'بي واي دي' من اضحوكة قطاع السيارات الى القمة

العملاقة الصينية تتحول في 17 عاما من مصنع صغير للبطاريات الى مصنع لسيارات رديئة قبل ان تكتسح الأسواق العالمية مهددة وجود تسلا الأميركية.

بكين – قبل نحو 17 عاما كانت شركة "بي واي دي" الصينية "اضحوكة" في معرض للسيارات قدمت فيه اول نماذج عرباتها، لكن العام 2024 لم يبدأ الا وهي في الصدارة العالمية لصناعة السيارات الكهربائية في مسيرة مذهلة وغير متوقعة.

وفي العام 2017 كانت "بي واي دي" مجرد شركة لصناعة البطاريات تحاول دخول قطاع إنتاج السيارات.

نظر المسؤولون التنفيذيون الأميركيون في "معرض غوانغتشو" المقام حينذاك للسيارات، إلى الطلاء الأرجواني غير المستوي للسيارة، وسوء ملاءمة أبوابها، وعبّروا عن دهشتهم. وقال مايكل دون، محلل صناعة السيارات في الصين: "لقد كانت (الشركة) أضحوكة الصناعة".

ومطلع 2024 تفوقت "بي.واي.دي" على منافستها الأميركية تسلا إثر تسليمها عددا أكبر من السيارات الكهربائية في الربع الأخير من عام 2023 لتزيحها بذلك عن عرش هذه السوق الواعدة.

وتمتلك الشركة الآن مدينة مسورة خاصة بها في شنتشن، وهي مدينة جنوب شرقي البلاد بجوار هونغ كونغ. وينتقل العاملون من شقق الشركة المكونة من 18 طابقاً إلى أبراج مكاتب "بي واي دي" ومختبرات الأبحاث بقطار.

وتقوم شركة "بي واي دي" ببناء خطوط تجميع في البرازيل والمجر وتايلاند وأوزبكستان، وتستعد للقيام بذلك في إندونيسيا والمكسيك. وهي تتوسع بسرعة في الصادرات إلى أوروبا.

كما أن الشركة الآن على أعتاب تجاوز مجموعة فولكسفاغن، التي تضم "أودي"، بوصفها شركة رائدة في السوق في الصين.

 وازدادت مبيعات شركة "بي واي دي"، التي تشكّل نسبتها أكثر من 80 في المئة في الصين، بنحو مليون سيارة في كل من العامين الماضيين.

وكانت شركة "جنرال موتورز" آخر صانع سيارات يحقق ذلك خلال عام واحد في السوق الأميركية، وكان ذلك في عام 1946، بعد أن أوقفت "جنرال موتورز" مبيعات سيارات الركاب خلال السنوات الأربع السابقة لتلك السنة؛ بسبب الحرب العالمية الثانية.

وقال مات أندرسون، أمين النقل في متحف "هنري فورد" في ديربورن بولاية ميشيغان: "إن نمو (بي واي دي) لا يشبه أي شيء شهدته الصناعة منذ عقود عديدة".

وكان الملياردير الأميركي  إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا"، حذر من قوة صادرات السيارات الكهربائية الصينية في مكالمة حول أرباح الشركة في يناير/كانون الثاني) الماضي.

 وقال: "بصراحة، أعتقد بأنه إذا لم يتم وضع حواجز تجارية، فإنها ستدمر معظم الشركات الأخرى في العالم إلى حد كبير".

إذا لم يتم وضع حواجز تجارية، فإنها ستدمر معظم الشركات الأخرى في العالم

وقبل ذلك سخر ماسك، في عام 2011 من "بي.واي.دي" التي كانت في ذلك الوقت مجرد شركة مصنعة محلية صغيرة و"ليست" منافساً حقيقياً، وفقاً له. وتساءل خلال مقابلة مع بلومبرغ حينها "هل رأيتم سياراتهم؟".

مسيرة طويلة ومثمرة

وكان وانغ تشوانفو، رئيس شركة "بي واي دي" الحالي، أسس الشركة في عام 1995 لتصنيع البطاريات لشركة "موتورولا" وغيرها من شركات الإلكترونيات الاستهلاكية. وقد درس في جامعة سنترال ساوث في تشانغشا، وهي مؤسسة نخبوية مشهورة بأبحاث كيمياء البطاريات. لكنه كان يحلم بصنع السيارات.

في عام 2003، اشترت شركة "بي واي دي" مصنعاً في شيآن كان يصنع سيارات تعمل بالبنزين. لكن الشركة واجهت مشكلات في البداية، واكتسبت سمعة مبكرة في بناء السيارات القديمة. ونمت مبيعات "بي واي دي" مع ارتفاع السوق الصينية.

وقد اشترى وارن بافيت نحو 10 في المئة من الأسهم مقابل 230 مليون دولار في عام 2008، مما أعطى "بي واي دي" ليس فقط ضخاً نقدياً ولكن أيضاً طابعاً عالمياً.

وفي العام نفسه، وعد وانغ بالبدء في تصدير السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطارية إلى الولايات المتحدة في غضون عامين. لكن السيارات الكهربائية في ذلك الوقت كانت تكلف كثيراً من المال وكان نطاقها محدوداً، وكان على وانغ أن يتخلى عن خططه لدخول السوق الأميركية.

وفي مقابلة أُجريت معه عام 2011، تساءل عن تركيزه على السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات. وأعلن أن شركات صناعة السيارات يجب أن تركز على السيارات الهجينة التي تعمل بالبنزين والكهرباء.

وفي عام 2016، قام بتعيين ولفغانغ إيغر، أحد مصممي "أودي" البارزين، الذي قام بدوره بتعيين مئات آخرين من مهندسي السيارات ذوي الأذواق الجريئة.

وأعاد هؤلاء تصميم نماذج "بي واي دي" بالكامل. اكتشف وانغ أيضاً كيفية استبدال المواد الكيميائية القياسية المستخدمة في الصناعة في بطاريات الليثيوم القابلة لإعادة الشحن - النيكل والكوبالت والمنغنيز - ليحل محلها الحديد والفوسفات الأرخص. لكن البطاريات المبكرة المصنوعة من مركبات كيميائية غير مكلفة نفدت قوتها بسرعة، وكان لا بد من إعادة شحنها بعد رحلات قصيرة.

وفي عام 2020، قدمت شركة "بي واي دي" بطاريات «Blade» الخاصة بها، التي أغلقت معظم ما تُسمى "فجوة النطاق" مع بطاريات النيكل والكوبالت بجزء بسيط من تكلفتها.

وفيما بدأت '"سلا" في تصنيع وبيع أعداد كبيرة من السيارات في الصين في العام نفسه، وازدادت موجة الحماس للسيارات الكهربائية في البلاد.

وتبيع "بي واي دي" في الغالب سيارات أرخص ذات نطاق أقل، بينما تبيع تسلا في الغالب سيارات أكثر تكلفة ذات نطاق أكبر.