رئيسي في اسلام أباد لتهدئة التوتر بين إيران وباكستان

زيارة رئيسي مهمة من الناحية الاقتصادية وفيما يتعلق بإدارة الحدود والانتقال إلى ممارسات تجارية أكثر توحيدًا ما سيقلل من التجارة غير الرسمية والتهريب.

إسلام اباد – بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي زيارة إلى باكستان الاثنين لتعزيز “التعاون” التجاري والدبلوماسي مع الدولة الجارة بعد توتر وضربات متبادلة عبر الحدود في كانون الثاني/يناير حيث تسعى الدولتان إلى إصلاح العلاقات والتقليل من مستوى عدم الثقة بينهما إذ تجمعهما عدد من الملفات الأمنية والاقتصادية المشتركة.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان “الرئيس الإيراني ترافقه زوجته ووفد رفيع المستوى” مضيفة أن الوفد يضم أيضا وزير الخارجية وأعضاء آخرين في الحكومة ومسؤولين كبار. وأضافت أن رئيسي سيلتقي برئيس الوزراء شهباز شريف ومسؤولين آخرين إلى جانب زيارة مدينة لاهور بشرق البلاد ومدينة كراتشي الساحلية بجنوب البلاد.

وأغلقت السلطات طرقا سريعة رئيسية في إسلام اباد في إطار الإجراءات الأمنية استعدادا لوصول رئيسي وأعلنت الحكومة عطلة رسمية في كراتشي.

وتمثل زيارة رئيسي خطوة رئيسية نحو تطبيع العلاقات مع إسلام اباد، لكن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي وليس الرئيس، هو من له القول الفصل في شؤون الدولة الأساسية مثل السياسة النووية.

ورأت الدبلوماسية الباكستانية السابقة والخبيرة في مجال العلاقات الدولية مليحة لودهي، أن هذه الزيارة “تمثل فرصة لإعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح وإصلاح الضرر الذي حدث في كانون الثاني/يناير”.

وشهدت العلاقات بين إيران وباكستان توترا حادا لكن موقتا مطلع العام، على خلفية عمليات تنفذها جماعات متشددة في جنوب شرق إيران في المناطق الحدودية مع باكستان.

ونفّذت جماعة “جيش العدل” التي تشكّلت عام 2012 سلسلة هجمات في جنوب شرق إيران في السنوات الأخيرة. وتصنّفها طهران وواشنطن بأنّها “منظمة إرهابية”، وتشتبه بأن الجماعة تنفّذ عملياتها انطلاقا من قواعد خلفية في باكستان المجاورة.

وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم على مركز للشرطة في راسك، أسفر عن مقتل 11 شرطياً إيرانياً. وفي منتصف كانون الثاني/يناير، أعلنت طهران تنفيذ ضربة جوية وصاروخية ضد مقرات لجماعة “جيش العدل” داخل الأراضي الباكستانية، مؤكدة أنها استهدفت “مجموعة إرهابية إيرانية”.

وأثار القصف الإيراني توترا بين طهران وإسلام آباد، اذ قامت باكستان بعد أيام بشنّ ضربات جوية قالت إنها استهدفت “ملاذات إرهابية” في مناطق قرب حدودها داخل الأراضي الإيرانية. وبعد أيام، اتفق البلدان على “خفض” التوتر بينهما، وتعهدا عدم السماح “للإرهاب بتهديد” علاقتهما.

وقالت لودهي إن من خلال هذه الزيارة التي سبقتها في نهاية كانون الثاني/يناير زيارة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى إسلام آباد، يريد البلدان “الاتفاق على طريقة لإدارة (التوترات على) الحدود تسمح بالحد من الحوادث من نوع تلك التي وقعت في كانون الثاني/يناير”.

وأدى القصف الإيراني والضربات الباكستانية في كانون الثاني/يناير لمقتل 11 شخصا لدى الجانبين، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب السلطات.

وغالباً ما تتبادل إيران وباكستان الاتهامات بشأن السماح للجماعات المتمرّدة باستخدام أراضي البلد الآخر لشن هجمات.

واعتبر الخبير في القضايا الأمنية قمر شيما أنّ الزيارة الجديدة تهدف إلى “تقليل انعدام الثقة” بين الطرفين. وأضاف “لكنها مهمة أيضًا من الناحية التجارية”، متوقعًا “تحسينات في إدارة الحدود والانتقال إلى ممارسات تجارية أكثر توحيدًا، ما سيقلل من التجارة غير الرسمية والتهريب”.

وأعلن رئيسي قبل مغادرته إيران أن هذه الزيارة تهدف إلى تعزيز التجارة بين البلدين ورفعها في نهاية المطاف إلى 10 مليارات دولار، مقارنة بحوالى 2.5 مليار دولار حالياً.

وشدّد على أنّ “علاقاتنا الاقتصادية ليست على مستوى علاقاتنا السياسية”.

كذلك سيبحث الطرفان مشروع إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز تقدّر كلفته بـ7.5 مليارات دولار وبدأ العمل فيه في العام 2013، لكن غياب الموارد المالية يحول دون إنجاز باكستان الشق المتعلق بها من المشروع.

ومنحت إسلام آباد في شباط/فبراير الضوء الأخضر لبدء إنشاء قسم أول بطول 80 كلم لتفادي دفع غرامات مقدّرة بمليارات الدولارات لطهران بسبب التأخر في انجاز الأعمال. الا أن واشنطن التي تفرض عقوبات اقتصادية واسعة على طهران، كررت في آذار/مارس معارضتها هذا المشروع.

ويتصاعد التوتر أيضا في الشرق الأوسط بعد أن شنت إيران هجوما غير مسبوق على إسرائيل قبل أسبوع وتعرض وسط إيران لما قالت مصادر إنه هجوم إسرائيلي يوم الجمعة.

وتربط باكستان علاقات أوثق بشكل عام ومنذ فترة طويلة بالسعودية والولايات المتحدة.

وأبرز اتفاق بين إيران وباكستان هو اتفاق إمدادات الغاز المعلق الذي تم توقيعه في 2010 لبناء خط أنابيب من حقل غاز جنوب فارس الإيراني إلى إقليمي بلوشستان والسند جنوب باكستان.

وعلى الرغم من حاجة باكستان الماسة للغاز إلا أن إسلام اباد لم تبدأ بعد في بناء الجزء الخاص بها من خط الأنابيب بسبب المخاوف من العقوبات الأميركية وهي مخاوف رفضتها طهران. وقالت باكستان إنها ستسعى للحصول على إعفاءات من الولايات المتحدة لكن واشنطن قالت إنها لا تدعم المشروع وحذرت من خطر الوقوع تحت طائلة العقوبات في التعامل مع طهران.

وبسبب احتمال فرض عقوبات على خرق عقد الاتفاق تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات، أعطت باكستان مؤخرا الضوء الأخضر لبناء خط الأنابيب بطول 80 كيلومترا.