تركيا تكمم أفواه وسائل الإعلام بقانون 'التضليل الإعلامي'

البرلمان التركي الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم يدرس مشروع قانون يعتبره منتقدوه قانونا لمصادرة الحريات وقمع حرية التعبير، فيما يتوقع أن يوظفه أردوغان لترهيب وسائل الإعلام المعارضة قبل الاستحقاق الانتخابي.

أنقرة - يدرس البرلمان التركي اليوم الثلاثاء مشروع قانون طرحه حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يقوده الرئيس رجب طيب أردوغان. ويعبد مشروع القانون الذي من المتوقع أن يصادق عليه البرلمان، الطريق لتضييق الخناق على حرية التعبير ويعرض الصحافيين لملاحقات قضائية.

وبعد قانون 'اهانة الرئيس' الذي بات سيفا مسلطا على رقاب كل من يتعرض للرئيس التركي بالنقد، من المتوقع أن يشكل القانون الجديد حول الإعلام، ذريعة أخرى لتكميم الأفواه وترهيب وسائل الإعلام، فيما تأتي مناقشته قبل انتخابات مقررة في يونيو/حزيران 2023 ويخوضها أردوغان وحزبه برصيد من النكسات السياسية والاقتصادية.

وانتقدت المعارضة التركية بشدة مشروع القانون، لكنها تبدو عاجزة عن تقويضه بسبب امتلاك الحزب الحاكم (صاحب مشروع القانون) الغالبية البرلمانية، ما يعني أنه سيتم في النهاية إقراره ليتحول إلى قانون نافذ.

ولن تنجح المعارضة في عرقلته، مع أغلبية 334 مقعدا في البرلمان لحزب العدالة والتنمية وحلفائه من أصل 581.

ونددت العديد من جمعيات ونقابات الصحافيين الثلاثاء بمشروع قانون يعاقب على "التضليل الإعلامي" باعتباره محاولة للرقابة من قبل الحكومة التركية، بينما من المقرر أن يبدأ البرلمان دراسة النص.

وتجمع عشرات الصحافيين الثلاثاء أمام البرلمان التركي في أنقرة يضعون كمامات سوداء ويحملون لافتات كُتب عليها "لا لقانون الرقابة" و"الصحافة الحرة شرط للديمقراطية".

وقال كمال أكتاش رئيس المراسلين بالبرلمان خلال التظاهرة "إذا تم إقرار مشروع القانون كما هو، فستكون حرية الصحافة والتعبير مقيدة في تركيا".

وينص المشروع على معاقبة "نشر معلومات مضللة" بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وثلاث سنوات وحرمان الصحافيين الذين ثبتت إدانتهم بارتكاب هذا الجرم من بطاقاتهم الصحافية.

وفي سبتمبر/أيلول، اعتمدت لجنتان برلمانيتان النص الذي طرحه نواب الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية، في البرلمان في نهاية مايو.

ويرى مراقبون أن الرئيس رجب طيب أردوغان يحاول ممارسة المزيد من السيطرة على الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي، قبل عام على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقرر إجراؤها في يونيو 2023.

وتتحدث المنظمات غير الحكومية المدافعة عن الصحافة وحرية التعبير بشكل متكرر عن تدهور حرية الصحافة في تركيا التي تحتل المرتبة 149 من أصل 180 في تصنيف حرية الصحافة لعام 2022 الذي نشرته مراسلون بلا حدود.

ويتعرض قطاع الصحافة في تركيا بالفعل لضغوط شديدة تمارسها السلطة التي صادرت وسائل إعلام وزجت بكثير من الصحافيين في السجن.

ويبدو أن توقيت طرح مشروع القانون للمصادقة عليه في البرلمان مدروس بحيث يسبق الاستحقاق الانتخابي ويمكن توظيفه لجهة ترهيب وسائل الإعلام ومنعها من التعرض لسياسات الرئيس التركي.

ولا توجد ضوابط تحدد فعل التضليل الإعلامي، فالعبارة تعتبر فضفاضة وتترك الباب مفتوحا لأجهزة الأمن والقضاء لتطويعها وتوظيفها بما يتناسب وأجندة الحزب الحاكم وبما يتيح في النهاية تكميم أفواه الصحافيين الذين اختبروا في السنوات الأخيرة ثمن الدخول في معركة مع النظام لضمان الحريات.