خلاف بين الدول الأوروبية بشأن تمويل الأونروا

موظفو الأونروا الذين طالتهم الاتهامات يرفضون المزاعم الاسرائيلية بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

بروكسل - علق الاتحاد الأوروبي وهو جهة مانحة رئيسية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، التمويل حتى نهاية شهر شباط/فبراير الجار، وسط انقسام في في وجهات النظر داخل التكتل حيث ترى دول الأمر عاجلا، في حين تحذر أخرى من أن ذلك يمثل عقابا جماعيا للفلسطينيين.

وأعلن الاتحاد الأوروبي إعادة النظر في التمويل الذي يقدمه للوكالة في أعقاب مزاعم إسرائيلية بتورط عدد من موظفيها في الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وطالب الاتحاد الأوربي بإجراء "تدقيق عاجل" في أعقاب مزاعم السلطات الإسرائيلية بمشاركة موظفي أونروا في هجوم حماس. وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إريك مامير “الأمر الواضح بجلاء هو أن هذه التحركات عاجلة. إنها مهمة ويتعين الشروع فيها دون تأخير.”

وذكرت المفوضية في بيان أنه يتعين أن يقود عملية التدقيق خبراء يعينهم الاتحاد الأوروبي، وأن تجرى العملية جنبا إلى جنب مع التحقيق الذي تجريه الأمم المتحدة في الأمر. وفي الوقت نفسه، أكد البيان أن المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية “سوف تتواصل، دون توقف من خلال المنظمات الشريكة”.

وحذرت الوكالة السبت من أن قطاع غزة يشهد كارثة غير مسبوقة، مع تواصل الحرب منذ نحو 4 أشهر. وقالت عبر حسابها على منصة إكس إن سكان القطاع "يموتون أمام أعين العالم".

ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن ملف إسرائيلي أن 10 بالمئة من موظفي الأونروا الفلسطينيين “لديهم علاقات وثيقة” بـ “منظمات إرهابية” في قطاع غزة. بينما أشارت صحيفة “نيويورك تايمز” في وقت سابق، استنادا للمزاعم الإسرائيلية أيضا، أن أحد موظفي الأونروا تورط في اختطاف امرأة من إسرائيل، وقام آخر بتوزيع ذخيرة، في حين تورط ثالث في مجزرة أودت بحياة 97 شخصا في تجمع استيطاني.

ويتضمن الملف الإسرائيلي مزاعم ضد 12 من موظفي الأونروا، تصنفهم واشنطن على أنهم جديرون بالثقة.

وأصدر موظفو الأونروا الذين طالتهم الاتهامات بيانا للرأي العام، أعربوا فيه عن رفضهم التام للاتهامات. وجاء في البيان "نعرب عن بالغ استغرابنا من القرار الذي يتحدث عن فصلنا من وظيفتنا وعملنا بوكالة "الأونروا" بناء على ادعاء كاذب من جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم مشاركتنا في أحداث السابع من أكتوبر 2023". وأضافوا "تجاه ذلك نود التأكيد على رسالتنا التعليمية السامية التي لطالما قدمنا من أجلها أجمل سنوات أعمارنا. ونعبر عن رفضنا الكامل لهذه الاتهامات التي ليس لها أساس من الصحة، ولأي قرارات تنبني على هذه الاتهامات غير الصحيحة".

وتابعوا "نؤكد أن ما يتم تداوله في وسائل الإعلام ونشر صورنا بهذا الخصوص هو عبارة عن أكاذيب. ونطالب الأمم المتحدة وإدارة وكالة "الأونروا" بإجراء تحقيق فوري وعاجل بهذا الخصوص وتقديم الدلائل التي يزعم الاحتلال من خلالها بأننا شاركنا في أحداث السابع من أكتوبر 2023 وهو ما ننفيه قطعيا".

وأنهت الأونروا عقود العديد من موظفيها إثر الاتهامات الإسرائيلية، وهي الاتهامات التي دفعت العديد من الدول المانحة، مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا واليابان، إلى تعليق التمويل.

ووصف المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني تعليق التمويل للوكالة بأنه صادم، وشدد على أن أكثر من مليوني نسمة في غزة “يعتمدون على الأونروا من أجل البقاء على قيد الحياة”. ودعا لازاريني الدول التي علقت التمويل إلى “إعادة النظر في قرارتها”. وقالت الأونروا إنها مجبرة على إنهاء عملياتها خلال شهر ما لم يتم إعادة التمويل.

