفي كلمته أقال بوتين إن العقوبات حلت محل جائحة كوفيد باعتبارها التهديد الرئيسي للاقتصاد العالمي.

وقال بوتين "إنني أتحدث عن حمى عقوبات الغرب، بمحاولته الوقحة والعدوانية لفرض أنماط من السلوك على دول أخرى، لحرمانها من سيادتها وإخضاعها لإرادته".

وأضاف "أنه في محاولة لمقاومة مجرى التاريخ، تعمل الدول الغربية على تقويض الركائز الأساسية للنظام الاقتصادي العالمي الذي تم بناؤه على مدى قرون" مشيرا إلى أن الثقة في اليورو والدولار والإسترليني آخذة في التراجع.

وأرسلت روسيا عشرات الآلاف من القوات إلى أوكرانيا يوم 24 فبراير فيما وصفته بعملية خاصة لتقويض القدرات العسكرية لجارتها الجنوبية والقضاء على من وصفتهم بالقوميين الخطرين.

وتبدي القوات الأوكرانية مقاومة شديدة. ولم يكشف أي من الجانبين عن عدد الجنود الذين قتلوا.

ودفعت مساعي الغرب لفرض عزلة اقتصادية على روسيا- أحد أكبر منتجي الموارد الطبيعية في العالم- بالاقتصاد العالمي إلى مصير مجهول مع ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة.

وقال بوتين إن الغرب يحاول فرض إرادته على العالم لكن قوته آخذة في التراجع لأن مركز النمو العالمي موجود الآن في آسيا.

وأضاف "لقد حدثت تغيرات لا رجعة فيها.. في جميع العلاقات الدولية. إن دور البلدان والمناطق الواعدة الديناميكية في العالم، وخاصة منطقة آسيا والمحيط الهادي قد ازداد بشكل ملحوظ".

وأوضح بوتين أن الاقتصاد الروسي يتغلب على ما سماه بالعدوان المالي والتكنولوجي للغرب، لكنه أقر ببعض الصعوبات في بعض الصناعات والمجالات.

وفي سياق الحرب على أوكرانيا أكّد الرئيس الروسي أن صادرات الحبوب الأوكرانية تتّجه بشكل أساسي إلى دول الاتحاد الأوروبي وليس إلى الدول الفقيرة، ما يشكّل خطر "كارثة إنسانية".

وقال خلال المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك الروسية "كلّ الحبوب المصدّرة من أوكرانيا تقريبا لا تُرسَل إلى الدول النامية والدول الأكثر فقرًا، بل إلى دول الاتحاد الأوروبي".

واضطرت أوكرانيا، إحدى أكبر مصدري الحبوب في العالم، إلى وقف جميع عمليات التسليم تقريبًا بعد أن بدأت موسكو غزوها لها في 24 فبراير.

واستؤنفت صادرات الحبوب عبر موانئ البحر الأسود بعد أن وقعت كييف وموسكو في تموز/يوليو اتفاقًا، تحت إشراف الأمم المتحدة وتركيا.

وقال بوتين "قمنا بكل ما يلزم لضمان تصدير الحبوب الأوكرانية.. فعلنا ذلك مع تركيا".

واعتبر الرئيس الروسي أن الدول الأوروبية "تصرفت كقوى استعمارية في العقود والقرون الأخيرة" و"لا تزال تتصرف على هذا النحو اليوم".

وأضاف أنها "خدعت ببساطة الدول النامية مجددًا".

وتابع "بهذا النهج، سيزداد حجم مشاكل الغذاء في العالم"، مضيفًا أن ذلك قد يؤدي إلى "كارثة إنسانية غير مسبوقة".