جنازات قتلى حزب الله مشهد يومي في جنوب لبنان

إسرائيل تغتال قياديا في حزب الله كان مختصا في القدرات الصاروخية بالإضافة إلى اثنين من مسعفيه.

بيروت - نعى حزب الله اليوم الجمعة اثنين من مسعفيه ومقاتلا سقطوا في قصف إسرائيلي استهدف مركزا للدفاع المدني تابع له في جنوب لبنان، ما يرفع حصيلة قتلى الحزب المدعوم من إيران إلى أكثر من 190 قتيلا منذ اندلاع الاشتباكات على الحدود من بينهم قيادات عسكرية بارزة، فيما اقتصر رده على الهجمات الإسرائيلية على استهداف تجهيزات رغم تهديداته المتكررة بأن الدولة العبرية ستدفع الثمن.

وشهدت المنطقة الحدودية جنوب لبنان منذ ساعات الصباح الأولى استهداف بلدة الوزاني برشقات رشاشة غزيرة وعدد من قذائف المدفعية الإسرائيلية، كما تعرضت أطراف بلدة يارون لقصف مدفعي وبليدا لغارة من الطيران المسيّر، وفق شهود عيان.

بدوره قال الجيش الإسرائيلي مساء الخميس إنه رصد مقاتلين "دخلوا مبنى عسكرياً" تابعاً لحزب الله في بلدة بليدا القريبة من الحدود، مضيفاً أنه "بعد الرصد تم استنفار طائرات مقاتلة هاجمت المبنى"، فيما أعلنت الجماعة اللبنانية ردها على الاستهداف بقصف موقعين عسكريين إسرائيليين.

وأفادت المديرية العامة للدفاع المدني في الهيئة الصحية الاسلامية التابعة لحزب الله في بيان بسقوط "شهيدين من عناصرها بعدوانٍ صهيوني مباشر استهدف مركز الدفاع المدني في بليدا"، ما أدى إلى "تدمير المركز الصحي إضافة إلى عدد من سيارات الاسعاف".

وفي بيان آخر، أعلن حزب الله مقتل أحد عناصره من بلدة بليدا وقال إنه "ارتقى شهيداً على طريق القدس" وهي عبارة يستخدمها للحزب لنعي عناصره الذين يقتلون بنيران إسرائيلية منذ بدء التصعيد عبر الحدود.

وقال مصدر أمني إن الضربة الإسرائيلية ليل الخميس "استهدفت مركزا للهيئة الصحية في بلدة بليدا"، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخر بجروح.

وفي وقت متأخر الخميس أعلن حزب الله في بيان استهدافه بصواريخ ثكنة عسكرية في هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل وذلك "رداً على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والمنازل المدنية وآخرها الاعتداء على مركز الدفاع المدني في بليدا".

وفي بيان آخر صباح الجمعة أعلن تنفيذه "هجوماً جوياً بمسيرتين انقضاضيتين على مقر قيادة" تابع للجيش الإسرائيلي في كريات شمونة، رداً على الضربات الإسرائيلية الأخيرة.

وأدانت وزارة الصحة اللبنانية "الاعتداء الذي تعرض له بشكل مباشر" مركز الدفاع المدني، ودعت المجتمع الدولي إلى محاسبة إسرائيل على تلك "الخروقات الخطرة".

وفي الدعوة لتشييعهما، قدّم حزب الله أحدهما على أنه "الشهيد القائد" حسن محمود صالح. وبحسب مصدر أمني، فإن نشاط صالح كان يتعلق بالقدرات الصاروخية التابعة للحزب.

وكانت إسرائيل قد اغتالت الشهر الماضي كلا من القيادي في حزب الله وسام الطويل الذين كان ينتمي إلى قوة الرضوان وعلي حسين برجي قائد الوحدة الجوية، في ضربة موجعة للجماعة اللبنانية.

ومنذ اليوم التالي للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين تشهد الحدود اللبنانية تصعيداً بين حزب الله وإسرائيل.