ووصف منسق الإغاثة في حالات الطوارئ بالأمم المتحدة مارتن جريفيث، الأونروا بأنها “حجر الزاوية” في تقديم الرعاية الإنسانية لسكان قطاع غزة. وقال جريفيث أمام جلسة مجلس الأمن الدولي في نيويورك الأربعاء الماضي إن ما تقوم به الأونروا من عمل منقذ حياة في أثناء الحرب “لا يجب تعريضه للخطر بسبب مزاعم تتعلق بقلة من موظفي الوكالة.”
وأعرب عن فزعه إزاء المزاعم الإسرائيلية، وقال إنه يتعين بذل الجهود لضمان تحقيق مطالب العالم في وجود منظمة محايدة سياسيا.

ومن جانبه، تعهد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، بإجراء مراجعة عاجلة ومستقلة للأونروا، ولكنه ناشد الدول المانحة “ضمان استمرار” الوكالة في نشاطها من أجل “السكان البائسين” الذين تخدمهم.

وحذر الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي أمام قمة أوروبية عقدت الخميس الماضي، من هلاك مئات الآلاف من البشر حال تعليق التمويل للأونروا.

وشدد بوريل  “إنكم تعاقبون جميع الفلسطينيين بتعليق التمويل للأونروا. ليس هناك بديل للأونروا، إذا ما كنتم تريدون أن يبقى هؤلاء الناس على قيد الحياة. ولذلك، لا عقوبة جماعية للفلسطينيين.”

وقال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي "الآن هو الوقت الخطأ تماماً لوقف تمويل الأونروا". وأضاف أن "النرويج تلتزم بقوة بالتزامها بمواصلة تمويل هذه الوكالة المهمة وللشعب الفلسطيني".

في المقابل أعلنت وزارة الخارجية في رومانيا يوم الاثنين الماضي تعليق المدفوعات التطوعية التي تقدمها للأونروا. “لحين انتهاء التحقيق (في الاتهامات الإسرائيلية).”

ولا تعتزم كرواتيا تقديم أي مساعدات للأونروا خلال عام 2024 وقالت وزارة الخارجية الكرواتية في وقت سابق إن البلاد قدمت مساعدات “بشكل استثنائي فحسب، واستجابة لمناشدات”.

أما وزارة الخارجية النمساوية، فذكرت أن “المزاعم (الإسرائيلية ضد الأونروا) صادمة ومزعجة للغاية”، وأعلنت في بيان تعليق جميع مساعداتها للأونروا “لحين توضيح هذه المزاعم بشكل تام”.

وقررت السويد، وهي حليف تقليدي قوي للأونروا، تعليق التمويل للوكالة الأممية، في حيت تجري الوكالة السويدية للتنمية الدولية تحقيقا في الأمر. وقال رئيس وزراء السويد أولف كريستيرسون “أؤيد الرأي بأن الوضع الإنساني في قطاع غزة مروع. تريد السويد أن تساعد السكان المدنيين، ولكن يتعين علينا التأكد من أنه لا يتم استخدام هذا الدعم في أعمال مشينة”.

كما طالبت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك التي علقت المساعدات للأونروا مؤقتا، بإجراء تحقيق عاجل، وقالت في برلين الأربعاء الماضي: “ببساطة، الوضع في غزة جحيم”، وأوضحت أن الأونروا هي الجهة الوحيدة التي تقدم إمدادات لغزة، حيث إن جميع المنظمات الإغاثية في القطاع “لا يمكن أن تعمل في الوقت الحالي”.

وكانت ألمانيا قدمت للأونروا 206.5  مليون يورو (223 مليون دولار) العام الماضي. ووفقا لوزارة الخارجية الألمانية، لن تسمح برلين بأي مساعدات للوكالة أثناء فترة إجراء التحقيق في المزاعم الإسرائيلية. وعلى أية حال، لا توجد التزامات وشيكة حاليا.

وطالب حزب الشعب الأوروبي بإجراء نقاش في مزاعم إسرائيل بمشاركة موظفين من الأونروا في هجمات حماس، وذلك بمقر المجلس في ستراسبورج، بحسب تغريدة للنائب الأوروبي السويدي ديفيد ليجا، عضو لجنة الشؤون الخارجية وحقوق الإنسان بالمجلس، على موقع “إكس”  وأضاف “لا يمكن أن تمضي الأمور كالمعتاد- يتعين علينا أن نتوقف بشكل نهائي عن تمويل الإرهاب”.