خامنئي يحذر ظريف من التماهي مع أعداء إيران

المرشد الأعلى يعتبر أنه لا فرق بين ما صرح به ظريف وما تردده وسائل إعلام معادية للجمهورية الإسلامية لاسيما المنصات الأميركية، وذلك بعد أسبوع من انتقاد وزير الخارجية لسياسة الدولة في إعطاء الأولوية للميدان العسكري على حساب الدبلوماسية.
خامنئي يصف تصريحات ظريف بالخطأ الكبير

طهران - هاجم المرشد الأعلى علي خامنئي اليوم الأحد وزير الخارجية محمد جواد ظريف في أول رد فعل له على تسجيل صوتي مسرب للأخير نشرته وسائل إعلام خارج إيران، معتبرا أن ما جاء على لسان قائد الدبلوماسية الإيرانية يتماهى مع ما ينشره 'أعداء' الجمهورية الإسلامية.

واعتبر خامنئي الذي يهيمن على المؤسستين الدينية والسياسية في إيران، أن بعض ما ورد على لسان ظريف يشكّل "خطأ كبيرا"، وذلك بعد أسبوع من تسريب تسجيل صوتي لوزير الخارجية ومهندس الاتفاق النووي الإيراني تحدث خلاله عن نفوذ الحرس الثوري الإيراني في السياسية الخارجية لطهران وتدخلات قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني الذي قتل في غارة أميركية مطلع العام 2020، لجهة تقويض المفاوضات النووية.

وقال في خطاب متلفز "سياسات البلاد تتشكل من خطط اقتصادية، عسكرية، اجتماعية، علمية، وثقافية، بما فيها العلاقات الخارجية والدبلوماسية"، معتبرا القول بأن "جزءا واحدا ينفي الآخر أو أن الآخر يعارض هذا، ليس له معنى. هذا خطأ كبير يجب ألا يرتكبه مسؤول في الجمهورية الإسلامية".

وأضاف "سمعنا تعليقات من بعض مسؤولي البلاد كانت سببا للدهشة والأسف. سمعنا أن وسائل إعلام معادية للجمهورية الإسلامية نشرت أيضا هذه التعليقات"، معتبرا أن "بعض هذه التصريحات كانت تكرارا لتعليقات عدائية من قبل أعدائنا" لا سيما الولايات المتحدة، العدو الأبرز للجمهورية الإسلامية.

وجاء نشر التسجيل قبل أقل من شهرين على الانتخابات الرئاسية وفي ظل مباحثات مع القوى الدولية الكبرى لإحياء الاتفاق حول برنامج طهران النووي الذي كان ظريف أبرز مهندسيه.

ولقيت التصريحات المسرّبة انتقادات حادة من المحافظين المعارضين لحكومة الرئيس الإصلاحي حسن روحاني.

ويقول ظريف، وفق مقتطفات أوردتها صحيفة 'نيويورك تايمز' الأميركية التي قالت إنها حصلت على نسخة من التسجيل، إن "في الجمهورية الإٍسلامية الميدان العسكري هو الذي يحكم.. لقد ضحيت بالدبلوماسية من أجل الميدان العسكري، بدل أن يخدم الميدان الدبلوماسية".

دور تنفيذي لوزارة الخارجية

وشدد المرشد الأعلى، صاحب الكلمة الفصل في السياسات الاستراتيجية، على أن وزارة الخارجية لا تتولى بمفردها تحديد السياسة الخارجية للبلاد.

وأوضح "السياسة الخارجية في كل مكان تحددها المؤسسات الأعلى من وزارة الخارجية. المسؤولون البارزون هم من يحددون السياسة الخارجية، بالطبع وزارة الخارجية تشارك أيضا".

وأكد أن الوزارة "هي المنفذة"، مضيفا "ثمة المجلس الأعلى للأمن القومي. كل المسؤولين موجودين (فيه). القرارات تتخذ وعلى وزارة الخارجية أن تنفذها وتدفع بها من خلال وسائلها الخاصة".

خامنئي يوبخ ظريف بعد تصريحات مست النظام الإيراني
خامنئي يوبخ ظريف بعد تصريحات مست النظام الإيراني

وسبق لوزارة الخارجية أن أكدت أن التسجيل مقتطع من حديث يمتد سبع ساعات، وأتى في إطار توثيق عهد روحاني الذي يقترب من اتمام ولايتين متتاليتين في منصب الرئاسة.

وأفاد المتحدث باسم الوزارة في تصريحات سابقة أن التسجيل لم يكن معدا للنشر وتضمن "آراء شخصية".

كما أفاد المتحدث باسم الحكومة أن الرئيس روحاني طلب التحقيق في "مؤامرة" نشر التسجيل الصوتي، واصفا إياها بأنها عملية "سرقة".

وسارع ظريف بعد خطاب خامنئي، الى التأكيد أن ملاحظات المرشد الأعلى "هي دائما، بالنسبة إلي ولزملائي، فصل الكلام والنقطة النهائية لنقاشات الخبراء".

وأبدى في منشور عبر حسابه على انستغرام أرفقه بصورة تجمعه بخامنئي، أسفه لأن "بعض آرائي الخاصة تم نشرها بشكل سري واستغلالها بشكل انتقائي" من قبل المناهضين لإيران، وأثارت "قلق القائد الأعلى".

وأبدى وزير الخارجية أمله في أن يتمكن من العمل "بعقل واحد وقلب واحد" الى جانب المسؤولين الآخرين، "لتنفيذ أوامر القائد الأعلى من أجل تقدم إيران العزيزة بشكل مثالي".

وكان ظريف طلب صباح الأحد منشور على انستغرام، "الصفح" من عائلة سليماني، بعدما سبق له في الأيام الماضية التشديد على العلاقة الوثيقة والتعاون اللذين جمعاهما.

ورأى أن التسريب "جرح المشاعر الصادقة لمحبي الشهيد البارز اللواء قاسم سليماني وعائلته، خصوصا ابنته زينب التي تعزّ عليّ كأولادي".

وأضاف "لقد سامحتُ كل من أعتقد انه اتهمني وآمل أن يسامحني أيضا شعب إيران العظيم، وكل محبي السردار (لقب الضباط الكبار في الحرس)، وخصوصا عائلة سليماني النبيلة".

وكانت زينب سليماني نشرت عبر حسابها على تويتر الثلاثاء، صورة تظهر يد والدها بعيد اغتياله قرب مطار بغداد في الثالث من يناير/كانون الثاني 2020 بضربة جوية أميركية، مرفقة إياها بتعليق "الكلفة (التي دفعها) الميدان من أجل الدبلوماسية".

ويحظى سليماني بمكانة عالية في إيران خصوصا بعد اغتياله. وهو تولى لأعوام طويلة قيادة قوة القدس في الحرس الثوري الموكلة بالعمليات الخارجية، ويعد من أبرز مهندسي السياسة الإقليمية للجمهورية الإسلامية.

وأبرز خامنئي الذي جمعته علاقة وثيقة خاصة بالقائد العسكري الراحل، أهمية دور قوة القدس في المجال الإقليمي.

وقال "كان الأميركيون غير راضين بشدة عن التأثير المعنوي لإيران في المنطقة منذ سنين. ولهذا كانوا مستائين من قوة القدس والشهيد سليماني، ولهذا أيضا اغتالوا الشهيد سليماني"، مضيفا أن "قوة القدس حققت السياسة المستقلة للجمهورية الإسلامية في غرب آسيا".