تونس تخالف توقعات التعثّر عن سداد ديونها الخارجية

خبير اقتصادي يكشف أن تحويلات التونسيين بالخارج وإيرادات السياحة لعبا دورا هاما في إيفاء تونس بتعهداتها المالية.

تونس - أكد الخبير الاقتصادي التونسي محسن حسن أن بلاده خالفت توقعات عدد من وكالات التصنيف الدولية بالتعثر عن سداد ديونها الخارجية، كاشفا أن البلاد قامت بتسديد للأقساط المستوجبة من الدين الخارجي للعام 2023 بالتعويل على مواردها الذاتية، مشيرا إلى أن الحفاظ على الاستقرار المالي يستوجب تنفيذ حزمة إصلاحات هيكلية.

وقال محسن في حديث لوكالة تونس أفريقيا للأنباء إن "عدم تعثر تونس في سداد ديونها يرجع إلى عدد من الأسباب من بينها تحويلات التونسيين بالخارج التي بلغت في 30 يونيو/حزيران الماضي 3915 مليون دينار (1240 مليون دولار) وهو ما أدى إلى تغطية الدين الخارجي بشكل تام".

وأوضح أن "هذه التحويلات تشكل مصدرا مهما للعملة الصعبة في تونس"، لافتا إلى أن "السلطات التونسية مطالبة اليوم بالانتباه إلى هذا المصدر من خلال تحديد الدولة لكلفة الرسوم البنكية والتكفل بنسبة منها وأيضا تمكين التونسيين بالخارج من فتح حسابات بالعملة الصعبة للادخار بنسبة فائدة عالية مقارنة بأوروبا، بالإضافة إلى تأهيل بنك تونس الخارجي، الذي لديه رخصة للعمل في كامل الاتحاد الأوروبي، بهدف لعب دور الوسيط بين التونسيين في الخارج وبلادهم".

وتابع أن "البلاد تمكنت من الإيفاء بتعهداتها المالية بفضل إيرادات القطاع السياحي التي بلغت في الستة الأشهر الأولى من العام 2023 نحو 2220 مليون دينار (703 مليون دولار)".

وأشار إلى أن "سعر صرف الدينار التونسي مقابل العملات الأجنبية والذي تحسن بنحو 0.48 في المئة وحافظ على استقراره على عكس الجنيه المصري والليرة التركية يعد أحد أسباب تمكن تونس من سداد خدمة الدين"، قائلا "تحسب هذه النقطة للسياسة النقدية في تونس لذلك وجب المحافظة على سعر صرف الدينار وحمايته من الهزات من خلال التنسيق الكامل بين البنك المركزي والحكومة أي بين السياسات النقدية والحكومية".

وقال الخبير الاقتصادي إنه "رغم عدم توصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي إلا أنها تحصلت على بعض القروض مثل السعودية"، مشيرا إلى أن "هذه القروض ساهمت في تحسين احتياطي البلاد من النقد الأجنبي وبالتالي إيفاء تونس بتعهداتها لتبتعد عن التعثر والمحافظة على سمعتها التجارية".

ووقعت تونس والسعودية في يوليو/تموز الماضي اتفاقية تمويل تتضمن قرضا ميسّرا بقيمة 400 مليون دولار ومنحة تبلغ 100 مليون دولار، في مبادرة من المملكة لمساعدة البلاد على مواجهة أزمتها الاقتصادية.

وأوضح محسن حسن أن البلاد عولت على مصادرها الذاتيه ونجحت في الحفاظ على استقرارها المالي، محذرا من عدم القيام بإصلاحات اقتصادية تعيد الثقة وتخلق النمو وتحقق التوازنات الكبرى.

ودعا إلى "مراجعة السياسات القطاعية على غرار الزراعة"، لافتا إلى أن الإصلاحات الموجودة لا ترتقي إلى مرتبة اصلاح هيكلي، مشددا على ضرورة إعادة تنشيط لإنتاج الفوسفات بما يتيح تحقق الأهداف الوطنية.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد دعا التونسيين إلى التعويل على إمكانياتهم الذاتية، معلنا رفضه القاطع الرضوخ لإملاءات صندوق النقد الدولي خاصة المتعلقة بشروط رفع الدعم عن عدد من المواد الأساسية وشبهها بتقريب عود ثقاب مشتعل إلى مواد شديدة الانفجار.

وقال سعيد في تصريح سابق "يريدون المنّ علينا بـ 1.9 مليار دولار.. لا يمنّ علينا أحد نحن أصحاب كرامة".
ووصلت المفاوضات بين تونس وصندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار على مدى 4 سنوات، إلى طريق مسدود، فيما شدد الرئيس التونسي الذي رفض ضغوطا غربية لتسريع الاتفاق على أن "السلم الأهلي للبلاد خط أحمر".