ومنذ بدء التصعيد، قتل 276 شخصا في لبنان بينهم 191 عنصرا من حزب الله و44 مدنيا، ضمنهم ثلاثة صحافيين. وفي إسرائيل، أحصى الجيش مقتل عشرة جنود وستة مدنيين.

وفي أقصى شمال إسرائيل تبدو مدينة كريات شمونة شبه مقفرة فيما متاجر قليلة جدا تواصل عملها وسط حركة نشطة للآليات العسكرية المتوجهة إلى قواعد قرب الحدود مع لبنان.

وفي الشوارع يكاد عدد القطط يفوق عدد المارة، لكن في شارع خلفي مهجور تتجمع حفنة من العاملين في مركز اتصالات عند نوافذ مطبخ مكتبهم، حاملين هواتفهم وأكواب القهوة ويراقبون حركة الشارع الخجولة.

ويقول حسام ولي مسؤول فريق الدعم الفني في الشركة "لم يسبق أن رأيت كريات شمونة على هذا النحو"، مضيفا "إنها أشبه بمدينة أشباح ... هذا يذكرني بزمن كورونا، لكن حينها كنت أرى أشخاصا يمشون في الخارج أو على شرفات منازلهم، اليوم لا يوجد أحد".

وعلى بعد أكثر من 200 كيلومتر إلى الشمال، يجهز الجيش نفسه لاحتمال نشوب حرب مع حزب الله اللبناني حليف حماس والموالي لإيران.

وعمل ولي وزملاؤه من المنزل مدة شهرين خوفا من احتمال فتح جبهة ثانية في الشمال لكن سمح لهم بالعودة للعمل من المكتب في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن بعض زملائهم قرروا عدم العودة والعمل من طبريا أو القدس أو تل أبيب وحتى إيلات في أقصى الجنوب.

وقرر ولي أن يأتي إلى المكتب والمرور عبر الحواجز العسكرية من قريته في هضبة الجولان المحتلة باتجاه الشرق، ليكسر رتابة العمل عن بعد وشعور العزلة.

ومع استمرار مهام العمل من قبيل مساعدة العملاء الذين يواجهون مشاكل في اتصالات الإنترنت أو الهاتف، يبقى تهديد الحرب حاضرا في الأذهان.

ويقول ولي وهو أب لطفلين "لا نعرف ما إذا كانت الحرب ستندلع أما لا، لا أحد يعلم ... الانتظار حقا صعب" وتؤكد زميلته مليا حاصباني البالغة 27 عاما "هذا الأمر في أذهاننا دائما".

وتقطع حاصباني يوميا مسافة 100 كيلومتر ذهابا وإيابا من طبريا إلى كريات شمونة. وقد واظبت على ذلك حتى خلال الأشهر الأربعة الماضية وتقول "عندما أكون هنا في المكتب يبدو الوضع طبيعيا أكثر"، مضيفة "الأجواء في العمل أفضل بكثير، نحن بحاجة للالتقاء بالناس".

وبالنسبة للموظفين، غالبا ما يتخذ قرار البقاء في المنطقة من منطلق عملي مثل المسؤوليات تجاه الآباء المسنين والأسرة.

ويقول آخرون إنهم لا يريدون الإقامة في غرفة فندق مع عائلاتهم في مكان آخر من البلاد وسط حالة من عدم اليقين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن كريات شمونة تعرضت الخميس مجددا لعدة صواريخ أطلقت من لبنان ولم تسجل إصابات لكن شكل ذلك تذكيرا قويا بالتهديد الآتي من وراء التلال على الرغم من الهدوء الخادع.

ويأمل المتواجدون في المكتب أن ينتهي التهديد وأن تختفي حالة عدم اليقين وتعود الحياة إلى طبيعتها ويقول ولي "الشيء الجيد الوحيد أن مواقف السيارات مجانية في الوقت الحالي، يمكننا ركن السيارة أينما نريد".